مصر الكبرى
محمد الأسواني يكتب … التلاقي العربي الألماني ومفهوم التطرف
كلما اقتربنا من العقلية الألمانية يتضح لنا الصورة الحقيقية للشخصية التي تتفاعل مع المجتمع الدولي ولاسيما في القرن الحادي والعشرين
ولقد سنحت لي الفرصة كي أتعرف بالكاتبة الألمانية سيجريد هونكه قبل وفاتها عن عمر يناهز الثمانين ومن هنا أؤكد للجميع بأن الإنسان الغربي منصف إلى حد كبير ما إذا تعرف واطلع وبحث في جوهر الدين الإسلامي وعندما نتأمل مع الباحثة هونكه كيف تشير إلى أوجه التلاقي العربي الألماني نجد أن الإنسان في الشارع الأوروبي وعلى وجه الخصوص الألماني ! عندما يسأل مثلا ماذا يربطه بكلمة عربي ؟ يقع فورا في خاطره لأول وهلة , النفط والأصولية حيث إن أزمة البترول في السبعينات أثرت تأثيرا مباشرا على حيوية الاقتصاد العالمي وأصبح واضحا خطورة وقسوة الأزمة التي أحدثتها الزيادات في أسعار النفط وان كانت أميركا أكبر مستفيد من الزيادة وبعدها أضحى جليا أن العرب والأوروبيون معتمدين على بعضهم البعض ومتعلقين كذلك مصيريا . أما بصدد مشكلة ما يسمى بالأصولية الإسلامية فلا يستطيع الإنسان بوضوح كاف أن ينسبها إلى العرب فقط, حيث انه ليس كل المسلمين عربا فعلى سبيل المثال الأصولية الإيرانية والبوسناوية والأفريقية أو مسلمي روسيا والصين كلهم ليسوا عرب وليس كل العرب مسلمين مثل مسيحي مصر وموارنة لبنان وطوائف المسيحية في سورية والأردن . أما الشخصية العربية القومية نجد إنها قررت التدخل مرتين بشكل غير نهائي وغير متعادل ولكنه مؤثر , فكانت المرة الأولى في القرن السابع عبر العالم الإسلامي لتأسيس امبروطورية إسلامية وبها تم السيطرة واحتواء معظم دول حوض البحر المتوسط وأسسوا بذلك رؤى سياسية جديدة بها تحطمت القوى الفكرية لتلك الدول ( حوض البحر المتوسط) .ولقد تزحزح مركز القوى السياسية والإستراتيجية لأوروبا القديمة من روما وبكل ما فيها من سيطرة للكنيسة و تجاوزات للكاثوليكية ضد الإنسانية وبذلك أصبحت الأجواء متهيئة لظهور البروتستانتية في أوآخرالقرن الخامس عشر التي تغلب عليها الجنس الألماني فانتقلت السلطة لوسط أوروبا وكل تلك التغيرات سببها الفكر الإسلامي المتحرر الذي أعطى مساحة كبرى للإبداع الفكري والتسامح مع أصحاب العقائد الأخرى . والمرة الثانية نجد أن المد العربي الحضاري في الفنون والتقنية وشتى العلوم من جغرافيا وتاريخ وفلسفة بدء يأخذ طريقه إلى العقل الأوروبي ولم يكن مقصورا على بعض مناطق أوروبا بل على العكس من ذلك ذاد الرواج الحضاري العربي بسبب حركة التجارة الدؤبة وتنقل الرحالة والدارسين الأوروبيين للاستكشاف في مناطق نفوذ العرب وكذلك لتلقي علوم الطب والهندسة التي أشتهر بها المسلمون وازدهرت حركة الترجمة من المؤلفات العربية إلى (الألسن )اللغات الأوروبية وقالت السيدة هونكه أن أغلب تلك التراجم تمت في قصر القيصر الألماني فريدرك الثاني في صقلية ومن العرب تعلم الإدارة:حيث كان للعرب موهبة إدارية جبارة فقد شيدوا جهازا إداريا نموذجيا في إمبراطوريتهم أصبح مثالا احتذ ته إمبراطورية الشتاوفر حتى فيما يتعلق بنظام الجمارك الذي نظمه بأدق تفاصيله القيصر فريدريك. ومن بعدها أصبح الميراث العربي في أوروبا محاربا من قبل الكنيسة لما أحدثه من يقظة في الشارع الأوروبي وكانت هناك محاولات عدة لطمس روحه الحضارية وتعالت صرخات الكنيسة لتخويف الناس من ضياع الهوية الرومية ونجد في خضم هذا الصراع فقط التوجه الألماني الذي كان إلى حد كبير منصف تجاه التراث العربي الإسلامي , وفي المقابل من ذلك أثرت أوروبا ثلاث مرات عميقة في العرب من خلال نداء البابا لحرب المسلمين أعداء الصليب وبه بدأت الحملات الصليبية التي خلفت وراءها الآم عظيمة يعاني منها العرب حتى الآن ولكني لا أجد مخرج سوى المصالحة والمسامحة,. من مؤلفات الكاتبة (شمس الله تستطع على الغرب و ليس الله كما يزعمون