آراء حرة
محمد الحداد يكتب : مات صديقي وعاش المدير
لم اتصور أبدا أنني سأرثيه في يوم من الأيام فقد كنا معا في مرحلة الثانوية الأزهرية ثم درسنا الصحافة والاعلام بجامعة الازهر الشريف عن رغبة عارمة .. واختار صديقي ان يعمل عملا يحبه ويؤدي دورا ايجابيا يمارسه عن قناعة وحب فبدأ حياته العملية موظفا اعلاميا ادراريا محترما له كل التقدير والقدر والاحترام في واحدة من الوزارات الكبيرة في المقام وزارة الداخلية .
وبرغم ما واجهه من تحديات في ادارة من اداراتها الخدمية العريقة الا انه اراد وتمسك واصر علي العيش الحلال دون ان يمد يده للحرام فانتقل بعيدا وخيرا فعل إذ انتقل الي الي ادارة العلاقات الانسانية بوزارة الداخلية فعمل سنوات عمره بإدارة عريقة وكبيرة ونبيلة تعمل الخير كل الخير لأبناء وزارة الداخلية من الشرطيين وغيرهم من المدنيين العاملين بالوزارة او خارجها فكانت بحق واحدة من اعظم إدارات وزارة الداخلية وهي ادارة العلاقات الانسانية التي تحمل اسما علي مسمي .. فعاش صديقي مستمتعا بالعمل في ادارة تحبه ويحبها .
تسعده ويسعد بتنفيذ التكليفات التي توكل اليه فيها الي ان شعر وبشكل مفاجئ بتعب شديد فدخل مستشفي الشرطة بمدينة نصر قبل ايام ذاهبا اليها بإختياره داخلا اياها علي قدميه ليلقي مصيره هناك اكتشف صديقي ان الكلي تعمل بكفاءة ضعيفة وانه يحتاج الي غسيل كلوي …فكانت المصيبة ان تعرض لتلوث بكتيري في الكانيولا التي تم تركيبها له حتي يتمكن من الغسيل الكلوي … ولم تمهله يد الاهمال الا قليلا وكانت يد الاهمال الصارخ في مستشفي الشرطة بمدينة نصر تضرب بيد قاسية وغليظة كان صديقي يحتاج الي قياس الضغط قبل الغسيل الكلوي ,وفي الدور الرابع الذي شهد المأساة لم تتوافر اجهزة لقياس الضغط واضطر العاملين للاستعانة بجهاز من الدور الاول والعكس , وبين مشوار الدور الاول والدور الرابع للبحث عن جهاز قياس ,خارت قوي الزوجة الوفية لصديقي فتفتق ذهنها عن احضار جهاز قياس علي حسابها الشخصي الخاص لتستخدمه ثم تتركه كتبرع بعد خروجها من المستشفي ولانه من الطبيعي ان يكون اهل المريض دائما متوترين وغير صبورين … اصطدمنا بواقع فادح مؤلم حيث اكتشفنا ان الادارة غير قادرة علي ضبط ثباتها الانفعالي .
فدخلت الادارة الغليظة في صدام مع زوجة صديقي كنت استمع الي شكواها وانا مذهول محاولا عدم تصديقها وبداخلي هاجس يقول ربما تبالغ الزوجة من فرط قلقها علي زوجها ……..ولكن الوافع كان اشد مرارة وفداحة مما كانت تحكيه الزوجة , ففي مساء الاربعاء 18 ديسمبر اشتدت وطأة المرض قبل اجراء جلسة الغسيل الكلوي , وهرع الجميع الي مراقبة غرفة العناية المركزة بالمستشفي , ولخطورة الامر فزعت الزوجة المكلومة المصدومة المشدوهة التعبة الوفية التي وقفت علي قدميها ولم تسترح لمدة 12 يوما هي فترة بقاء صديقي بالمستشفي التي دخلها ماشيا علي قدميه ومع حالة الفزع والرعب تجمع الاقرباء وعلي راسهم الزوجة وتصادف وجودي مع زميلي الاستاذ محمد سعد نائب رئيس تحرير اخبار اليوم وفجأة دخل علينا رجل يصرخ فينا بغلظة ووحشية وإجتراء, يتكلم معنا بطريقة مهينة ويحدثنا بمنتهي القسوة والتكبر والاجتراء وعدم التقدير للظروف التي نمر بها .
وما زاد الطين بلة أنه دخل في صدام بشكل يخلوا من اللياقة ويبعد كثيرا عن كل اشكال التعامل اللائق الرقيق كما يجب ان يتصف الطبيب المسئول او المدير الناجح الواعي الفاهم غير المتكبر فقد كان من الاحري بهذا الرجل المسئول ان يترك منصبه فورا طالما انه غير قادر علي تحمل المسئولية وطالما هو لا يستطيع ان يحتمل المرضي او ذويهم تطاول الرجل لم يكن بصوت مرتفع فقط بل كان في حالة هيستيريا وصراخ شديد ووحشية ولم يكن يريد ان يسمع الا نفسه فوقف امامنا يرغي ويزبد يهدد ويتوعد وكان علي وشك التهجم علي الزوجة باليد الي هنا اقف مستصرخا اللواء محمد ابراهيم ياسيادة الوزير كيف تترك مثل هذه القيادات المسيئة علي رأس مكان يجب فيه ان يتعامل المسئول مع المرضي وذويهم بإنسانية وان يتحكم المسئول في غضبه ويتمالك اعصابه ؟؟؟ ما ذنب المرضي وذويهم في ان يتعاملوا مع مسئول فاقد لثباته الانفعالي , غاضب ,عصبي , يرفع صوته , ويصرخ , ويهدد , ويتوعد بوحشية , وغطرسة وكأننا في أحد معسكرات الاعتقال ولسنا في مستشفي لملائكة الرحمة وقتها لم نعرف ان صديقي قد مات .
وذهبنا لحال سبيلنا لننام ساعتين حتي تطلع الشمس .. وليصدمنا خبر وفاة صديقي صباح الخميس 19 ديسمبر .. وبين وقع الصدمة ورغبتنا في انهاء مراسم الغسل والكفن واجراءات الدفن , ومابين الحسرة علي ما شعرنا به من اهانة ومرارة في مكان من المفترض فيه ان يضمد جراحنا ويستوعبنا ويرفق بنا ويوقف نزف مشاعرنا المؤلمة ويداوي تخوفاتنا , وجدت نفسي اسطر تلك الكلمات متوجها بها إليك اولا ياااااااااااااارب إليك اولا ياااااااااااااارب إليك اولا ياااااااااااااارب مات صديقي يارب الاهمال قتل صديقي يارب ثم اتوجه اليك يا وزير الداخلية هذه شكواي اليك.. ارفعها اليك لك وحدك بعد ان رفعت يدي الي الله سبحانه وتعالي اشكو اليه ثم اليك من اجتراء وعنف وتسلط ووحشية وعدم قدرة علي ضبط الثبات الانفعالي لمدير مستشفي الشرطة بمدينة نصر اتقدم اليك يا سيادة اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية ان تحقق في هذه الواقعة التي اكتبها وكلي حسرة والم وفجيعة وشعور بالمهانة من هذا الرجل الذي يعتبر نفسه الآمر الناهي الحاكم بأمره في الملك والملكوت هذه الشكوي لك وحدك يا وزير الداخلية .
أشكو اليك ولن امتنع عن الشكوي اليك والي الله سبحانه وتعالي الا بعد ان يحاسب هذا الرجل الذي هربت منه الرحمة والرقة في التعامل مع المرضي وذويهم اشكو اليك وارفع اليك شكواي ولن اخفض يدي من الدعاء الي الله قائلا حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل فقد مات صديقي محمد فهمي يا سيادة الوزير وعاش مدير المستشفي… ليمارس الغضب والزعيق والصراخ في اهالي المرضي الذين لا حول لهم ولا قوة مات صديقي وعاش مدير المستشفي مات صديقي وعشنا بعده بكل الالم والحسرة والمرارة والشعور بالاهانة مات صديقي وبقيت في حلقي غصة مات صديقي ولم استطع ان ارد عنه اهمال مستشفي الشرطة ولا حتي رد الاهانة عن زوجته واسرته التي تكابد الامرين ويعتصرنا الم الفراق والم الاهانة مات صديقي