كتاب 11
قصير وأهبل
يا إلهي، طب وحياة دي النعمة يا عزيزي القارئ لم أكن أعلم أنك قصير القامة إلاَّ الآن، وذلك بعد هذا السيل من السباب والصياح، ولكن بالرغم من تطاولك عليَّ – وإن كان هذا هو المعتاد هذه الأيام- فقد وَجَب عليَّ (وعلى كل صاحب مقال أو مقام) التوضيح والكشف والشفافية، كما وجب عليك عزيزي القارئ التريث والتفكير وعدم الحكم على المقال من عنوانه أو الأمور بظاهرها أو الجماعة بإسمها، ومن هذا المنطلق (وفي نفس ذات الموقف)
فأولاً : طويلاً كنت أنت أم قصيراً عزيزي القارئ فإنك عندي “كبير المقام”، وكفى بمداومتك للقراءة لي ولغيري خير دليل، وثالثاً … (أحبك وإنت مصحصح يا عزيزي)، ثانياً يا سيدي أن كل ما في الأمر أنه أثناء إسترجاعي لمشاهد بعض “التجمعات” التي تطالب برجوع المعزول (سواء من منصبه أو في قفصه الزجاجي) وترفع صوره (حتى الآن)، ثم مشاهد لبعض الصبية الذين يتخذون من دور العِلم (إن كان مازال بها بعض العلم) درعاً لحمايتهم وملجاً للإندساس بين الجموع لقذف الأمن (وربما غيره) بالحجارة والمولوتوف وقليل من الخرطوش، ثم مشاهد وأصوات الفرقعات التي ماتصيبش وتدوش، وإن أصابت فغالبية ماتنالهم مجندين من عامة الشعب والذي لم ولن (ولم) تؤرقه تلك الأفعال السوداء الحقودة، وليقيني (أو على الأقل ترجيحي العقلي) أن تلك الجماعة المريضة الحقودة في قلب تلك المشاهد، تخطيطاً كان أو تنفيذاً أو دعماً مالياً أو كل ذلك، فقد إسترجعت مع هذه المشاهد مشهد مشهور من فيلم للفنان مدبولي ناصحاً مريضه النفسي (القصير) بتكرار جملة “أنا مش قصير قزعة، أنا طويل وأهبل” بصوت مرتفع وهو سائراً بالشوارع والميادين!، والمثير في الأمر أن ذاك المريض كان كبيراً في السن وبالرغم من ذلك لم تسعفه حكمة السنين عن عدم وقوعه في العناد الناتج عن الغباء متصوراً أنه الثبات الناتج عن الأمل!، ولكن يا تُرى هل مازال “المريض” مستمراً في نهجه حتى الآن، بالطبع نعم، لقد شَبّ وشاب على ذلك، وما تغير فيه إلا أنه لم يظل قصيراً، ……….. بل قصير وأهبل.