كتاب 11

09:20 صباحًا EET

أين حُمرة الخجل؟

هى بكل المقاييس صدمة ونكبة كبيرة، أن يصل الأمر بجريدتى المفضلة «المصرى اليوم» أن تحاور مدعياً وتنشر حواراً معه على صفحات عددها الصادر يوم الخميس الماضى (27 مارس)، وكم حاولت أن أعصر الليمون مثل مرات كثيرة، وأن أنسى، وأن أفوت وكل ما يمت بمعنى لعدم الرد على هذا الحوار.. حتى إن بعض الأصدقاء طلبوا منى عدم الرد وعندما استشعروا منى العزم على الرد أخذوا منى المواثيق والعهود على أننى لن أذكر اسم المدعى، بدعوى أننى إن ذكرت اسمه جعلته خصماً لى.. وينقلب الموضوع إلى كلمة منى وردٍّ منه، وتصبح خناقة على صفحات الجرائد، وممكن ربنا يكرمنا ونعمل كام حلقة فى كام قناة!! .

نعم آثرت فى العامين الماضيين عدم الرد على اتهامات علنية فى وسائل الإعلام المختلفة، إما من جاهل يسعى لشهرة بأى ثمن، أو حاقد ملأ الحقد قلبه عندما شاهد صورى تملأ ميدان التايمز بأمريكا، أو نصاب وجدها فرصة فى زحمة الثورة والفوضى الأخلاقية لكى ينتقم ممن كان يقف له بالمرصاد.. ولكن ما دفعنى للكتابة اليوم أمران لا ثالث لهما ولا دخل لهما بالهجوم على شخصى الضعيف أو تلفيق الاتهامات لى! الأمر الأول أن الحوار منشور على صفحات «المصرى اليوم»، التى وُلدت عملاقة بمصداقيتها، ولم أتصور أن تنزلق هذا المنزلق وترسل من يحاور مدعيا معروفا فى العالم كله، وتخاطبه المحاورة المحترمة رشا الطهطاوى بلقب الخبير الأثرى، وما هو بخبير، ولا هو بالأثرى.. أما الأمر الثانى الذى دعانى للكتابة والرد على هذا الحوار فهو أن هذا المدعى يعيش على الترويج لكتبه التى تزيف التاريخ المصرى، وأقل ما قاله من خزعبلات وأوهام وخيالات مريضة إن الأهرامات المصرية بنيت بارتباط وثيق مع مجموعة الأوريون النجمية (هل تذكرون قصص الكائنات الفضائية التى هبطت علينا من أجل سواد عيوننا لكى تبنى لنا الأهرامات وبعدها معجبهاش الحال فرحلت؟!)، ويقول المدعى إن الأهرامات تم بناؤها من خمسة عشر ألف سنة! أى أن التاريخ المصرى القديم وتاريخ الحضارة المصرية كله مزيف.. هل هذا الكلام واضح أم يحتاج إلى مزيد من الشرح؟..

أن يتهمنى أو يشتمنى أحد فأنا لا أهتم ولا أقف لكى أعطل حياتى وعملى من أجل الرد عليه، بل أدع كتبى ومقالاتى واكتشافاتى ترد بالنيابة عنى، لأنها أولاً وأخيراً سبب حقد هؤلاء وكرههم لشخصى المتواضع.. لقد قالها لى يوما المرحوم أنيس منصور عندما وجدنى حزينا من هجوم جنود إله الشر (ست) الموجودين فى كل زمان ومكان، قال لى أنيس منصور: «كلما هاجمك شخص فاحرص أن تعرف طوله أد إيه»!، وعندما سألته ضاحكاً متعجباً قال لى: «بعدها شوف طول مؤلفاتك أد إيه، ولو طلعت أطول من الذى يهاجمك فليس من حقك أن تحزن»!، والله من يومها وأنا مبزعلش! أما إذا تجرأ كائن من كان كبيرا أم صغيرا على النَيْل من مصر وتاريخها وحضارتها بأى شكل من الأشكال فأنا له بالمرصاد، ولذلك فلقد وقفت ضد ادعاءات المدعى سابق الذكر عندما امتنع كل علماء الآثار عن الرد على تخريفاته، بدعوى أنه ليست له صفة علمية للرد عليه.. لكنى رفضت أن أتركه ينشر تخاريفه عن حضارتى وقمت بفضحه فى كل مكان وتفنيد أكاذيبه بالعلم وبالآثار، وعندما كشفت عن جبانة العمال بناة الأهرامات فى الجيزة كانت الضربة القاضية، ليس فقط لهذا المدعى، ولكن لكل حاقد على حضارتنا القديمة.

رأينا حرامية من ألمانيا يدخلون الحجرات الخمس.. وبكل سهولة يخرجون شواكيش ويأخذون العينة تلو الأخرى، وقد حرصوا على أن نراهم بكاميراتهم هم المصاحبة لهم، وبعدها فارقونا بابتسامة عريضة.. وبعد أن أذاعوا هم الفيديو وقامت الدنيا، وقُبض على من سهّل لهم وعاونهم وحققت النيابة، وحُبس من حُبس وصارت قضية واعترف الجميع بأن ذلك كله حدث فى إبريل 2013، وأنا أستمتع بعامى الثانى على المعاش!! يأتى هذا المدعى ليقنعنا بأن ما رأيناه ليس حقيقيا!! وأن الموضوع لا فيه ألمان ولا حاجة.. أين حُمرة الخجل؟

التعليقات