ثقافة
سلامة كيلة يعلن إفلاس اليسار العربي والعالمي في كتابه الجديد
رأس الخيمة – يقدم الكاتب والمفكر سلامة كيلة في كتابه ثورة حقيقية – منظور ماركسي للثورة السورية، والصادر مؤخراً عن دار نون للنشر في رأس الخيمة، رؤية مغايرة للرؤية الخاطئة التي تبناها أغلبية اليسار العربي والعالمي تجاه الثورة السورية، معتبراً أن اليسار العربي والعالمي وقع بتأثير منظور يساري لم يستطع تجاوز ثقافة “الماركسية”، التي عممها خبراء سوفييت تأسست ماركسيتهم على فهم صراعات الحرب الباردة.
في مقدمة الكتاب ـ الذي سيكون أول تواجد له في الأسواق خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والأربعين ـ يشير سلامة كيلة إلى أن الثورة السورية ثرية، وفيها من البطولة قدر ما فيها من الوحشية التي مارستها السلطة، وهي ثورة حقيقية، بمعنى أنها شهدت أقسى المواجهة من قبل الطبقة المسيطرة ضد الشعب الذي بذل أقسى البطولة في رفض سلطة ممثلة للطبقة المافياوية العائلية الريعية المسيطرة التي تشن حرب إبادة على الشعب المتمرد، الذي يريد الخبز والحرية.
كما أنه يوضح أن هذا الكتاب يصدر بعد كتابه السابق “الثورة السورية، واقعها، مشكلاتها وآفاقها”، منطلقاً بذات الوقت من فكرة أن الثورة السورية تحتاج لدراسات عديدة لأنها باتت تطرح الأسئلة حول الكثير من القضايا النظرية والعملية، السورية والعالمية، وتمثل تجربة يمكن أن تقدّم الكثير من الخبرات.
يتطرق الكتاب في عدد من فصوله إلى ضع الثورة وواقعها، لينطلق منه إلى نقاش المنظور اليساري الذي لم يستطع تجاوز ماركسية خبراء الحرب الباردة السوفييت، لافتا على أن الموقف من الثورة السورية وحّد معظم تيارات «الماركسية» التي نشأت خلال القرن العشرين، والتي – بحسب كيلة – يبدو أنها فهمت الماركسية بالطريقة ذاتها رغم كل الاختلافات والتناقضات التي حكمتها.
ويضيف كيلة في مقدمته أنه رأى ضرورة أن يُشار في عنوان الكتاب إلى المنظور الماركسي للثورة السورية، وأن يشدد النقد، ويقوم بكشف لا ماركسية كل اليسار الذي يتناول الثورة السورية من منظور: أن الإمبريالية “هي أميركا فقط ” وكل من هو ضد أميركا، هو على حق بغض النظر عن كل واقعهم وتكوينهم الطبقي ومنظورهم الأيديولوجي، فهو المبدأ التي درّسته «الماركسية السوفيتية» لمعتنقيها، وتأثرت به تيارات أخرى كانت تعتقد بأنها تخوض صراعاً ضد هذه الماركسية، والذي كان يعبرّ عن مصالح الدولة السوفيتية في صراعها ضد الإمبريالية الأميركية.
ولهذا يرى أنه من الضروري تناول الوضع العالمي في علاقته بالثورة السورية انطلاقاً من أن المسألة السورية كانت تؤشر إلى تشكّل عالمي جديد يتجاوز الانقسام الذي حكم العالم خلال الحرب الباردة، ومن ثم بالتالي فقد سقط اليسار، ليس العربي فقط، بل والعالمي أمام السؤال السوري، مستخدماً تعبير لينين حين اندلعت الحرب العالمية الأولى إزاء الأممية الثانية، حيث عنون كتاب له ب «إفلاس الأممية الثانية»، ليقول «إفلاس الحركة الشيوعية العالمي، وكل انشقاقاتها وتفرعاتها التي تأسست على أساس منظور ستاليني أو أحياناً بالضد منه». هذا يشمل أيضاً الحركة الشيوعية التي كانت في تبعية للاتحاد السوفيتي، والماوية التي اعتمدت ستالين ورفضت الانحراف الخروتشوفي، وأيضاً بعض الاتجاهات التروتسكية. مع الإشارة إلى أننا نشير إلى أن هناك من الحركة الشيوعية، ومن الماوين والتروتسكيين من استطاع أن يتخذ موقفاً سليماً من الثورة السورية بعكس الاتجاه العام المهيمن.
يذكر أن هذا الكتاب يصدر أيضاً بالتزامن مع صدور كتاب أخر لسلامة كيلة يحمل عنوان “العلمانية – المعنى والإشكالية في الوطن العربي” أيضاً عن دار نون للنشر في رأس الخيمة وسيكون أيضاً ضمن معروضات الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
أخيراً فإن الكتاب يقع في 190 صفحة من القطع المتوسط، صمم غلافه وأخرجه فنياً خالد الناصري.