كتاب 11

09:29 صباحًا EET

عندما كان الحال أفضل

لم أفاجأ بتردي العلاقات بين دول الخليج إلى درجة القطيعة، ولم أفاجأ بإعلان مصر جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية. ما فاجأني هو رد فعل الميديا العربية على انهيار الوضع فقد كان على طريقة قيس ويمن ومَنْ ليس معنا فهو ضدنا وإلى درجة التخوين.

كنت أتمنى لو أن الإعلام العربي المتهم دائماً حاول رأب الصدع فنصح في قطر قيادة البلد بأن تسعى إلى إزالة أسباب الخلاف، ونصح إعلام الفريق الآخر قيادات بلاده بأن تأخذ خطوات إيجابية للم الشمل.

ما حدث هو أن الوضع السياسي متأزم والوضع الإعلامي متفجر، والضحية هي الشعوب العربية والمستفيد هو إسرائيل وحدها.

كتبت غير مرة في الأشهر الأخيرة منتقداً أداء تلفزيون «الجزيرة» وعرضت أسبابي للشكوى، وكنت أدرك مدى الاستياء من تغطية هذه المحطة أخبار مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وغيرها. ولعل من السذاجة بالنظر إلى التطورات اللاحقة أن أعتقد بأن المسؤولين عن «الجزيرة» سيقبلون نقدي ويحاولون العودة بالمحطة إلى قسط من التوازن والموضوعية.

اليوم «الجزيرة» آخر همومي. ولن يسمع مني القارئ نقداً أو تذكيراً بما قلت وبما حذرت منه. اليوم أكتفي بالإشارة إلى نصف فقرة واحدة في بيان وزارة الداخلية السعودية عن اعتبار تنظيم «القاعدة» والقاعدة في جزيرة العرب والقاعدة في اليمن والقاعدة في العراق و»داعش» و»جبهة النصرة» وحزب الله داخل المملكة وجماعة «الإخوان المسلمين» وجماعة الحوثي منظمات إرهابية.

القاعدة وكل القواعد المنبثقة منها جماعات إرهابية ولا جدال، وقد كان هذا رأيي منذ إرهاب 11/9/2001 في الولايات المتحدة ولا يزال. إلا أنه أصبح صفة سياسية ودينية بصدوره عن وزارة الداخلية في بلد الحرمين الشريفين.

كنت أتمنى لو أن قيادة «الإخوان المسلمين» أدركت عبثية التحريض والإرهاب وسعت للمصالحة مع الشعب المصري وجيشه. وكتبت مرة بعد مرة أنني أريد في النظام الديمقراطي الموعود في مصر أن يكون الإخوان المسلمون جزءاً من العمل السياسي لشعبيتهم بين الناس، بعد أن ينبذوا الإرهاب والتحريض. إلا أنهم لم يفعلوا ودفعوا الثمن من إدانة عربية عامة بالإضافة إلى إدانة الحكم الانتقالي في مصر.

«لا تُجمِع أمتي على ضلالة». هذا ما تعلمنا صغاراً كباراً، وإذا كان هناك إجماع عربي على رفض ممارسة الإرهاب وممارسيه، فإن قطر وحدها لا تستطيع أن تقول إنها وحدها على صواب، وهي أصغر دولة عربية إطلاقاً، وإن الأمة على خطأ. كذلك اجتمعت مصر والسعودية وآخرون على إدانة إرهاب الإخوان المسلمين فهم لا يستطيعون أن يزعموا البراءة وأن يردوا التهمة إلى المتَّهمين.

اليوم لا أنتصر لأحد ولا أدين أحداً وإنما أقول إن هذا هو الوضع، ثم أرجو العقلاء في مراكز الحكم وفي الإعلام ألا يزيدوا الهوّة عرضاً وعمقاً، بل أن يتجاوز الجميع المواقف الشخصية لتغليب المصلحة العامة.

يشجعني على توقع حل أن تقود الكويت جهود المصالحة، فأنا أعرف الأمير الشيخ صباح الأحمد منذ أوائل السبعينات، وأعرف أنه وطني عربي وحكيم ومعتدل، فأرجو أن يعمل القادة العرب في كل بلد بنصحه وأن يصغوا جيداً إلى اقتراحاته، لأنه (وأنا أتحدث من منطلق معرفة شخصية مباشرة/اسألوه) يريد الخير للجميع.

إذا نجحت الكويت، أو عُمان أو غيرها، في رأب الصدع العربي، لكان الإنجاز هذا واسطة العقد في عمل الشيخ صباح الأحمد أو السلطان قابوس، أو كل وسيط آخر.

في غضون ذلك، أطالب الإعلام العربي بالكف عن تأجيج النار، فلا يستفيد أحد من الخلاف سوى إسرائيل. ثم أطالب الإعلام بالعمل «إطفائي حرائق» باقتراح سبل الخلاص من الأزمة، وترطيب الجو بين الدول العربية. وبعد ذلك أطالب الإعلام العربي بالبحث عن مخارج من الأزمة واقتراحها، كلٌ على زعماء بلاده.

كنت أخشى أن تكون دولنا سائرة في طريق خلاف علني حاد، إلا أنني غلبت الأمل على الواقع المر، وصدمت بالحقيقة مرة أخرى.

التعليقات