مصر الكبرى

05:51 مساءً EET

صناعة الطواغيت!

يحكى أن فرعون مصر العظيم الملقب بالإله والمنزه عن أفعال الرعية أتم يوما قرابة الثلاثين عاما في الحكم. خشي الفرعون العظيم أن تكون صورته قد اهتزت في عيون الرعية فقرر أن يذكرهم بقوته وقدراته وأسباب استحقاقه لمنصبه ومزاياه.

أشار الكهنة على الفرعون الإله بأن يرتدي نقبة تنتهي بذيل ثور وأن يخرج على رعيته في مشهد مهيب لتجديد العهد. قام الكهنة باستدعاء الرعية الى ساحة واسعة ليشهدوا فرعونهم العظيم وهو يجري من محل الى آخر مطاردا ثورا قويا ليشهدوا بانفسهم أن مليكهم لم يشخ بل مازال قويا صلبا وجديرا بحكم بلاد النيل الخصيب. لماذا تكبد الفرعون الإله كل هذا الشقاء والتعب؟ لأنه يخشى همسات الرعية خلف الجدران المغلقة في الليل وفي الأسواق وهم يتسائلون عن شرعية حكمه والتي يستمدها- طبقا لمعايير هذا العصر- من قوته وشبابه وطاقته. أيحتاج الإله إلى إثبات؟ ايضطر الفرعون العظيم الى مباركة من الشعب؟تذكرت ذلك العيد المصري القديم المسمى حب- سد (بكسر الحاء والسين) في احدي ليال رمضان العشرة الاخيرة وأنا استمع الى صلاة التراويح على إذاعة القاهرة الكبرى. كان الشيخ الجليل الذي يعظ المصلين على الهواء مباشرة يكلمهم عن مناقب الرئيس مرسي الذي يعد أول رئيس عربي حافظ للقرآن الكريم وكيف أن الخير كل الخير سيأتي لمصر على يديه. وتسائلت في قرارة نفسي عن علاقة الفرعون بشعبه. لقد حكم بلاده ثلاثة عقود واكثر وصنفه العامة على صورة إله فلماذا يكتب البعض عن صناعة الفرعون.. او ليس هذا ظلما للفراعين العظام الذين لم يألوا جهدا في تجديد شرعيتهم واثبات جدارتهم بحكم مصر العظيمة. انها اذن صناعة طاغية وتدريب ملك على الا يسمع سوى صوت نفسه وصوت التصفيق الحاد لمن يمجدونه بمناسبة او بدون.ما أحلى ان يكون المرء حافظا لكتاب الله وما أعظم أن يتقي المرء ربه. لكني اتسائل حقا عن التعظيم والتفخيم في شخص الحاكم واعتبار أن وجوده في سدة الحكم مبرر كاف لغض الطرف عن أي اخطاء وكونه رجل منتمي لجماعة دينية سبب آخر للثقة العمياء على اعتبار أنهم (بتوع ربنا) ثم تأتي ثالثة الأثافي والنتيجة الطبيعية ممثلة في اختراع تهم مثل إهانة الذات الرئاسية. لماذا لا يقوم الرئيس برفع دعوى مدنية بنفسه ضد من أساءوا اليه. لأنه أكبر من النزول الى مستوى العامة فقرر أن يجرم فعل سب منصبه وليس شخصه ليتولي آخرون عنه تلك المواجهة التي يترفع هو عنها. لو كان مترفعا بحق لترك الموضوع كله وما كان ليخص الاساءة اليه بالتجريم. لكنه الفرعون أعني الرئيس الذي لم ينجز شيئا بل واتضح أن المشروع الذي بنى حملته الانتخابية عليه هو محض خيال لكنه يستمد شرعيته من عناصر إسلامية ستمنع الكل من انتقاده والا أصبحنا نننتقد الدين نفسه.لا تظلموا الفراعين فقد خطبوا ود شعبهم رغم أن عصرهم لم يكن يعرف صناديق ولا سرادقات. تبا للطواغيت مرة وألف مرة لمن يصنعونها.

التعليقات