آراء حرة
د.عاطف عتمان يكتب : هل لليتيم الأقرع من نصيب أم فاز كثيف الشعر؟
أول أبريل يأتي يوم اليتيم. لن أتطرق إلى الجدل العقيم ،هل هو حلال أم حرام، لابد من تجاوز تلك الدائرة المفرغة من أراد أن يكرم أو يكرّم اليتيم فليفعل ومن لا يريد فهو وشأنه.
ولا يعنى ذهابك يوم في العام لتتذكر فيه اليتيم أن تتركه طوال العام ؛ فاليوم رمز يتذكر من نسي ، ويجدد العهد فيه من حافظ على كفالة يتيم. هو يوم لتسليط الضوء على قضية اليتم ومحاولة خلق حالة من البهجة لأيتام الملاجىء خاصة. القضية الأهم والتي أود مناقشة الموضوع من خلالها هي كيف نفهم الإسلام وكيف نعي النص ومدلوله وعمق المقصد منه؟ فى البداية بما أنني تربيت يتيما وأعي جيدا معنى اليتم وأرفض الشفقة أو المنّ بنظرة العطف.
فلقد فهم الكثير منا حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالمسح على شعر اليتيم فهم قاصر ومبتور ، وهنا تأتى مشكلة تلك المدرسة التي تأخذ النص بذاته دون النظر لمعناه أو مقصده وتتجاهل أصول في اللغة كالكناية والتشبيه وغيرهما. إن استعمل أحد الفقهاء وأكرر أحد الفقهاء وليس العامة العقل والنصوص الأخرى في فهم مقصد النص قد يتهم إما برد قول الله ورسوله أو بالبدعة أو….. إلى أخره. خفت قبل ذلك أن أفتح هذا الباب وخوفي لم يكن من الجامدين أو المقلدين ولكنى خفت أن أخوض في قول لرسول الله المعصوم عليه الصلاة والسلام وخاصة أنني لست من أهل العلم الشرعي إلى أن قرأت اليوم جزء مما يجول بخاطري من سنوات في كلمات للعلامة الشيخ الحبيب على الجفري وهذا نص الكلمات : في زيارة لدار الأيتام مددت يدي لأمسح رأس يتيم عملا بالسنّة .
فنفر وابتعد برأسه ولمحت في عينية ألما ينطق صارخا: كفاكم تذكيرا لنا بيتمنا .. فلمست كيف يؤدي التطبيق الآلي للتعاليم السمحة إلى نتيجة تناقض مقاصدها .. (فضيلة مسحُ رأس اليتيم هي تعبير عن فيض المحبة والحنان يسري من القلب إلى القلب عبر يدك ورأسه) ومن هنا يتضح أن المشكلة ليست مع النص بل مع فهم النص ، فكلام المعصوم عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى عقل وبصيرة ،فهو عليه الصلاة والسلام من أوتي جوامع الكلم. هل المقصود بمسح الشعر مسحه وأحيانا تذكير اليتيم بذلك بحجة سنيّة الفعل؟ وهل عدد الحسنات بعدد الشعر الفعلي؟ وإن كان كذلك فكثيف الشعر أكثر ثوابا من خفيف الشعر وما بال اليتيم الأقرع إذا؟ بعض الناس يذهب لملجأ للأيتام وكل همه المرور بيديه على شعر كل نزلاء الملجأ…..!!!! دون النظر هل هذا هو المقصود من قول النبي عليه الصلاة والسلام أو إن كان هذا يسعد اليتيم أو يجرح إحساسه. لا أتكلم عن أحكام شرعية فلست أهل لذلك ولكنى أغوص في فهم قول المعصوم عليه الصلاة والسلام بفهمي كمسلم طالب ثقافة دينية.
فالمسح على رأس اليتيم لا يتأتى إلا عندما تكون بينك وبينه من الحب والمودة مثل ما بينك وبين أولادك فتبتسم له وتداعبه وتحمله كما تحمل أولادك ، تقبله وتمسح على شعره حنانا وحبا كما تصنع بأولادك ، تحاول أن تتمثل دور الأب لمن حرم الأب ودور الأب في الأسرة يسمى رب……رب الأسرة.
فهل تستطيع أن تكون رب اليتيم ؟ فمسح الشعر كناية عن أبوتك لهذا اليتيم والهدف إدخال السعادة على اليتيم ، ومراعاة مشاعره وتعويضه حرمان الأب وما أدراك ما الأب فلا يشعر بتلك الكلمة إلا من حرم منها. وقضية عدد الشعر هي كناية عن الثواب العظيم والفضل الكبير وكيف لا وأنت تنتظر الفضل من الكريم الأكرم. اليتيم قد لا يكون بحاجة لكفالة مادية ولكنه بالتأكيد بحاجة لكفالة أبوية يحتاج للعطف والرعاية يحتاج لظهر يحميه بعد فقدانه ظهر أبيه. فأبسط الأمور وخاصة لدى من يسّر الله عليم هو دفع مبالغ للأيتام كل شهر أو كل فترة وهو شيئ محمود ، ولكن لو وعينا قول الرسول الكريم أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار عليه الصلاة والسلام بالسبابة والإبهام لأدركنا حقيقة الكفالة . والكفالة معناها أوسع بكثير من جنيهات تدفع ولنا في كفالة أبي طالب للرسول الكريم خير توضيح لمفهوم الكفالة فكان الرسول الكريم بالنسبة لأبى طالب كسائر أبنائه بل إن شئت قل مقدم على أبنائه ، فكان أبوطالب أبّ لرسول الله بعد أبيه عبدالله.
لا يكفي اليتيم يوم فهذا لا يتناسب مع الكفالة أو الإحسان ولكنه يوم رمزي ليعرف من لا يعرف أن هناك أيتام وليجدد العهد من يكفل يتيم على إستمرار كفالته ويكفي الأيتام فخرا وعزة كون خير البرية تربى يتيما. فأقصر الطرق لمرافقة النبي الكريم في الجنة هو كفالة يتيم فهل تريد صحبة الرحمة المهداة؟ هل تريد صحبة بن عبد الله؟ هل تريد صحبة خير يتيم رباه الرب العلىي فكان على خلق عظيم الله صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك وخير يتيم عرفته البشرية عدد خلقك ورضا نفسك ومداد كلماتك وزنة عرشك