كتاب 11
هل غضبت بريطانيا على الإخوان؟
توجه السلطات البريطانية لتصنيف جماعة الإخوان بصفتها خارجة عن القانون، هو الكارثة الكبرى التي ستحل بالجماعة، أكبر من كارثة عبد الفتاح السيسي نفسه!
الأخبار تقول إن رئيس الحكومة البريطانية (ديفيد كاميرون) أمر بإجراء تحقيق عاجل حول أنشطة جماعة الإخوان المسلمين المصرية، للشك في أنها تخطط للقيام بأنشطة متطرفة في بريطانيا.
حسب الإعلام البريطاني، فإن جهاز الأمن الخارجي البريطاني (MI6) سيقوم بفحص الشكوك حول أن الجماعة كانت وراء مقتل ثلاثة سياح بحافلة في مصر فبراير (شباط) وهجمات أخرى. وجهاز الأمن البريطاني الداخلي (MI5) يعمل على إعداد لائحة بأسماء قادة الإخوان، الذين انتقلوا لبريطانيا عقب عزل محمد مرسي.
الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية، رحب بتوجه الحكومة البريطانية الجديد، باعتباره انتصارا لمسار السياسة المصرية تجاه الإخوان.
هل ستفضي هذه التوجهات لحرمان الجماعة من نعيم بريطانيا؟ من المبكر قول هذا، بل تخيله حتى!
لماذا؟ لأن وجود جماعة الإخوان، ومن يدور في فلكها، في الغرب قديم، وجزء من هذا الوجود كان بذريعة اللجوء السياسي أو البحث عن الرزق، وجزء منه كان بوعي سياسي غربي، عبر تكثير الأوراق لاستخدامها عند اللزوم.
منذ بروز حسن البنا نفسه، مؤسس الجماعة، ثمة شخصيات إخوانية نشطة في الغرب، من المصريين، والفلسطينيين والعراقيين والسوريين.
ثمة جيل ثالث من أبناء الإخوان في الغرب يحملون جنسياته، لعل د.طارق رمضان، ابن سعيد رمضان، صهر حسن البنا ورفيقه، مثال لهذا. ويوسف ندا، ثري الإخوان، منذ عقود، اتخذ الغرب ملاذا للاستثمار.
كانت بريطانيا تتهم دوما من الحكومات العربية بأنها تتلاعب بالأمن الداخلي لهذه الدول من خلال إيواء الإخوان، وأنها كاذبة في دعوى حقوق الإنسان، فلها مآرب أخرى، كانت حكومة لندن ترد سابقا أنها تمتثل فقط لقيم الحرية والديمقراطية.
الإخوان مهتمون بترسيخ وجودهم الغربي، لدرجة القول إنه يمكن الحديث عن «إخوان الغرب». لكنهم الآن ربما سيعبرون مرحلة قحط وحصار، بعد سنين المن والسلوى في بلاد الخضرة والماء والوجه الحسن.
هذا الحضور الإخواني في الغرب لاحظه باحث من أبناء الغرب نفسه هو لورينزو فدينو في كتابه «الإخوان المسلمون في الغرب» الصادر عن دار كولومبيا، وقدمه للعالم العربي مركز المسبار للدارسات.
في كتابه يتحدث عن مظاهر وأسباب هذا الوجود الإخواني، وكيف أن الإخوان احتكروا التحدث باسم المسلمين في الغرب. أغرب من ذلك نقله عن مسؤول أميركي قوله: «من أكثر الأشياء التي يتخوف منها الناس، أن توصف بأنك عنصري، أو كاره للإسلام، ولكن ما نشاهده أن بعض الجمعيات تتعامل بمنطق أعطنا المال، وإلا وصمناك بأنك كاره للإسلام».
احتضان الغرب للإخوان محير لدى البعض، لكن الأمور ليست كلها مؤامرات وخططا، أحيانا تكون نابعة عن جهل، كما يشير فدينو عن كيف أن بعض المسؤولين الغربيين لا يفرق بين السنة والشيعة.
لا ريب أن توجه لندن الأخير، نقطة فاصلة في تاريخ الجماعة. سنرى أهو دليل عزيمة جديدة، أم وثبة في الفراغ.