ثقافة

10:55 صباحًا EET

قرأت لك.. كتاب “طوق الحمامة”

كتاب “طوق الحمامة في الألفة والآلاف” لأبن حزم، يصنف على انه من أطرف وأهم كتب الأدب، ليس في الأندلس – حيث ولد ومات الكاتب على أرضها-، بل في كل المنجز الأدبي العربي في العصور الوسطى، وقال البعض إن الكتاب هو سيرة الكاتب الذاتية. وواقع الحال أن التناول الأدبي والتحليل الفكري لفكرة “الحب” في هذا الكتاب، يحيلاه إلى فن الأدب أكثر من فنون السيرة أو الاعتراف وغيره. فقد جمع ابن حزم في هذا المخطوط فكرة “الحب” بمفهومها الفلسفي، وانطباعات الواقع، مع البعد التاريخي والتوثيقي. ولعله أبرز أحوال “المرأة” في تلك الفترة في جوانب عدة، ما أضاف أهمية أخرى للكتاب.
ويقع الكتاب في 30 باباً، ويبدأ بتعريف الحب: “الحب أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بمعاناة. وليس بمنكر في الأديان، ولا بمحظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عز وجل”. ثم أورد ابن حزم الكثير من قصص حب الخلفاء المهديين والأئمة الراشدين وحكام الأندلس. بل قصص عن بعض العلماء الصالحين والفقهاء.
تعريف الحب
يعرف ابن حزم الحب في كتابه: “هو اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة.. ولقد علمنا أن سر التمازج والتباين في المخلوقات إنما هو الاتصال والانفصال، والشكل دأبا يستدعي شكله، والمثل مثله ساكن.. فليست العلة في الحب بحسن الصورة الجسدية (الجمال) أو في الأخلاق بل هو في ذات النفس”.
ويحصر ” أنواع الحب “: “المتحابين في الله- محبة القرابة- محبة الألفة- في الاشتراك في المطالب- محبة التصاحب والمعرفة- محبة البر- محبة الطمع في جاه المحبوب -محبة المتحابين لسر يجمعهما ويلزم عليهما ستره- محبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر (الشهوة الجسدية)- محبة العشق التي هي اتصال النفوس). ويشير ابن حزم الى ان كل هذه الأنواع ناقصة ومنتهية بانقضاء أسبابها، إلا محبة العشق فهي لا تنقضي إلا بموت صاحبها.
أما عن “علامات الحب”، فيقول :” إدمان النظر إلى المحبوب، الانذهال عند رؤيته فجأة، اضطراب المحب لدى ورود ذكر المحبوب، الإقبال للاستماع إليه، تصديقه حتى ولو كذب، دعم أقواله حتى ولو جار، عدم الرغبة في مغادرة المكان المتواجد فيه. أما إذا تمكن الحب يصبح الحديث همساً، مع الانبساط الزائد، وكثرة الغمز، وتعمد ملامسة المحبوب، والاتكاء عليه، وشرب فضلة ما أبقى من إناء شرابه”.
أحوال المحبين
يدرج الأديب الأندلسي، جملة تعاريف ودراسات توضيحية، عن الحب واحواله وشؤونه، في ابواب الكتاب، فيطلعنا على سمات وتعاريف عديدة، للمحبين وللحب، ويستفيض بشأن: من لا يحب إلا مع المطاولة: “المطاولة، هي كثرة اللقاءات وتنامي الشعور بالحب، فما دخل عسيراً إلى القلب، لا يخرج منه بشكل يسير، فيبقى الحب في القلب”. ويقول حول “من أحب في النوم”: “وهذا الباب هو من أبعد أسباب الحب، إذ يحلم المحب بمحبوبة ويذهب قلبه به ويعتريه الهم، ويشغل نفسه بوهم نتيجة تعلقه بشخص غير موجود”.
وعن: “من أحب صفة”: “يقع المحبون في حب أناس يتميزون بصفة معينة، حتى ولو كانت غير مقبولة، كقصر القامة وقصر الرقبة وما إلى ذلك”. ويحدد توصيفاً لـ” من أحب بالوصف”: “وهو من أغرب الأبواب في أصول الحب، إذ يقع المحب في حب محبوبة فقط على الوصف أو لصفة ما يتمتع بها أو لسماع صوته، فيبدأ الهم والوجد، فيكون المحب كمن بنى بناء بغير أساس، والنساء أثبت من الرجال في هذا النوع من الحب”.
ويتابع عن “المراسلة”: “تنوب الرسائل عن المحب في سرد ما يشعر به تجاه المحبوب، كما تنوب عن رؤيته”.
المؤلف
هو الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي: (384 – 456هـ، 994 – 1063م). يُعد من أكبر علماء الإسلام تصنيفاً وتأليفاً، بعد الطبري، وهو فقيه وأديب وشاعر، وناقد محلل، بل وصفه البعض بالفيلسوف. عمل وزيراً لبني أمية، وتعرض في أواخر أيامه للكثير من العنت والأضرار، حتى أنه فر إلى إحدى القرى وتُوفيّ بها وحيداً.
يحوز مخطوط “طوق الحمامة”، ومنذ أكثر من 11 قرناً، لدى الخاصة والعامة، منزلة رفيعة. وكيف لا يصبح هكذا وهو دراسة في الحب، والتعرف على أبعاده الإنسانية، وقدرته على سبر طبائع البشر وأغوارها؟!
كما ان مُؤلَّفه، الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، صاحب الآراء الفقهية، المجتهد، وله ردود كثيرة على اليهود والنصارى وغيرهم.

التعليقات