أفضل المقالات في الصحف العربية

11:44 صباحًا EET

الحرب على الارهاب في الصحافة الغربية

في نهاية عمود الأسبوع الماضي، ناشدت  المصرييين ان يرفعوا للعالم لافتة مكتوب عليها بخط واضح”  امعنا ام ضدنا [ في الحرب على الإرهاب ] لا خيار وسط ” … سؤال رئيس أمريكي  للعالم يوم تعرضت بلاده لاعتداء إرهابي.

القول الإنكليزي  “مايصلح للبط  فهو مناسب للأوز”  ترجمته بالمصري الفصيح ” مفيش حد أحسن من حد”. للمصري الحق نفسه الذي استخدمه الامريكي  استنادا للقانون الدولي في الحرب علي الإرهاب.

لاحادة بالمصري لااسترضاء واشنطن او لندن او بروكسل؛  او الجلوس في “تختة” الفصل الدراسي ليستمع درس ممل من المستر هيج من الكلية الملكية البريطانية الكلاسيكية،  او كيري  افندي  في بعثة اعارة من الجامعة الأمريكية،  او الابلة كاثيرين أشتون من مدرسة بروكسيل الاعدادية ، بان عليه المسامحة، ومصالحة الأولاد الأشقياء من ” الكْتَاب” ( بتسكين الكاف وشد التاء) من حارة الاخوان المجاورة بعد ان تسلقو أسوار المدرسة واعتدوا عليه والمعلمين ، بالضرب ومزقوا  ملابسه واحرقوا مكتبة المدرسة، والمسرح، وقاعات الموسيقى والفنون،  واقتلعوا زهور الحديقة.

رد المصريين يكون ” معذرة يامستر كيري… نحن في حرب ضد الإرهاب؛ اانت معنا ام ضدنا؟ “

المصريونن غاضبون من تقاريرالصحافة  الغربية. صحيح ان هذه الصحافة غير دقيقة في تسمياتها ومغالطة  لأحداث التاريخ التي كنا شاهدين عليها في شوارع مصر، لكنها  ليست مؤامرة على مصر بقدر ما هي نتيجة لعجز المؤسسة الرسمية المصرية نفسها عن إيصال الرسالة من ناحية؛ ولعاملين  اخرين من ناحية اخري.

الاول خارج عن قدرة المصريين على تغييره.

انها الحالة الذهنية للمسؤولين عن الخط التحريري للبي بي سي ( وهم مناهضين للثقافة العامة لغالبية الأمة البريطانية نفسها ويريدون تمزيق التقاليد العريقة وهدمها كالنظام الملكي والإرث الإمبراطوري ؛ فهل يتوقع المصريون ان تتنصفهم آلبي بي سي في تقاريرها بينما تنحاز للإرهابيين ضد مصالح الشعب البريطاني نفسه الذي يدعم من جيبه ميزانية الهيئة؟).

هذه الذهنية زرعت في أدمغة الصحفيين مغالطات تاريخية ومعلومات خاطئة عن مصر وتاريخ الاخوان وتنظيمهم السري . بقية الصحافة تبعت آلبي بي سي ككبغاء ضعيف النظر في ترديد المعلومات الخاطئة وخلقت بدورها حالة ذهنية mindset  في شارع الصحافة العالمي جعلها لاتتزحزح عن موقفها بالإصرار على تسمية ثورة يونيو ٢١٠٣ بالانقلاب …

واذا لم يكن قراء الصحف ابتدائا الواشنطن بوست الى الغارديان، قد شاهدوا باعينهم ثورة المصريين،  فهم معذورون في جهلهم  بخروج ملايين المصريين   لإسقاط الفاشية الأيديولوجية الاخوانجية حيث لاتذكر الصحافة  هذه  الحقيقة الثابتة في اصرارها على ان محمد مرسي ازيح بانقلاب عسكري وكان الشعب المصري لاوجود له.

العامل الثاني : عجز البيروقراطية المصرية التقليدية عن تقديم الواقع اليومي المصري لتصحيح التشويه المستمر على مدار الساعة من ماكينة بروباغندا  الأخوان بميزانية ملايين الدولارات من الكيان الخليجي الذي يمكن استضافته بمواطنيه في فندق ثلاث نجوم في الاقصر.

المشكلة في تدني مستوى تدريب موظفي السفارات المصرية في مهارات  الاتصال  communication skills   وافتقارهم مرونة تغيير الخطاب و الابتكار اللحظي message delivery flexibility  بذهنية سجينة المصالح الحكومية بخطاب يثير التصفيق في ميدان التحرير بينا يثير السخرية في اسماع الجمهور الغربي ناهيك عن صحفيين عالي التدريب متشككين بطبيعتهم؟

ولا يوجد بلد في العالم، بما فيها الديموقراطيات العريقة، لا ترتكب اجهزته الأمنية اخطاءا وتجاوزات سواء بالتجسس على خصوصيات الناس او في فض الاعتصامات ومواجهة المظاهرات.

الفارق ان الديبلوماسي  الاوروبي مدرب علي سرعة التصرف والمرونة امام الكاميرا والميكروفون لتجريد الصحفي الاستفزازي من أسلحته.  اما بالاعتراف بالخطأ والوعد بإجراء التحقيق، او التهرب بالتحجج بعدم جواز التعليق على قضية يحقق فيه القضاء ( رسالة ضمنية  باستقلال القضاء في بلاده ).

 وفي الحالات الصعبة، يعد بان حكومته ستحقق في الامر وستعاقب المسؤول في حالة خطأة وتعوض المتضرر. الصحافة والراي  العام الاوروبي يعجب بفضيلة الرجوع للحق، الي جانب تحييد الصحفي الاستفزازي.

ولن تجد مسؤولا غربياً يحاول إنكار الواقعة او نفي الخبر او تبريره، فقط يكتفي بالوعد بالتحقيق .

 في الوقت نفسه يسرع الديبلوماسي الغربي بإرسال برقية طويلة او تقرير الى عاصمته يوصي بسرعة أصلاح الخطأ الذي كان موضوع المقابلة، اي الإفراج عن معتقل او سرعة اجراء التحقيق او عرض الامر للقضاء.

 في المقابل ستجد موظفي  وزارة خارجيته في بلاده لديهم صلاحيات المرونة و الإسراع بتنفيذ توصياته. فلا يعقل ان الا يكون ” قلبه على البلد”؛ وهو حريص على اصلاح صورتها خاصة وانه خبير  بذهنية الصحافة في البلاد المقيم فيها، وقد لايعجب الامن في وطنه ماينصح به، لكن تنفيذه مكسب  لا يقدر بمال .

لكنك لن تجد مسؤولا مصريا يعترف بوقوع اخطاء أو لديه القدرة او الرغبة في استخدام المرونة والخروج عن اللوائح الوزارية في إجابات عن استفسارات الصحفيين الغربيين؛ بل يتبع لوائح مكتوبة بلغة لامعني لها خارج الدوائر المصرية.

الاخطاء الواضحة في الاجراءات المصرية، التي لاتشوه صورتها في الصحافة الغربية فحسب بل يستغلها أعداء مصر في البروباغندا السلبية، يتعامل معه المسؤولون بفلسفة النعامة عند الخطر.

حتى في  حديث ودي   off the record  اي  ليس للنشر مع مسؤول مصري، تهمس في اذنه انه مهما ارتكب مراهق او تلميذ  من اخطاء،  فهو في نظر الراي العام الاوروبي قاصر، اوليس من الافضل لصورة مصر ان يعيد القضاء  النظر ويفرج عنه؟

وبدلا التوصية بتنقيذ نصيحتك ( والتي ستؤكد  استقلال القضاء عن السياسة)  كصديق في تقرير للقاهرة، ستجد المسؤل المصري يسوق المبررات ( التي لاتقنع قطا ناهيك عن الراي العام في بلاد الإنكليز) بان المراهق  الذي ألقي في السجن هو “واجهة مؤامرة تستهدف الدولة والشعب والجيش  بالشرور”.

ولذا فليعترف المصريون لأنفسهم انهم حاليا يفتقرون للإمكانيات والذخيرة والقوات المدربة لخوض المعركة في الصحافة الغربية وأنهم خسروها مرحليا لصالح التنظيم الدولي للجماعة ومن وراءها من كيان خليجي بميزانية غير محدودة وتركيا او روغان ..

وليختاروا الاقل مرارة من الضررين: تجاهل ضغوط كيري  واشتون  وهيج بلافتة “من ليس مع مصر في حربها على الإرهاب فهو ضدها”؛ ولتذهب العقود والمصالح لاستثمارية الى من يقف مع مصر في الحرب على الارهاب  وفي مجلس الامن كروسيا والصين والمملكة السعودية ومجلس التعاون الخليجي ( ناقص واحد).

وكما ذكرنا سابقا كل ما ياتي من  أمريكا واو أروبا في كافة المجالات  موجود في الصين وروسيا بشروط أفضل.

انتهى

التعليقات