مصر الكبرى

06:39 مساءً EET

مذبحة الكتب بشارع النبى دانيال بالعاصمة الثانية لمصر : اسكندرية .

مازلت أذكر ميدان العتبة الخضرا بحدائقه ، وسور الأزبكية الذى كنا دائما نجد فيه "لقيَّه " بعد "لقية " : كتب نادرة . نفرح باكتشافها ثم امتلاكها بقروش قليلة . لقد شكل الميدان بحدائقه وبسور الأزبكية سيمفونية بديعة من ذكريات كثير من المثقفين فى مصر ..ثم وقع الاعتداء على الميدان ، فنحن أعداء للأخضر ولرئة المدينة ،

ليس هذا فحسب بل وقع العدوان على سور الكتب ، فحرمت طائفة كبرى من الفقراء من إمكانية اقتناء الكتب ، وعلى رأس هؤلاء الفقراء طلاب مصر ، الذين جفت عقولهم بمقرراتهم العقيمة ، وسرقة قدرتهم على شراء الكتب بقروشهم القليلة . أتذكر ذلك الميدان الجميل الذى طالما عمرته فرق موسيقية بل وعرض أفلام ثم السوق القديم للكتب ..لم يعلم الجهال القتلة أن مثل هذه المعالم هى روح البلد بل هى مثل الأهرام ..هذا المهرجان الثقافى الفنى الشعبى الرائع أصبح فى ذمة التاريخ ..ذهب ولم يسجل حلاوة أيامه أحد ..وبكيناه ، وما زلنا نبكيه .وتكررت نفس الفعلة الشنعاء فجر الجمعة7 من سبتمبر فى سوق الكتب التاريخى فى شارع النبى دانيال بالأسكندرية ..العاصمة الثانية لمصر ..أسقطوا رمز الثقافة للمرة الثانية ، وضاع حلم الكتاب للجميع ..الاسكنرية فى الصيف تستقبل آلافا مؤلفة من المصيفين الذين كانوا يرتادون هذا الشارع لإرضاء متعتهم العقلية فى وقت الفراغ فى المصيف ، هذا طبعا بجانب أهل الاسكنرية وطلابها الفقراء . لقد اقتحموا السوق ذات القداسة فجر الجمعة بآلاتهم الضخمة وأمنهم المركزى ليغتالوا العقل السكندرى والمصرى وليفعصوا الكتب كما يفعص الناس الصراصير ..استهانة بهذه الكتب العظيمة ..ظل المصريون يلتقطون أى ورقة مطبوعة ملقاة فى الشارع خشية أن تحوى اسم الله وتتعرض للوطأ ..يا ترى كم مرة وطأت بلدوزراتهم اسم الله الذى حوته هذه الكتب بالضرورة ، فلا أظن كتابا بالعربية يخلو من اسم الله …حالة اغتيال وانتهاك لقداسة الكتاب تكررت فى التاريخ على يد الطغاة ..فهل عينوا فى محافظة الإسكندرية محافظا طاغية ؟! لا أدرى الفعلة شنعاء ليس فقط لانتهاك حرمة الكتب بل لانتهاك كرامة المصريين ، فهذا أسلوب مرفوض ..كان يمكن إنذارهم وإعطائهم مهلة ليزيلوا أكشاكهم بأنفسهم ، هذا لو وافقنا على إزالة أحد أهم معالم الإسكندريه بل ومصر …كم أشفق اليوم على مستقبل مكتبة الإسكنرية …اللهم أسألك اللطف بعبادك المصريين أقدم من عبدك وقدَّس بحمدك وسجد لك ، وطلب العلم واخترع الكتاب الذى أطلقته اسما لقرآنك …" ذلك الكتاب لا ريب فيه " بل سمى أبناء الديانات التى لها كتاب مقدس " أهل الكتاب " . ما أبشع تمزيق الكتب ودهسها بالبلدوزرات !

التعليقات