كتاب 11
متظاهر تحت الطلب
يبدو ان الحركة الثورية في مصر الآن تسير لدى البعض وفق الطلب، فعندما يتم استدعاؤه للنزول للشارع يلبي النداء فورا دون بذل أي جهد للتفكير في الوطن فينزلون ويملأون الشوراع ضجيجا غير مثمر الا في انهاك قوى الشعب الطامح للبناء ؛ وهو ما يذكرني بسيارة نقل الموتي التي تتصدر عبارة ” تحت الطلب ” جميع جوانبها حتى لوحة أرقمها مكتوب عليها ” تحت الطلب” .
هذا ينطبق تماما على من كنا نراهم يظهرون في صدارة المشهد الثوري ـ كما يزعمون ـ بعد 25 يناير ؛ رأيناهم في محمد محمود وماسبيرو والمجمع العلمي وغيرها من أحداث انهكت جسد مصر .
وفي المشهد الحقيقي لم نشاهد ايا منهم يتلاحم مع قوى الشعب الطامح للتغيير في 30 يونيو وما بعدها عندما تدفق الملايين يزأرون في بر مصر كلها من أجل القضاء على أخونة مصر ؛ ولكن كيف يحدث ذلك وهو ينتظرون إشارة للبدء في الرقص على جثة الوطن ويخروجون في تظاهرة تلو الاخرى هدفها جمع حفنة من الجنيهات وتقسيمها على محاسيبهم دون أدنى انتماء لوطن يئن من نزيف اقتصاده وتتكالب عليه رويبضة الامم تريد ان تنهش من جسده ؛والوطن يبذل كل جهده ليؤمن لقمة عيش تسد جوع فقير في برد الشتاء او يفرض سياجا من الامن والحماية على الحدود الشرقية وبنفس القوة على الحدود الغربية والجنوبية .
فعلا الدولة تعاني من شيخوخة في اتخاذ القرار وهذا نابع من جيل من الوزراء تربوا في كنف نظام بائد وتطبعوا بطبعه وساروا على نهجه سنين عجاف على الوطن ثمان على بطونهم ، استنزفوا خيرات ومقدرات اجيال كاملة رزقها على الله وحده .
وصحيح ان الحكومة الحالية لجأت احيانا الى استخدام مدغدات المشاعر من القرارات التي توجه لها أبواقا اعلامية لتلمعها في النهاية يستفيق الشعب على لا شيء ، والأمثلة على ذلك كثيرة فالاعلام أخذ يبطل ويصدح ليل نهار بزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى القاهرة تأييدا لثورة 30 يونيو وانتقاما من أمريكا لدعمها للإخوان ،ودخلت هذه الزيارة في طي النسيان فلم نعد نسمع عنها شيئا وكذلك صفقات السلاح الروسية ـ وربما يقول البعض انها أمور سرية لاينبغي التصريح بها ـ فكان يجدر بالحكومة من الأول ان تحيطها باطار من السرية والكتمان حتى تتم ،ولا ينتظر الشعب وعودا لا تتحقق واحلاما يستقظ منها على سراب .
هذا من أخطاء الحكومة فعلا وهو جزء من كل وما كثر كان أعظم ..
لكن كل هذا وغيره لا يعطي مبررا واحدا لخيانة الوطن ، نعم خيانة وهو تتساوى في جريمتها مع التخابر او الهروب من المعركة ،.
ان ما يفعله مجموعة ممن يدعون أنفسهم انهم ثوار ويرفضون كل قانون سواء كان على هواهم او على غير مرادهم فهم اتخذوا من الشارع سكنا ..ومن هزيمة الدولة هدفا ..ومن الخيانة حلما ..ومن المال غاية ؛لايستحون من فعل شيء ضد وطنهم ولا يشعرون بخزي او عار مع كل لقمة يأكلونها مغموسة بدم مصري اريق في سيناء بأيدي قتلة فجرة او مواطن بريء يجعلونه صيدا لحبائل افكارهم الخيانية .
اقول لكم في النهاية ما قاله هتلر عندما سُئل : ” من هم أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك؟” فأجاب: ” أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلدانهم”.