آراء حرة
دكتور سليمان العطار يكتب: الثورة الثقافية وأرامل الثقافة فى مصر: كيف تنمو الفكرة بعد أن تولد؟
لقد وجدتنى أمام هرج ومرج ولت وعجن المثقفين هذه الأيام أطلق عليهم أرامل الثقافة، وظللت أسألنى من أين جاءنى هذا الوصف، وإذا بى أرى الحقيقة فجأة بتذكر مقال قديم لى فى مجلة فصول بمناسبة الحديث عن الإسراء والمعراج وكيف استفاد الغرب من ذلك الحدث وحاكاه فى انطلاقته الفضائية بينما نحن لم نستفد منه بسبب – ذكرته حينذاك- أن ثقافتنا صارت عجوزا زاحفة غير قادرة على الإبداع المتمثل فى صنع المستقبل بالغرق فى سلفية الفكر ومحاولة العودة لعيش الماضى مئات المرات.
واليوم اكتشف أن ثورة 25 يناير و30 يونيو أعلنت دون كلمات موت تلك الثقافة.. وما نسميه ثقافة اليوم عبارة عن أشلاء مبعثرة لجثة تلك العجوز الزاحفة، وأن موتها كان الباعث اللاواعى لقيام الثورة التى ووجهت بعبثية التعامل مع أشلاء جثة الثقافة الراحلة ونعيب ونعيق أرامل الراحلة ممن يسمون أنفسهم بالمثقفين . هكذا اكتشفت سر ورود لفظ أرامل الثقافة على لسانى دون فهم عميق لسر هذا الورود.
والذى نعيشه اليوم يشبه ضجيج الموالد والأسواق ..فأصوات أرامل الثقافة تعلو فى جنازتها وربما جنازتهم ، فتخفى بضجيجها وعجيجها أصوات جديدة هادئة بل وخافتة على استحياء لشباب يناضل حتى الآن دون وعى كامل لصنع ثقافة جديدة بمنظومة قيم من إبداعه لصنع مستقبله الذى يتعثر بأشلاء منظومة من قيم الماضى السلفية وتتعطل مسيرته لكنها لا تقف . لقد تحدث قليل من الناس وأنا منهم بالحاجة لاستمرار الثورة للدخول إلى مرحلة الثورة الثقافية التى تبدأ بتنظيف قمامة أشلاء جثة الثقافة الراحلة بمنظومة قيمها التى تعرقل حركة الشباب وتخشى من إبداعهم لمستقبلهم.
فإلى الثورة الثقافية يا شباب وصنع مستقبلكم ومستقبل هذا الوطن بقيم جديدة تؤمن بأن الشباب هو الفترة العمرية التى تزدهر فيها قدرات الإبداع والاختراع . أما الكهولة فهى فترة تراكم الخبرات التى قد تساعد على تسيير الأعمال لكنها عاجزة بنسبة 100% عن إضافة الجديد ، فاستفيدوا من خبرتهم ولا تتبعوهم إلا القلة منهم التى احتفظت بروح الشباب واستمرت فى الإبداع.
ولا يحضرنى اسم من الأحياء ولكنى أذكر من الراحلين نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وسلامة موسى وزكى نجيب محمود والعقاد ومصطفى مشرفة ومحمد فريد ومصطفى كامل وجمال عبد الناصر والسادات ..لا أكاد أجد من كهول اليوم وشيوخه أحدا ودون مزايدة استثنى السيسى . لكن فى بلد 70% من سكانه أقل من الثلاثين من شباب بدأ فى إبداع ثقافة جديدة يملأ النفس بالأمل فى مستقبل عظيم لبناء مصر العظمى.
شير وناقش وقل رأيك.