كتاب 11
شركات الفهلوة والضحك على الغلابة
رغم الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد منذ قيام ثورة يناير 2011 وحتى الأن , ورغم تدهور الأوضاع الإقتصادية وإرتفاع نسبة الفقراء , والبطالة التى تنهش الشباب وتقتل فيهم القدرة على الصبر والصمود تجاه غلق أبواب الرزق أمامهم , إلا أننا نجدهم رغم تلك الحاجةال مصابون بداء العظمة , وهو ما أشارت اليه جدتى فى أمثالها الشعبية قديما ” شحات ونزهى ” ,
بمعنى لايملك شيئا ويطلب المساعدة من الغير لكنه يهتم بأن ينزه نفسه , ومع أن الفقر ليس عيبا يعاب به صاحبه , ومع ضرورة الإعتراف بأنه لابد أن يحتوى المجتمع على طبقات مختلفة من الفقراء الى متوسطى الحال الى الإغنياء , ولكن اليس من الأفضل أن كل من تلك الطبقات تلتزم فى إنفاقها بما يحقق لها الأمان المادى والحياة الكريمة دون الإحتياج لأحد ؟؟
فلماذا إذن أكلف نفسى عناء الإنفاق على كماليات يمكن الإستغناء عنها لمجرد التظاهر بأننى لاينقصنى شىء ؟؟ والتفاخر بأننى أمتلك فى يدى ما يمتلكه الأغنياء , وعلى سبيل المثال فمثلا كيف أكون فقيرا ولا أستطيع توفير لقمة العيش لأطفالى وفى نفس الوقت أحرص على إمتلاك تليفون محمول أو أكثر , اليس هذا بابا أخر للإنفاق يحملنى عبئا إضافيا على أعبائى ومسئولياتى تجاه أسرتى ؟؟ وكيف يكون التعداد السكانى فى مصر 92 مليون نسمة وعدد مستخدمى المحمول 97 مليون شخص , حقا إنه لشىء غريب كما قالت جدتى . تلك الحالة أبسط مايمكن وصف صاحبها به هو عدم قدرته على الإعتراف بالواقع والتكيف معه , ومحاولته رسم شخصية لنفسه غير شخصيته الحقيقة , أكرر مرة أخرى هنا أننى لاأعيب على الفقراء ولكننى أشفق عليهم من تلك الأفعال لأنهم بهذا أصبحوا فريسة سهلة يتم التلاعب بها من قبل شركات التليفون المحمول ,
فقد إستغلت تلك الشركات حاجة الفقراء الى المال , فإبتكرت طرق عديدة تمكنها من الحصول على المليارات من الجنيهات من مستخدميها من خلال إغرائهم بالدخول فى مسابقات وهمية عبر إرسال رسائل للمستخدمين تؤكد من خلالها على أهمية الإشتراك فى المسابقة والتنويه على أن الفائز فيها سيحصل على الاف الجنيهات , وأن الأمر بسيط جدا فما على المستخدم إلا الإتصال على رقم ( … ) والإجابة على أسئلة المسابقة , ويتم ذلك بأسعار تتراوح فى الدقيقة الواحده من جنية الى 3 جنيهات فى حين أن متوسط الدقيقة الواحده لأى إتصال من أى شركة من شركات المحمول فى مصر لايزيد عن 14 قرش , وبالطبع تنهال عليهم الإتصالات ممن يسيل لعابهم على مبلغ الجائزة فيحاولون مرة تلو الأخرى أملا فى الحصول عليها ولكن دون جدوى ,
وتنتهى مسابقة وتبدأ اخرى جديدة ولم نسمع عن أحد قد نال شرف الفوز , هذا بالإضافة الى برامج الفضائيات التى تعتمد بشكل أساسى على الإتصالات التليفونية من المتابعين لحل مسابقة ما , والتى تعتمد على فهلوة المذيع وزغللة عين المتفرج من حين لاخر برزمة من المال يحصل عليها المتصل إذا كان الحل صحيحا , وطبعا فى النهاية لايوجد فائز , والفائز الوحيد هو شركة المحمول الراعية للبرنامج , ومن موقعى هذا أقول لتلك الشركات رفقا بالفقراء والمحتاجين …. لاتستغلون إحتياجهم للمال لتحقيق أرباحا طائلة يمكنكم تحقيقها بطرق أخرى أهمها تحسين خدماتكم المقدمة للمواطنين التى هى فى تراجع مستمر وبذلك يزيد عدد المستخدمين ولكن دون إستغلال .