أفضل المقالات في الصحف العربية
سبع سنوات زواج ثم
الفيلم «حكّة السنوات السبع» يعود إلى سنة 1955، أخرجه بيلي وايلدر ولعب دور البطولة فيه توم ايويل ومارلين مونرو. والمقصود بكلمة «حكّة» أن الرجل بعد سبع سنوات من الزواج يصاب بحكّة (جلده يرعاه) ويفكر بالخيانة الزوجية.
قرأت أخيراً أن الزوج هذه الأيام يبدأ التفكير في «اللعب بديله» بعد 11 سنة، ومن أسباب ذلك في الغرب الزيادة في طول العمر، وتأخير سن الزواج عنه قبل 50 سنة أو نحوها، وواقع أن كثيرين يعيشون معاً، وينجبون أولاداً ثم يتزوجون.
مرة أخرى، الكلام السابق عن الغرب وأهله، ففي بلادنا لا «حكّة» سبع سنوات أو إحدى عشرة سنة، أو أي سنة، لأن الزوجة مخلصة والزوج أكثر إخلاصاً منها.
ما سبق من كلام دعاية، فأعود إلى الفيلم الذي كان في الأصل مسرحية من تأليف جورج اكسلرود، تحكي قصة رجل يعمل في دار نشر تسافر زوجته وابنه في إجازة، وتشغل الشقة فوقه عارضة أزياء سابقة تصورها شركة أفلام وهي تؤدي دعاية لمعجون أسنان. الجار يبدأ بأحلام يقظة عن علاقة معها، إلا أنها غير مهتمة به. والفيلم ينتهي من دون أي علاقة خارج إطار الزوجية، في حين أن المسرحية الأصلية تضم مشاهد تنتهي بخيانة زوجية.
أشهر منظر في الفيلم كله لا يحكي عن إخلاص أو خيانة، وإنما هو لمارلين في فستان أبيض فوق شبك حديدي في الطريق يمر تحته مترو نيويورك، وهي تمسك بالفستان حتى لا يطير من الهواء الذي يندفع مع مرور كل قطار مترو تحتها.
والآن أعود من الفيلم إلى الموضوع الأصلي فهل هناك فعلاً «حكّة» تصيب الزواج بعد سبع سنوات أو أكثر أو أقل؟ الدراسات يناقض بعضها بعضاً، وأقربها إلى المنطق ما قرأت عن بريطانيا فقد كان الملل من الزواج قبل 30 سنة يبدأ بعد 8.9 سنة، فيطلب أحد طرفيه الطلاق، والآن أصبح معدل طلب الطلاق بعد 12 سنة.
في بلادنا، كما في الغرب، نسبة الطلاق في كل الزيجات، هي الثلث تقريباً، وفي حين أن بعض بلادنا يشهد انتهاء الزواج بالطلاق، في أشهر معدودات، فإن في الغرب ما يسمونه «الطلاق الفضي» أي الطلاق بعد 25 سنة من الزواج.
ربما كان الأمر أن الجنس خارج مؤسسة الزواج متوافر في الغرب بسهولة، وهذا ليس موجوداً في معظم بلادنا، لذلك يكثر عندنا الطلاق السريع، فكأن طرفي الزواج أو أحدهما تزوج بنية الطلاق.
المثل يقول «إذا وقعت يا فصيح لا تصيح»، والطلاق يبقى أبغض الحلال إلا أنه أهون من الخيانة الزوجية. وكنت مرة قرأت عن الأميركيين أن عشرة في المئة منهم يخونون زوجاتهم في الولايات المتحدة… والباقون في أوروبا.
قبائل تسمانيا في أستراليا كانت مشهورة بأنها لا تمارس الزنى، ولعل هذا سبب أنها انقرضت. أما نحن فأمة تعاني من ألف مشكلة ومشكلة، إلا أن أكبرها ليس خطر الانقراض، بل القنبلة السكانية، فنسبة زيادة عدد السكان في كل بلد عربي هي بين الأعلى في العالم، وهذا يعني أن هناك شيئا لا نزال نتقنه بعد أن تقدم الآخرون علينا في كل مجالات الحياة الأخرى.
أكتب بحذر شديد وتهذيب لأبقى بعيداً عن الممنوعات، وأفضّل الجانب الهاذر من الموضوع، فقد قرأت أن الرجل في النصف الأول من الزواج يريد الإخلاص ولا يستطيع، وأنه في النصف الثاني يريد «اللعب بديله» ولا يستطيع.
وقرأت أيضاً طرفة عن أوروبي عاد من العمل مبكراً إلى بيته ووجد زوجته في السرير مع رجل فأطلق النار عليها وقتلها. وسأله القاضي خلال محاكمته لماذا لم يقتل الرجل. ورد الزوج: أسهل أن أقتل زوجتي من أن أقتل رجلاً غريباً كل أسبوع أو اثنين.
وتبقى الدراسات العلمية عن «الحكّة» كثيرة إلا أن كثرتها لا تعني صحتها أو دقــتها، لذلك أفضل أن أتعامل مع «الحكّة» بالهذر بدل الجد.