مصر الكبرى
عبد الله رسلان يكتب … قائم بأعمال السجين
منذ الحادي عشر من فبراير/ شباط 2011 ومصر في متاهة كبيرة، بدأت بتعديلات دستورية أقل ما يقال عنها أنها عنصرية مرورا بانتخابات برلمانية ورئاسية وأربع حكومات آخرها وزارة قنديل وأحداث خطيرة ذات أبعاد أمنية ثم إجراءات تبدو أحادية من قبل مرسي رحب بها كثيرون واعترض عليها كثيرون أيضا ولكنها تبقى مجرد إجراءات شكلية لا تضيف جديدا وإنما تزيد من الغموض والشك والارتباك وبالتالي تطعن في شرعية نظام الحكم أيا كان منبعه.
تنحي مبارك أو خلعه –أيهما تحب- كان مسرحية هزلية بما في ذلك من تكليفه للمجلس العسكري بإدارة شئون البلاد الذي كلف البلاد عاما ونصف من الوقت الضائع وانتخابات بأموال طائلة مهدرة ثم سلمها لمرسي الفائز بانتخابات الرئاسة الذي أعاد كرة العسكر بحيازة كافة السلطات بما في ذلك السيطرة على اللجنة التأسيسية للدستور.ورغم تعهدات مرسي للجميع بالحياد والشفافية والمساواة فلم يقدم أي دليل ملموس على ذلك، بل إن كل أفعاله تصب في خانة الضبابية وعدم الوضوح، لدرجة أن بعض أخبار مصر يعرفها المتابعون من الصحف العالمية بما في ذلك تطورات العملية العسكرية الأمنية الجارية في سيناء.الانتخابات الرئاسية نفسها التي أتت بمرسي بنسبة( 51% ) كانت مثارا للسخرية، فلم يقدم برنامجا واضحا ولم تكن هناك قواعد محددة لعمل الرئيس ولا لدور مؤسسات الدولة المختلفة وها نحن ندخل معتركا جديدا لا علاقة له بأي شرعية، وساند أغلب الثوار مرسي انتقاما من شفيق رغم أن مرسي الذي يدعي كونه رئيس الثورة لا يحمل برنامجه الاقتصادي أي شيء للثورة التي طالبت بالعدالة الاجتماعية.
خطوات مرسي حتى اللحظة تشبه خطوات مبارك تماما، فعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي لا يوجد مكان للعدالة الاجتماعية، وبالنسبة للسياسة الخارجية لم يتغير الأمر بل هي ذات أفكار مبارك، وحديث جماعة مرسي مع المصريين هو أسوأ من حديث حزب مبارك، وقمع الآراء المعارضة وتخوين كل ناقد ما هي إلا محاولات بائسة لبناء شرعية مفقودة على طريقة مبارك أيضا.
محاولة السيطرة على الدستور ووضع مواد فيه تقيد الحريات ومواد أخرى تتيح لمرسي إكمال فترته الرئاسية رغم مخالفة ذلك لأحكام الدستور الجديد كلها أفكار نظام مبارك، ومحاولة شغل الرأي العام عن الدستور وعن حقيقة عدم شرعية اللجنة التي تكتبه هي بنات أفكار مبارك.
من هنا أقول بكل ثقة أن مرسي ليس رئيسا بالمعنى الشرعي المتعارف عليه عالميا في الديمقراطيات الحديثة المتطورة في إطار الدستور والقانون، بل هو قائم بأعمال السجين محمد حسني مبارك، ينتهج ذات السياسات ويتبع ذات العقلية ولا تختلف لغته عن لغة مبارك من الناحية الموضوعية فكلها خطب عاطفية لا ترقى لمستوى المسئولية ولا تنفع إلا في مجتمع متخلف.
مصر مرسي تتجه للاقتراض وهي مليئة بالأموال، وتتجه لعدم الانحياز وهي منحازة داخليا وخارجيا، وتتجه للقضاء على الإرهاب في سيناء وهي مليئة بالإرهاب الفكري، وتتجه للأمم المتحدة وهي تنتج دستورا ترفضه الأمم المتحضرة، وتتجه للنهضة وهي تعود للخلف، فصل الرئيس عن السجين هو الحل.