مصر الكبرى
سفير مصر يلتقي نائبة وزيرة الخارجية الامريكية
اجتمع السفير المصري، المعين حديثا، محمد توفيق مع ويندي شيرمان وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية صباح أمس بمقر الخارجية بواشنطن، لبحث تداعيات المظاهرات أمام السفارة الأميركية في القاهرة بسبب الفيلم المسيء للإسلام، وتوتر العلاقات المصرية الأميركية.
وقال السفير المصري محمد توفيق في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاورات مستمرة بين مصر والولايات المتحدة ولا يوجد تجميد للمفاوضات، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق بين المسؤولين المصريين والأميركيين خلال زيارتهم للقاهرة الأسبوعين الماضيين، على أن تقوم الإدارة الأميركية بتحويل نقدي من مبلغ المليار دولار إلى القاهرة. ووافقت الإدارة الأميركية على القيام بتحويل نقدي بمبلغ 450 مليون دولار على قسطين، الأول بمبلغ 190 مليون دولار، والثاني بمبلغ 260 مليون دولار. وأوضح السفير المصري أن تلك المبالغ مخصصة لمصر في موازنات سابقة تم إقرارها من قبل الكونغرس لكن لم يتم تحديد موعد لهذه التحويلات، التي تأتي في إطار تصور أوسع لرغبة الإدارة الأميركية في دعم برامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
كانت صحيفة «واشنطن بوست» قد أشارت إلي قرار واشنطن تجميد المحادثات مع القاهرة حول إعفاء مصر من مليار دولار من ديونها للولايات المتحدة، وتأجيل مناقشة أي مساعدات إلي ما بعد الانتخابات الأميركية، مشيرة إلي نية الإدارة الأميركية الانتظار لمعرفة مسار الاحتجاجات ضد الفيلم المسيء، ونتيجة الاتصالات مع الكونغرس. ويبلغ إجمالي الديون المصرية للولايات المتحدة أكثر من 3 مليارات دولار إضافة إلي مبلغ خدمة الدين الذي يبلغ 400 مليون دولار سنويا. وقد أعلنت الإدارة الأميركية عن تلك الخطوة في مايو (أيار) الماضي بهدف تقديم مساعدات اقتصادية للحكومة المصرية الجديدة التي تواجه تحديات اقتصادية شاقة في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسنى مبارك.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إنه لا يمكن توقع استئناف تلك المحادثات حول المساعدات الأميركية لمصر، على الأقل إلي ما بعد الانتخابات الأميركية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لأن هناك إعادة نظر واسعة للمساعدات التي تقدمها واشنطن لمصر والتي تبلغ مليارا ونصف المليار دولار سنويا. وقالت الصحيفة إن تجميد المحادثات سيكون مؤقتا على الأرجح. وكانت الإدارة الأميركية قد أبدت استياءها من الاحتجاجات المعادية للولايات المتحدة التي بدأت في القاهرة وانتشرت في جميع أنحاء العالم الإسلامي بسبب الفيلم المسيء للرسول وانتقدت الإدارة الأميركية الاستجابة المتأخرة للقاهرة على الاحتجاجات العنيفة أمام السفارة الأميركية، وقيام المحتجين بتسلق أسوار السفارة وحرق العلم الأميركي، وتعليق علما أسود يرتبط بالجماعات الإسلامية المتشددة. بينما أيد الرئيس المصري محمد مرسي المظاهرات السلمية احتجاجا على الفيلم المسيء وطالب السفارة المصرية بواشنطن باتخاذ إجراءات قانونية ضد منتجي الفيلم في الولايات المتحدة.
وأشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أن الرئيس أوباما تحدث «بغضب» مع الرئيس المصري محمد مرسي وأعرب عن قلقه من الهجوم على السفارة وتراخي قوات الأمن في حماية المنشآت الأميركية. وقد خرجت تساؤلات كبيرة حول نوايا الإدارة الأميركية تغيير سياساتها تجاه مصر بعد تصريحات الرئيس أوباما لقناه تلفزيونية ناطقة بالإسبانية أن «مصر ليست حليفة ولا عدوة».
وأكدت مؤسسة الرئاسة المصرية إدانتها للعنف ضد البعثات الدبلوماسية وأصدر الرئيس مرسي بيانا يدين العنف. وخلال يومين غيرت جماعة الإخوان المسلمين من سياساتها للدعوة لحشد مزيد من المتظاهرين أمام السفارة إلى، الدعوة لنبذ العنف وعدم التعرض للمنشآت الدبلوماسية. وقال المتحدث باسم لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ستيف ساتون إن إيلينا لوسليتينن عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري طلبت عقد جلسة استماع يوم الاثنين لمناقشة العلاقات الأميركية المصرية، لكن تم تأجيل الجلسة بعد رفض وزارة الخارجية تقديم شهود. واقترحت إدارة أوباما بدلا من ذلك عقد جلسة اطلاع خاصة لأعضاء الكونغرس.
وقالت مصادر بالكونغرس إن مسار الأحداث خلال الأسبوعين المقبلين سيحدد على المدى الطويل مصير المساعدات الأميركية لمصر، ورجحت المصادر ألا يضع الكونغرس شروطا صارمة على المساعدات أو تخفيف عبء الديون.
من جانبها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ستجري محادثات مع الكونغرس حول المساعدات الأميركية لمصر وتداعيات الاحتجاجات في القاهرة خلال الأسبوع الحالي لحث الكونغرس على الحفاظ على تدفق المساعدات لمصر. وأكدت نولاند أن وزيرة الخارجية ستكون مستعدة للرد على أسئلة النواب حول مستقبل السياسة الأميركية تجاه الدول التي شهدت توترا واحتجاجات مناهضة للولايات المتحدة. ولمحت نولاند إلى أنه من المتوقع أن تعقد الجلسة مع الكونغرس يوم الخميس وقالت، «سيريدون الحصول على تقييم كامل لما حدث والإجراءات التي نتخذها لمواصلة حماية الأفراد والمنشآت». وقالت نولاند، «نحن مستمرون في العمل مع الكونغرس حول المساعدات التي نعتقد أنها مهمة لمساندة قوى الاعتدال والانفتاح والديمقراطية في مصر، والتي تعتبر مهمة جدا لهزيمة التطرف من النوع الذي شاهدناه». وأشارت نولاند إلي محادثات تجريها كلينتون مع نظيرها المصري محمد كامل عمرو للتأكيد على أهمية الحفاظ على الأمن والعمل معا.
ويقدر الاقتصاديون أن مصر بحاجة إلي 25 مليار دولار لإنقاذ اقتصادها المتدهور منذ الثورة المصرية. وتطلب القاهرة قرضا بمبلغ 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لسد العجز في الموازنة العامة الذي يقدر بـ10 مليارات دولار إضافة إلي انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي إلي أقل من 15 مليار دولار وهو ما يعد خطرا على قدرة الإدارة المصرية استيراد حاجياتها من السلع والمواد الأساسية.
وتقدم الولايات المتحدة 1.5 مليار دولار من المساعدات سنويا لمصر وهي تعد مساعدات حيوية لمصر حيث تنقسم إلي مساعدات اقتصادية وأخرى عسكرية. وقبل أيام من اندلاع الاحتجاجات خارج السفارة الأميركية بالقاهرة كانت المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والمصريين قد وصلت إلي المراحل النهائية من التفاوض على تفاصيل المساعدات التي تصل قيمتها إلي مئات الملايين من الدولارات؛ حيث كان من المقرر أن يتم الإعلان عن خطة المساعدات بحلول نهاية الشهر الحالي. وقد شهدت القاهرة خلال الفترة الماضية زيارات متعددة من كبار المسؤولين الأميركيين من بينهم السيناتور بوب كروكر عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وروبرت هورماتس وكيل وزارة الخارجية الأميركية وتوماس نايدر نائب وزيرة الخارجية الأميركية ومايكل فرومان مستشار الرئيس الأميركي. وقال السيناتور بوب كروكر، «على الرغم من إيماني بأن الروابط مع مصر هي أفضل سياسة، وتفهمي للخط الرفيع الذي يسير عليه الرئيس مرسي في منصبه الجديد، إلا أن ردة الفعل الأولي من جانبه ومن جانب قادة الجيش المحنكين الذين عملنا معهم لفترة طويلة هو أمر غير مقبول» وأضاف: «التوقيت سيؤثر على مفاوضاتنا ونحن نمضي قدما في علاقاتنا مع هذه الحكومة الجديدة»