مصر الكبرى
مايسترو مصري يعبربالإشارات الموسيقية عن عاطفة الإبداع
نادر عباسي يقدم روسيني وبيزيه  في مرسيليا
أصوات أوبرالية مشهوره ترافق سهرته الفنية على الساحة الفرنسية
كتبت – مروة فهمي : 
يقود المايسترو المصري نادر عباسي فرقة موسيقية عالمية تصاحبها أصوات أوبرالية لها شهرة عريضة تحت أضواء هذا الفن ببريقه المدهش ولغته التعبيرية القادرة دائماً على تجسيد العواطف . وفن الأوبرا بجانب الموسيقى يتمكن من لغة التجسيد الإنساني والفني وتصوير مشاعر الحب والغضب ورغبة في الوصول إلى الكمال والتطلع إلى تجسيد فضائل الشجاعة والبطولة بكل مقاييسها . هذا الحفل ينعقد في المدينة الفرنسية الساحلة يوم الجمعة بحضور فني كبير يأتي للتمتع بقيادة عباسي المعروف في الأوساط الموسيقية الفرنسية والعالمية .
المهرجان الموسيقي الذي سيعقد في مدينة مرسيليا الفرنسية ، دعا المايسترو المصري المعروف هناك لقيادة هذا الحفل الذي سيقدم عدة أعمال لموسيقيين كبار من أمثال روسيني الإيطالي وبيزيه الفرنسي وآخرين لهم إسهاماتهم على ساحة التأليف الموسيقي العالمي والإنساني .
تؤدي أصوات عالمية أوبرالية عدة مقاطع خلال هذا الحفل الذي تستضيفه المدينة الفرنسية ، التي اشتهرت بدعوة موسيقيين كبار وقواد للفرق المختلفة للعزف هناك والتألق في ساحة فنية تعزز التواصل والتناغم مع أساليب في القيادة الموسيقية تعبر عن امتزاج الثقافات وتنوعها وقدرتها على المشاركة في تفسير الأعمال الفنية بعدة أساليب تعكس في أعماق مذاق البيئة ونسيجها بشكل أو بآخر .
يقود المايسترو نادر عباسي الفرقة الموسيقية لأوبرا مرسيليا مع مشاركة لعدة أصوات من روسيا وإيطاليا في هذا الملتقى الجميل العاكس لحوار الثقافات وتفاعلها في إطار من الفن القادر على تجميع وطرح لغة التخاطب الإنساني المعتمدة على العواطف والثقافة أيضاً حيث الموسيقى والأصوات القادمة من حناجر مدربة ومتعلمة قادرة على تجسيد متعة تلك الفنون الراقية .
تشارك في الحفل مغنة الاوبرا السوبرانو إيلينا بانكرتوفا وبجانبها المتزسوبرانو جوزفينا بونتي مع المغني الأوبرالي < تينور > ستيفن بوب .
يلتقي هذا الجمع الفني العالمي بقيادة نادر عباسي في مرسيليا خلال تلك الأمسية حيث تصدح الأصوات لآداء مقطوعات لروسيني وغيره في مهرجان للموسيقى والغناء يطل من تلك المدينة الساحلية الفرنسية المعروفة بتراثها وعشقها للألوان الموسيقية ودعوة الأسماء البارزة في العالم للمساهمة والقيادة في هذا الحدث السنوي .
وقد اعتاد نادر عباسي الذهاب إلى مرسيليا وغيرها من عواصم في الشرق والغرب . فهو معروف في عالم الموسيقى الكلاسيكية وتتميز قيادته لفرق الأوركسترا بصيغة خاصة تعكسها الثقافة العريضة والإطلاع المستمر وتجارب متصلة وحياة خصبة في مجالات العزف ثم القيادة البارزة والقيام بتأليف موسيقي كلاسيكي يستوحي الأشكال التراثية .
ويلاحظ النقاد على مقطوعات نادر عباسي التي قام بتأليفها إنها تستلهم الوهج القادم من ثقافة مصرية شرقية تأثرت بالحضارات الأخرى وتفاعلت معها وأفرزت تلك الأجيال الفنية التي تعلمت في المعاهد الموسيقية العليا المصرية ونبغت داخل فرقتها القومية وقيادتها ، ثم التعامل مع الخارج في بيئات الموسيقى الناضجة في فرنسا والنمسا والذهاب إلى المكسيك وقيادة أوركسترا أوبرا القاهرة هناك . وتوجه المايسترو المصري إلى الصين مع الفرقة ذاتها والتي حصلت الإعجاب والتصفيق عندما ذهب أبناء النيل بآلاتهم الموسيقية وعزفوا القطع الخالدة مثل < أوبرا عايدة >وغيرها والعشرات من الأعمال المحفورة في تاريخ الوعي الإنساني بوهج الفن ولغة الموسيقى الرائعة .
وقد درس المايسترو نادر عباسي على يد الأساتذة المصريين والأجانب داخل معهد الكونسرفتوار واحترف العزف ثم تولى قيادة أوركستراأوبرا القاهرة  ودعته قطر لقيادة الأوركسترا الذي تكون هناك وفتح أبوابه لأمهر العازفين المعروفين في العالم ومنهم أسماء مصرية مشهور أيضاً في هذا المجال .
تولى نادر أيضاً منصب مدير الإدارة الفنية والموسيقية في مؤسسة كتارا للثقافة والفنون بقطر . ومنحته رحلات إلى دول العالم لقيادة بعض الأوركسترات الموسيقية مكانة خاصة له باعتباره من الأسماء المرموقة دولياً التي يُسند إليها قيادة هذه الأشكال الموسيقية ذات التاريخ العميق في آداء وفهم التراث الكلاسيكي الإنساني .
يميز أسلوب المايسترو المصري هذا الإطلاع العميق والواسع على أساليب قيادة الاوركسترات الموسيقية وتطبيق فلسفة خاصة تمزج بين القديم الراسخ والرياح الجديدة ، التي تحاول بطريقة ما بث الإيحاءات المختلفة في قراءة النصوص الموسيقية وتطويعها للواقع ، مع الإلتزام الكامل بجميع الأجواء التي ترمز إليها .
يتميز أسلوب نارد عباسي في بث نهجه وإشاعة روحه ونقلها إلى العازفين بحيث تتناغم الآلات كلها لتصب في بوتقة واحدة ترسم لوحة كبيرة تؤدي إلى فهم القطعة الموسيقية من خلال آداء المايسترو الفنان .
وقد تأثرت مدرسة العزف والقيادة بمصر بالأسلوب الروسي ، نتيجة نفوذ هذا التيار على المعهد الموسيقي المصري العالمي < الكونسفتوار > . غير أن نادر نتيجة الاجتهاد والسفر والتنقل والترحال استطاع الانفتاح على مدارس أخرى وكون منها أسلوبه الخاص . كما انه استفاد من المدرسة المصرية المتميزة وأعلامها الكبار في العزف والتأليف الموسيقي .
وقد اتجه نادر نحو التأليف الموسيقي وجاءت عدة مقطوعات تشير إلى موهبته وقدرته على إستيعاب التراث وتسخير رموزه ، سواء من ناحية الآلات أو روح النصوص ودمجها في الشكل الكلاسيكي المعتمد على قواعد معروفة في البناء والتوليف والحوار الداخلي بين فقرات النوتة الموسيقية .
تمثل قطعة بين< الغسق والسَحر > إطلالة كاملة على أسلوب المايسترو والمؤلف الموسيقي المصري ، فهي تستوحي الأجواء الشعبية وتدرجها في هيكل الكتابة الكلاسيكية . وقد استعان ببعض النغمات وأخضعها أيضاً لفلسفة البناء الهارموني ، لكنها اكسبت العمل صفة مصرية في التمهيد ونشر الأجواء المرافقة للمناخ المصري وعناصره المتنوعة ونقله إلى المكان التاريخي بكل أسراره الغامضة وحكايته المثيرة وسلوك البشر بين الجنوح والغضب والانتقام .
هذه القطعة تعطي نادر عباسي مكانة في نهر الكتابة الموسيقية المعاصرة ، وتمنحه صفة المجدد في إطار الموروث الثقافي والعالمي . وقد وصل لهذه المرحلة بعد مشوار حافل في العزف وقراءة الفرق العالمية من جنسيات مختلفة . وقد تألق أولاً على خشبة دار الأوبرا المصرية التي قضى بها عدة أعوام وتعامل خلالها مع عازفين وصلوا إلى درجة عالمية مع آخرين وفدوا من عدة مدارس أخرى على مستوى العالم لها حضورها ومكانتها .
يعطي نادر عباسي علامة خاصة على جيل مصري استفاد من خبرات تراكمت في مشوار مصر الثقافي وإصرارها على انفتاح مبكر على الفنون الراقية . وأدى إقامة المعهد العالي للموسيقى < الكونسرفتوار > إلى خلق حالة مصرية تتناغم مع ما يجري في العالم على هذه الساحة .
وعندما يذهب نادر عباسي إلى مرسيليا لقيادة فرقتها الموسيقية للأوبرا هناك وبمشاركة أصوات عالمية أوبرالية ، فهو بهذا يمثل حضور مصر وثقافتها ومكانتها على مستوى العالم . حيث أن وطننا جزء حيوي من أنغام الحضارة الإنسانية ويصر على التفاعل والاجتهاد وإخراج العشرات من الموهوبين ، على الرغم من ظروف صعبة تحاول حصار التجربة كلها واطفاء هذا الوهج الذي يبرق منذ أكثر من قرن .
نادر عباسي في مرسيليا يمثل مصر في أعلى درجات التجلي ، إذ يقود فرقة موسيقية عالمية بهذا الزخم على أرض فرنسية التي أنجبت الأسماء اللامعة خلال نهضتها فوق حقول الموسيقى الخضراء واليانعة بالموهبة والفن .
ولأن نادر عباسي هناك في هذه الأمسية فهو يمثل إضافة مصر العلمية والحضارية والإنسانية . إنه يقود فرقة موسيقية كلاسيكية تعزف ألحان الكبار مثل روسيني وبيزيه وغيرهما من أعلام هذه الموسيقى الرائعة التي تهيمن على الوجدان والعقل والقلب معا .
وقد حصر المايسترو المصري على عدة جوائز عالمية وكرمته مصر أيضاً ، فهو بعلمه وفنه علامة ساطعة على اختيارات بلادنا المنحازة دائماً للإبداع بكل أشكاله . والموسيقى هي قمة الآداء البليغ والقادرة للدفع نحو التقدم والإزدهار . وعندما تسمع موسيقى رائعة فاعلم انها تتحدث عن شعب متحضر ومتعلم ويملك عاطفة ووجدان رائع . ألم يعبر بيتهوفن عن عشق الألمان لنور الحضارة وفجرها الساطع .
وكان فاجنر أيضاً مترجماً لهذه الحالة ، كذلك تعكس موسيقى فيردي وبوتشيني هوس إيطاليا بالحياة المفتوحة والجميلة والراقية ، حيث تصدح أنغام الحب والكبرياء والفخر بتاريخ هذا البلد .
الموسيقى هي روح الشعوب ومحفزها إلى الأمام والمايسترو المصري نادر عباسي في مرسيليا بفرنسا يعبر عن نهضة مصر المستمرة منذ أحقاب طويلة . وقد يتوقف الوهج المصري في بعض مراحله لإلتقاط الأنفاس للاستعداد لوثبة جديدة نحو نهضة ستفتح المزيد من الأبواب أمام الموسيقى والعلم ومعانقة الحياة .