مصر الكبرى

04:02 مساءً EET

البطاطس الشيبس .. وتمثال ديليسبس …!!

قد يبـدو العنـوان غريباً على القـارىء المتابع لتفاعــلات الشـارع السياسى المصرى ؛ وقد يقول قائل : ( مالنا ومال هذا الموضـوع !! ) ؛ ولكن الوطنية لاتتجزأ ؛ وتـراث هذا الوطن لايمكن العبث به ؛ ومحاولات طمس الهوية المصرية ؛ وإهالة التراب على تاريخ شعب ناضل ، وأريقت دماؤه فى كل العصور ؛ من أجل الحرية ؛ لايمكن أن تنجح ؛ طالما أن القوى الوطنية تقف لتلك المحاولات بالمرصاد !!

وهو موضوع لايقل أهمية ، بأى حالٍ من الأحـــوال ؛ عن كل الحراك السياسى على ساحة مصـر المحروسة ؛ التى تبتلى فى كل عصر وأوان ، بالمحن والعقبات ؛ وطبالى الزفة ؛ الذين لايعنيهم تـــراث أمة ؛ ولا نضال شعب ؛ ولا يفرقون بين من يمنحهم الماء للوضـــوء ؛ أو من يجعلهم يسفُّون التراب ؛ من أجل المـال والسلطة ؛ ولا أريد قول المثل المصرى العبقرى فى هذا الصدد !!
مقدمة..كان لابد منها ؛ لتدخل معى عزيــزى القارىء المبجل الى عالم المفاجآت التى نصطـدم بها كل صباح ؛ وبتلك المانشيتات الصحفية ؛ التى يروج لهاأولئك القافزون بالباراشوت على عالم الصحافة ؛ التى يحاول الظلاميون ، الامساك برقبتها؛ وخنــق ملكات الابداع فيها ؛ ولنقرأ معاً هذا التصريح الثقيل العيار ؛ للسيد الجهبذ المحتــرم الجهبذ وزير الآثار :
( قال السيد/ محمد إبراهيم وزير الدولة لشئون الآثــار، إنه ناقش اليوم السبت مع محافظ (بورسعيد ) الساحلية إعــادة وضـع تمثال الفرنسي( فرديناند ديليسبس) فى مدخل قناة السويس الى قاعدته ؛ بعد ان أسقطه أهالى المدينة خلال مقاومتهم العـــدوان الثلاثى عام 1956 ) !!
ولكن أهالى مدينـة بورسعيـد البواسل ؛ وعلى رأسهم جماعات المثقفين ؛ ورواد الحركات الثقافية ، البعيدة عن الشكل الرسمى للثقافة ؛ شددوا على رفضهم اعادة التمثال الى قاعدته ؛ ورفضوا القرار الذى يهيل التراب على تاريخ مقاومـة هذا الشعب للعـدوان الثلاثى ؛ وقيام (رجال المقاومة ) بتحطيم التمثال كرمز من رمـــوز الاحتلال القمىء ، الذى جثم على صدر مصر طوال عقوداً من الزمن . واقترحوا وضع التمثال كتاريخ فى( متحف بورسعيد القومى ) المزمـع انشاؤه ؛ والذى سيتكلف حوالى 17 مليون دولار .
وكان ( فردينانـد ديليسبس ) مقرباً من الخديوى/ سعيد ؛ الذى حكم مصر بين عامى 1854 و 1863 ؛ وتمكن من الحصول على( فرمـان ) عقد امتياز حفر قناة السويس ، بمدة امتياز 99 عاماً ؛ واقيم التمثال عام 1899 ؛ ومازالت قاعدته كما هى منذ 56 عاماً .
وما أشبه الليلة بالبارحة ،فنحن نسمع الآن ، عن مداولات ومناوشات ؛ لبيع حق امتياز ( قناة السـويس ) لدولة من الدول التى لاتتعدى مساحتها بأكثر من مساحـة بلـد النضال ( بورسعيد ) ؛ وكأن بيـــع التاريخ ودمــاء الشعوب ؛تأتى بجرة قلم ؛ لتحقيق أطماع( أمـراء الخليج ) فى تحجيم وتقليص دور مصر فى السيادة والريادة بين الأمم العربية بل والعالم بأسره ؛ ومحاولات الطمس للهـوية المصريـة ؛ تجرى على قدم وساق ، من أولئك الذين لايدينون بالـولاء لمصـر ولا لتاريخها العظيم ؛ وولاؤهم لأمرائهم المانحين للعطايا والهبات؛ بحلم إنشاء الامبراطوريـة الوهمية تحت راياتهم السوداء !!
وهؤلاء الذين يحاولون بيع مصر وتراثها الخالد ؛ ومليونيرات العصر الجديد ، بفعل التمويل الخفى من جهات مشبوهة ؛ لم يحاولوا حتى – ولو من باب ذر الرمــاد فى العيون – اقامة مصنع ؛ يزيد قلاع الصناعة فى مصـر بالانتاج ؛ الذى يخدم مجالات هامة فى الاقتصـاد المصرى ، كمصانع النسيج أو الحديد ، او الأسمنت ؛ بل أنهم يحرصون على خلق المناطق الحرة لانتاج( البطاطـس الشيبسى ) والشيكولاته واللبان وكل السلع الاستهلاكية ؛ التى تعود على جيوبهم بالربح السريع !! دون النظر الى اقتصايات دولة ؛ فيها من البطالة والفقر المدقع ؛ مايجعلها دائماً ؛ على شفا حفــرة الانفجار؛ لتدمير المجتمع ، الذى يعانى اصلاً من عشرات المشاكل .
واخيــراً .. أهيب بكل الشرفاء فى هذا الوطن العظيم .. أن ينتفضوا ويتحركوا فوراًبالوقفات الاحتجاجية ؛ على هذا القرار الغير مسئول ؛ والذى يحابى اتجاهــات بعينها لاتنظر الى مصلحة الوطن ؛ ولا لتراثه ؛ ولا لدم الشهداء الأبرار ، الذين ذهبـوا فـداء لمصرنا المحروسة ؛ التى ستظل نبراساً لكل الأمم المتطلعة الى الحرية والتقـدم وإرساء قواعد الديمقراطية ؛ والحفاظ على تراث الشعوب من الاندثار .
وأتوجه بالشكر العميق لكل مثقفى ومفكرى بورسعيد ؛ وتجمعاتهم الوطنية الشريفة ؛ التى تناضل بكل مالديها من امكانات ؛ وانحنى لهم إجـــلالاً وتوقيراً ؛ واتضامن معهم لمنع تلك المصيبة من الوقوع ؛ والوقــوف بالمرصـاد ؛ لكل محاولات تغييب العقل الجمعى فى مصرنا المحروسة.

التعليقات