مصر الكبرى

10:25 صباحًا EET

إنفلات

قلم 4 لون وكمان القلم السحري يا فندية!
هنا سبونش بوب!
ستيكرز يلزق ما يطلعش!
مقشرة 2 X 1 بجنية !
تشكيلة جديدة من البنطلونات السكيني!
اكسسوارات
محافظ وشنط
ملابس
عطور

كميات كبيرة من القمصان فوق سيارة وشاب يصرخ بصوت عالي: القميص بـ25 والأربعة بمائة، وزميله يلقي قميص مغلف على الأرض في نصف الشارع ويدوس عليه تعبيراً عن رخص السعر.
الباعة مكدسون طوال الشارع بصورة لا تسمح بمرور أكثر من سيارة، وأعدادهم تتزايد.
هذا هو حال شارع طلعت حرب بالقاهرة وغيره من شوارع مصر في كافة محافظاتها
لم أر ضابطاً يحاول وضع حد لهذه الفوضى، لم أسمع عن خطة لتنظيم الشارع دون قطع رزق هؤلاء الباعة. هل توجد حتى النية لإعداد نظام للبيع الجوال: إيجاد ساحات لأسواق مفتوحة ولساعات محددة على سبيل المثال.
إشغالات الشارع تتزايد ومع ذلك لا يخشى أي شخص أن يُعزل من منصبه، فالاستبداد لا يزال قائماً.
فلماذا إذاً لم يتم التعامل سوى مع أكشاك الكتب في شارع النبي دانيال؟ بغض النظر إذا ما كانت هذه الأكشاك مخالفة أم لا، فشوارع مصر كلها مخالفات. الاستبداد لا يزال قائماً فإشغالات الشارع لا تزعج أجهزة الدولة الإنتقائية التي تهجم على أكشاك الكتب وتتجاهل باعة الملابس والحقائب والأحذية والطرح والأكسسوارات والعطور ومستلزمات المدارس، إلى آخره، إلى آخره. ناهيك عن بيع الأطعمة التي يجب أن يتعامل معها الحجر الصحي. كل ده مش مشكلة، لكن أكشاك الكتب لا يجب أن تخالف وتزعج المراكز الثقافية في شارع النبي الدانيال!
الاستبداد لا يزال قائماً لأن مواجهة المخالفة لا يكون بالتدمير. مسلسل تجاوزات الأجهزة الأمنية لا يزال مستمراً، لم يدركوا بعد أن استخدام أدوات الاستبداد من تعذيب وتخريب يعرضهم للمسألة. لم يدركوا بعد أنه يجب عليهم إعمال القانون دون انتهاك آدمية المواطن وقهره. لا أدري كيف يمكن تقويم من انتهج التعذيب والتخريب ويعيش في توافق مع ازدواجيته بين شخصيته في العمل وشخصيته خارج عمله. لا أدري كيف يجب أن يكون نظام المتابعة والتقييم للعاملين في الأجهزة الأمنية، لأننا لدينا أصلاً مشكلة في نظم متابعة وتقييم أداء العاملين بالدولة ومدى صلاحيتها.
لكن لنحاول أن نستخرج من كل حادثة حراكاً إيجابياً. هدم أكشاك الكتب ذكرني بفيلم مايكل مور "فهرنهايت 9/11" الذي يتعرض فيه إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، يعرض الفيلم في أحد مشاهده ردة فعل جورج بوش الإبن حال إخباره بإنهيار برجي التجارة. كان جورج يجلس مع أطفال في فصل رياض الأطفال. تذكرت الجملة التي كانت مكتوبة على السبورة في الخلفية: " Reading makes great countries" (القراءة تصنع الأمم العظيمة). تذكرت عدد المكتبات العامة ومكتبات وأكشاك بيع الكتب التي تعج بهم شوارع أوروبا. تذكرت الناس في المواصلات العامة وكل واحد كتابه في يده.
تذكرت كل ذلك وأنا أشاهد صور أكشاك شارع النبي دانيال المحطمة وأدركت أن رد الفعل الوحيد اللائق هو أن نكتسب عادة القراءة اليومية. إن المجتمع الذي لا يقرأ لا يمكن أن يحقق أي نهضة لأن القراءة هي ما تصنع الأمم العظيمة.

التعليقات