كتاب 11

09:52 صباحًا EET

السعودية والحرب على الإرهاب

 أعلنت المملكة العربية السعودية الحرب على الإرهاب، عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمرا ملكيا يجرم كل من يقاتل خارج البلاد من السعوديين، ويحدد عقوبة السجن من ثلاث إلى 20 سنة. وفي تفاصيل الأمر الملكي، جاء تجريم المشاركة في أعمال قتالية خارج المملكة، أو الانتماء للتيارات أو الجماعات – وما في حكمها – سواء كانت دينية أم فكرية متطرفة أم المصنفة بوصفها منظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت.

وشمل الأمر الملكي تجريم كل من يفصح عن «التعاطف مع الجماعات والتيارات بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك، أو التشجيع عليه، أو الترويج له، بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة». وبيّن الأمر الملكي أنه «إذا كان مرتكب أي من الأفعال المشار إليها في هذا البند من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد عن ثلاثين سنة». وقرر الملك عبد الله تشكيل لجنة من وزارات الداخلية، والخارجية، والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والعدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، تكون مهمتها إعداد قائمة – تحدث دوريا – بالتيارات والجماعات المشار إليها في الأمر الملكي.

وجرى إدراج أربع منظمات ضمن المنظمات الإرهابية؛ وهي: الحوثيون، و«جبهة النصرة»، وحزب الله السعودي، والإخوان المسلمون.

ويجيء أمر الملك عبد الله لتسمية الأشياء بأسمائها ووضع النقاط على الحروف، في مكافحة هذه الآفة والوقوف بالمرصاد لمواجهة كل الإرهابيين الذين ينغصون حياة الآمنين، وينشرون الرعب، ويهددون الاستقرار.

إن المملكة العربية السعودية منذ أن أسسها الملك عبد العزيز، رحمه الله، هي بلد سلام وأمن، وكيف لا؛ وهي بلد مهبط الوحي وقبلة المسلمين ودعوة إبراهيم؟!

وعندما أصدرت السعودية هذه القرارات، بادرني سؤال في ذهني: ولماذا تصدر المملكة مثل هذه القوانين؟ وهي بلد الأمن والأمان والسلام والإسلام، وتاريخها يحفل بالمواقف المناهضة للإرهاب والعدوان، فهي الدولة التي أوقفت الحرب الأهلية في لبنان. وأقول إن المملكة هي التي اكتوت بنار الإرهاب حيث استهدفها الإرهابيون من مرتزقة إيران في مواسم الحج، وهي من تعرض سفيرها لدى لبنان لمحالة اغتيال على يد الإرهابيين! وشهدت فترة عصيبة من أعمال الإرهاب، ولكنها صمدت وقضت على الحركات الإرهابية في مهدها. وأيقنت أن المملكة العربية السعودية تهدف من وراء هذه القرارات إلى تأكيد المؤكد وإثبات المثبت.. تؤكد للعالم أنها كانت وما زالت بلد سلام وأمان. وما هذه القرارات إلا لترد على الإرهابيين الحقيقيين الذين يصنعون الإرهاب، ويصدرونه كحزب الله في لبنان، والنظام في سوريا، وما يقوم به النظام الإيراني من تهديد للاستقرار في المنطقة، وهذه رسالة واضحة المعالم للعالم بأسره.

إن أول دولة استهدفها الإرهاب هي المملكة العربية السعودية من قبل «القاعدة»، وإيران، عندما كانت تستغل حملات الحج لكي تدفع بالإرهابيين والمتفجرات إلى الأماكن المقدسة، وبعدها مارس النظام السوري الإرهاب في لبنان قبل أن يخرج، في سلسلة الاغتيالات المعروفة للجميع، والآن يتباكى النظامان السوري والإيراني على الإرهاب.

وحتى نزيح الستار أكثر عن جهة أخرى تقوم بصناعة الإرهاب، فلنعرف ماذا يحدث في سوريا والعراق. «جبهة النصرة» جاءت لتحارب النظام في سوريا، وها هي اليوم تنقسم على نفسها وتتحارب فيما بينها من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك قسم يحارب مع النظام في سوريا، وقسم آخر يحارب مع الجيش الحر، وكذلك منظمة «داعش». وفي العراق، تنقسم منظمة «داعش» إلى قسمين يحارب كل منهما الآخر من جانب، ومن جانب آخر قسم يحارب مع جيش المالكي، وقسم يحارب مع المقاتلين في الأنبار. أتريدون أن نصل إلى نظرية جديدة: إنهم يحاربون الإرهاب بالإرهاب؟ ما أبرع النظام السوري وإيران وحزب الله اللبناني في صناعة الإرهاب.

التعليقات