آراء حرة
لميس جابر إ تكتب :لى «البرادعى»: أنت لا تعرف الشعب الذى «تغرّد» له لميس جابر
منذ أن ظهرتَ كمرشح لرئاسة الجمهورية وأنا أرفضك تماماً.. ليس لخلاف شخصى بينى وبينك، فأنا لا أعرفك، ولكننى أتبع عقلى ومنطقى تماماً أيضاً. كنت أرى أن إمكانياتك كرئيس سابق لمؤسسة الطاقة النووية ودراستك للقانون الدولى وعمرك الطويل الذى عشته وقضيته خارج أرض مصر وعدم وجود سابق تجربة لك فى الإدارة فى مصر ولا حتى فى الحكم المحلى، وجائزة نوبل الممنوحة لك
وهى وإن كنت لا تعلم ضدك وليست لك، بعد أن حصلت عليها العميلة الصغيرة «توكل كرمان» التى حاولت الانضمام للمجاهدين فى «رابعة» بينما وطنها ينقسم الآن بفضلها إلى أربعة أجزاء متساوية، وسقوطك فوق سماء مصر بالبراشوت، وارتداؤك أردية الثوار والشباب الديمقراطيين الليبراليين فجأة ودون سابق معرفة ودون سابق وجود وتفاعل وإحساس بالشعب المصرى.. كل هذا جعلنى أرفضك لأننى لا أعرفك ولأننى متأكدة أنك لا تعرف الشعب المصرى.
ولكم تحملتُ من هجوم وسباب ورفض لهذا الرأى حتى من أقرب الناس إلىَّ.. وجاء الوقت الذى أقول فيه الآن بكل ثقة: إننى كنت على حق.
وبعد أن قدمتَ لنا الإخوان كفصيل سياسى أصيل، وقلتَ: لا إقصاء لأحد، وإنهم شركاء فى الوطن، وإن كل ما قيل عنهم كذب صنعه مبارك وصنع فزّاعة لنا يُرتكب فى سبيلها كل ما هو ضد حقوق الإنسان.. كنتُ متأكدة أنك لا يمكن أن تكون جاهلاً بحقيقة الإخوان وحقيقة حسن البنا والهضيبى وسيد قطب. لا يمكن أن تكون غافلاً عن تاريخهم الإجرامى الإرهابى من أول قتل المستشار الخازندار وحتى حريق القاهرة فى 1952، ومحاولة اغتيال عبدالناصر وكل مجلس قيادة الثورة فى 1954.. لا يمكن أن أصدق أنك مؤمن بأن من أقسموا على المصحف والمسدس بالطاعة العمياء للمرشد الأوحد قادرون على ممارسة الديمقراطية وتبادل الحوار وقبول الرأى والرأى الآخر.. لا يمكن أن تكون جاهلاً بجماعة حماس الإخوانية الصهيونية الصنع التى جاءت بالصناديق ولم تفارق الحكم حتى اليوم وسلاحها الأوحد هو الآلى والـ«آر بى جى» والمولوتوف والاغتيال.. لا يمكن أن تكون مؤمناً بأن الجماعة غير القانونية وحزب الحرية والعدالة غير القانونى وغير الدستورى الذى يقوم على أساس دينى لا مثيل له فى النمسا ولا فى جوار البيت الأبيض يمكن أن يمارس الديمقراطية ويخضع لرأى الأغلبية ويكون عنصراً مشاركاً لا مهيمناً.. متعاوناً لا ديكتاتورياً.
وبعد أن تراوحت تصريحاتك بين التردد والتجميل والتعاطف مع الإخوان رافعاً شعارات الديمقراطية الأمريكانى سابقة التجهيز منتهية الصلاحية المصوَّرة لنا بالمليارات الأمريكية المشبوهة، رافعة شعار الربيع العربى والثورات المصنوعة لصنع الفوضى الخلاقة المدمرة التى تسعى إلى تقسيم أرض مصر وبيعها فى سوق النخاسة الأمريكية الشوهاء.. وبعد أن ظللت طويلاً غيرَ قادر على اتخاذ قول حاسم فى تغريداتك، وظللت قادراً على الاختفاء والسفر فى أشد الأوقات صعوبة، وبعد أن تفاقمت الأزمة وحضرتَ بنفسك احتفال عزل الجاسوس الخائن الذى هوى بمصر إلى القاع.. جاء وقتك لتكون نائباً لرئيس الدولة للشئون الخارجية، ولم تصمد طويلاً.. تطايرت تصريحاتك وتغريداتك عن نبذ العنف بكل أشكاله وعن مقاومة الاستبداد بكل أشكاله وعن رغبتك فى المصالحة لكل الفصائل.. وكأننا جميعاً أبناء الشعب المصرى الذى هرول بالملايين إلى الشوارع قد أصابه العمى والغباء وفقدان العقل؟ من هى الفصائل التى عليها أن تتصالح الآن فى مصر؟ من هم الأطراف المختلفة؟ مصر لا يوجد بها سوى مصريين وإخوان فقط.. من هم الذين يمارسون العنف غير الإرهابيين من الإخوان وحماس والجهاد والقاعدة الذين يأتمرون بأمر السيد المرشد الهارب المحتمى بالسفارة القطرية القميئة؟ من هم الذين يمارسون الاستبداد بكافة أشكاله؟ ونحن جميعاً كشعب وجيش وشرطة وقضاء وأزهر وكنيسة وإعلام مجرد مشاهدين لأفلام الرعب التى يقوم بها حلفاؤك.. وبعد أن تم على يديك إجهاض خطة فض الاعتصامات بقوة القانون أكثر من مرة فى اجتماعات الأمن القومى.. هرولت لتحضر لنا السيدة أشتون والسيد بيرنز وأعضاء الكونجرس والمتخلف الجاهل جون ماكين ليتدخلوا فى شئون مصر الداخلية تدخلاً سافراً ومهيناً، وليضربوا السيادة المصرية فى قلبها ويطلبوا الإفراج عن المعتقلين السياسيين ويُسمح لهم بزيارة الملعون الخائن «مرسى»، ولتعلن أنت فى شجاعة تُحسَد عليها أنه لا مانع من إجراء صفقة مع جماعة الإخوان تتضمن خروج قياداتهم الإرهابية الخائنة من السجون ودخولهم ثانية إلى الحياة السياسية المصرية كفصيل سياسى.. ورفعت شعاراً رددته الإعلانات المريبة وراءك كالببغاوات تحت شعارات متجمعين.. مكملين.. ليه لأ.. نعم ليه لأ.. ؟ أهلاً بكل من حمل السلاح الآلى والخرطوش والمولوتوف.. أهلاً بكل من قتل وأمر بقتل جنود الجيش المصرى وضباط الشرطة المصرية.. أهلاً بكل تنظيم من القاعدة والجهاد وبيت المقدس والقسام وجلجلة.. أهلاً وسهلاً.. ولا إقصاء لمن ذبح ومثَّل بالجثث من أبناء مصر الشرفاء.. لا إقصاء لأحد ممن حرقوا مصر وخربوها.. لا إقصاء لمن حرقوا الكنائس والأديرة والجوامع المصرية ومحلات الأقباط ومنازلهم.. لا إقصاء لمن عذبوا أكثر من مائة مواطن بكل أشكال البربرية والوحشية فى سلخانة الفصيل السياسى المضطهَد.. لا إقصاء لمن دفنوا الجثث فى مدافن جماعية فى المنصة وحديقة الأورمان.. لا إقصاء لمن اختطفوا الفتيات وقدموهن قرباناً لأباطرة المجاهدين ليرفهوا عنهم ويعالجوهم من الكبت الجنسى لأنهم ديمقراطيون ليبراليون.. لا إقصاء لمن قطعوا أصابع طفل فى الثامنة من عمره.. لا إقصاء لمن حنطوا الجثث بالفورمالين ولطخوها باللون الأحمر وعرضوها على أرض شارع النصر ولمن حرقوا المعذَّبين بعد موتهم بالسولار.
اعتراضاتك مقبولة، واستقالتك أسعد خبر تلقاه المصريون.. واستجابة البيت الأبيض كانت إشارة واضحة لإحراق مصر وإغراقها فى الخراب بعد استقالتك الميمونة.. أنا أعذر البيت الأبيض وأعذر دول الناتو وغيرها من عملاء الغرب الذين أصابهم الذعر فراحوا يتآمرون على مصر فى مجلس الأمن، وأعذر السلطان سليم الأول الذى هاج وماج لأنه يعرف أن مصيره قد اقترب.. أعذر كل هؤلاء، فالمشروع المكلف الذى استنفد السنوات والمليارات من الدولارات والملقب بالشرق الأوسط الجديد قد تحطم على صخرة وعرة عنيدة اسمها الشعب المصرى.. ولكننا أبداً جميعاً لن نعطيك الأعذار لأنك تحمل جنسية هذا الشعب.. وكل هذه الدماء وكل هذا الخراب ديْن فى عنقك سيظل لعنة حمقاء تلاحقك حتى نهاية عمرك. أنت لا تعرف الشعب الذى تناشده فى تغريداتك. نحن شعب لا يتعامل مع التغريدات.. قد نبدو شعباً خاملاً غافلاً إلى حين.. قد نحترمك لأنك تحمل رائحة الغرب المتحضر إلى حين.. قد ننبهر بجائزة نوبل ونظنها وساماً إلى حين.. قد نُخدع فى عقلك وحكمتك ووظيفتك السابقة إلى حين.. ولكننا عند المساس بحق الوطن نتحول إلى وحش كاسر.. قاسى القلب.. لا نغفر ولا نسامح.. فأنت قد شربت من ماء هذا النيل.. وتنفست من هواء مصر.. وترعرعت تحت نور شمسها.. لذلك، فالجرم لو تعلم، لعظيم.