آراء حرة
رجا طلب يكتب : ماذا تبقى من الأردوغانية؟
نجح رجب طيب أردوغان إلى وقت قريب في رسم صورة لدى الجمهور العربي والاسلامي من خلال إلصاق نفسه بالقضية الفلسطينية، وقبلها كان إلصاق نفسه بالحلف الذي كان يوماً يسمي بـ”الممانعة” والمكون من سوريا وقطر وتركيا وحزب الله، والذي اتضح لاحقاً أنه لم يكن إلا تحالفاً انتهازياً قائماً على معاداة السعودية والدول الخليجية والأردن ومصر، وهو التحالف الذي مازال صامداً باسم دول الاعتدال العربي، فيما تهشم حلف الممانعة وانشطر إلى قسمين يخوضان الآن حرباً ضروساً غير مسبوقة بين أخوة الأمس الذين أصبحوا أعداء اليوم.
أردوغان كان يدرك أهمية إلصاق نفسه بالمشهد الفلسطيني واللبناني على أرضية إظهار العداء لإسرائيل، لقناعته بأن معاداة إسرائيل تجلب له أرباحاً صافية كشخص وكحزب، وكلنا يتذكر كيف افتعل أردوغان في “دافوس” مشادة كلامية مع شمعون بيريز أراد منها وأمام عشرات الكاميرات التلفزيونية التى كانت تغطي تلك الجلسة في منتدى “دافوس” الاقتصادي بسويسرا عام 2009 إظهار الندية والعداء مع رئيس الدولة في إسرائيل، أما في عام 2010 فقد أشرف هو شخصياً على مسرحية الباخرة “مرمرة”، ووضع مخطط المواجهة تحت عنوان كسر الحصار علي غزة وهو يدرك أن “مرمرة” ليست أكثر من دعاية لا يمكن لها أن تكسر ذلك الحصار الجائر، فهدفه الحقيقي من وراء “مرمرة” هو إعادة إنتاج نفسه وحزبه كقوة تواجه اسرائيل (اليوم يجرى ترتيب تطبيع العلاقات ودفع التعويضات للأتراك الذين قتلوا وإعادة التنسيق الأمني والاستخباري والتعاون العسكري)، فبعد 2006 ، وحادثة دافوس 2009 ، وباخرة مرمرة 2010، درج مصطلح الأردوغانية، أي السياسة التركية القريبة من القضايا العربية والمدافعة عنها، واعتقد كثيرون وحتى من الطبقة السياسية العليا في العالم العربي أن أردوغان وحزبه وكأنهما مشروع ثوري تركي ضد إسرائيل وسياساتها في المنطقة والإقليم، ولم يكن يخطر ببالهم أبداً أنه مشروع للهيمنة وتوسيع النفوذ التركي تحت يافطة مواجهة المشروع الإسرائيلي لاعتبارات تركية بحتة، ولاعتبارات حزبية تخص حزب العدالة والتنمية وهو حزب الإخوان المسلمين الإتراك، والذي كان يخفى وقتذاك طموحه لقيادة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
في عام 2011 بدأ ما سمي بالربيع العربي، وكانت مصر هي العامل الحاسم في كشف وفضح حقيقة الطموح العثماني لأردوغان متسربلاً عباءة الاخوان المسلمين، وفضحت تطورات ما بعد ثورة يناير و طبيعة الدور القطري – التركي – الأمريكي في “أخونة” المشهد في تونس وليبيا ومصر، وكانت ذروة “الأردوغانية” قد برزت بشكل فاضح عندما حملت الانتخابات الرئاسية محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، حيث أخذ يتعامل مع تلك النتيجة على أنها انتصار مباشر له ولحزبه، وكذلك كان حال قطر التى رمت “برقعها” وراء ظهرها، وأظهرت وجهها الحقيقي في امتطاء ظهر الإخوان المسلمين كأداة رخيصة لتنفيذ أجندتها في المنطقة.
بعد ثورة 30 يونيو 2013 خرج أردوغان ومعه “قناة الجزيرة” وقطر والولايات المتحدة التى اعتقدت أن الإسلام السياسي الإخواني هو البديل المناسب عن الانظمة القديمة، خرجوا كلهم عن “الرزانة” وخُلق الخلاف السياسي وأعُلنت الحرب على مصر والشعب المصري باسم الإسلام والإخوان المسلمين.
نجح أردوغان وحزبه في الانتخابات البلدية في تركيا، ولكن السؤال المطروح، هل أردوغان زعيم شعب أم ممثل حزب؟
من يري في الإسلام توجهاً محدداً هو الإخوان وفكر سيد قطب والعنف فيه، ومن يصادر الحريات العامة ويصادر فضاء الانترنت ويحجب أهم وسائل التواصل الاجتماعي في العالم مثل تويتر ويوتيوب، ولا يحترم القضاء في بلاده لأنه اختلف معه وأعاد تويتر للاستخدام، ولا يخجل من فساده وفساد نجله بلال على غرار عدي صدام حسين وأحمد نوري المالكي، هل يمكن ان يكون هذا الرجل زعيماً للأمة التركية؟
أردوغان و”الأردوغانية” سقطا في ساحات مصر العظيمة ّ!!