حمدين صباحي يعد بعودة نظام عبد الناصر

   ويبدو أن بعض المصريين من الشباب الذين لم يعاصروا إنقلاب يوليو, لا يزالوا يؤمنوا بجمال عبد الناصر ويرون فيه الرئيس القوي الذي هزم إسرائيل وتحدى أمريكا. ولأن نظام يوليو الذي ثار عليه الشعب في 25 يناير لم يتح الفرصة لأحد لينتقد نظام عبد الناصر ويكشف أخطائه, ظل شباب مصر يجهلون المآسي التي حدثت في بلادهم خلال ستين عاما من تاريخ مصر الحديث.
   فقبل إنقلاب يوليو كانت مصر لديها دستور مدني ونظام برلماني متقدم, يقوم على أساس من تعدد الأحزاب وتبادل السلطة, يناقش فيه البرلمان ميزانية الدولة – بما في ذلك ميزانية الجيش والملك – كما يمكنه اسقاط الحكومة. وكان أول ما فعله ناصر, هو إلغاء الأحزاب السياسية والدستور, وإقامة نظام الحزب الواحد, الذي سماه في البداية "هيئة التحرير" والذي أصبح بعد ذلك "الحزب الوطني" الذّي أسقطته ثورة يناير.
   وعند مجيئ عبد الناصر في 1952 كان قطاع غزة الفلسطيني يخضع للسلطات المصرية, بينما خضعت القدس والضفة الغربية للأردن, بينما لم تسيطر إسرائيل سوى على رقعة صغيرة من الأرض الفلسطينية. لكن الوضع تغير بعد مغامرات عبد الناصر, حيث سقطت غزة الفلسطينية وسيناء المصرية ومدينة القدس والضفة الغربية كلها لإسرائيل.
   وعند مجيئ عبد الناصر في 1952 كانت الدول العربية كلها تحب مصر وتعتبرها مثالا لتطلعاتهم في التقدم والاستنارة, ثم تغير الوضع بعد أن حاول عبد الناصر إسقاط الحكومات العربية في الأردن والخليج من أجل فرض وحدة عربية إشتراكية من الخليج إلى المحيط, تحت قيادته.  وذهب البعض في كراهيتهم لناصر, أنهم أقاموا احتفالا وشربوا الشمبانيا فرحا فيه, عندما هزمته إسرائيل في يونيو 1967.
    الآن بعد سقوط نظام الحزب الواحد الذي أقامه ناصر, وبينما يحاول شعب مصر إعادة بناء إقتصاده الذي أخضعه ناصر لمغامراته الحربية, وبناء مجتمع الحرية والرفاهية, يريد حمدين صباحي أن يعيدنا إلى قفص الناصرية من جديد!