عرب وعالم
وزير الخارجية الليبي: القمة العربية والافريقية تعقد في ضوء تطورات متسارعة بالمنطقتين
دعا وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة ليبيا محمد احمد عبدالعزيز الى بناء شراكة استراتيجية بين الاقليمين الافريقي والعربي على ارض الواقع بهدف تحقيق تنمية مستدامة لشعوب المنطقتين والمساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والسلم والأمن فيهما.
وقال عبد العزيز في كلمته التي ألقاها في افتتاح اعمال اجتماع المجلس المشترك لوزراء الخارجية للقمة العربية الافريقية الثالثة بصفته رئيسا للقمة العربية الافريقية الثانية ان من ابرز الثوابت بين المنطقتين الفهم المشترك للتحديات التنموية التي تواجههما داعيا الى الاستجابة لهذه التحديات في اطار عمق الروابط والمصالح المشتركة والاعتبارات التاريخية والجغرافية والثقافية ومسيرة النظام المشترك من أجل التنمية وبناء دولة المؤسسات والقانون. وذكر ان التشخيص الموضعي لهذه التحديات يتطلب تبني شراكة تضامنية يغذيها حشد الطاقات ودعم كل الجهود الوطنية والاقليمية للارتقاء بالتعاون الافريقي العربي الى مستوى توقعات شعوب المنطقة. واوضح الوزير الليبي ان من الثوابت ايضا أهمية الاستجابة لتطلعات شعوب المنطقتين لتعزيز الاخوة والروابط المؤسسة على مبادئ المساواة والاحترام والمصالح المشتركة والثقة والتفاهم المتبادل مضيفا انه لا بد ان يواكب هذه الاستجابة ايلاء أهمية خاصة لترجمة استراتيجية الشراكة العربية الافريقية التي اعتمدتها القمة الثانية في ليبيا. واضاف عبد العزيز ان تلك الاستراتيجية تعكس نفسها في الاختيار الموفق لشعار هذه القمة كرسالة قوية لأقطارنا للدفع بالاقتصاد والاستثمار ذي المردود الى الأمام حتى تتحقق المنافع المتبادلة. وقال ان تفعيل هذه الاستراتيجية يتطلب الاخذ في الاعتبار ليس فقط خصوصية دول المنطقة ومستويات التنمية فيها لكن ايضا الاستجابة للأولويات التي تفرضها المرحلة التي تمر بها الدول الأفريقية والعربية بحيث تكون هناك استجابة حقيقية للاحتياجات الآنية. وافاد بان تنفيذ هذه الاستراتيجية وغيرها من المبادرات سيتطلب ضمان تمويل نشاطاتها وبرامجها مما يستدعي اعداد استراتيجية تمويل يشارك فيها كل المعنيين بما في ذلك مؤسسات التمويل الاقليمية والدولية واشراك القطاع الخاص في هذه الجهود وتعزيز قدرات وامكانات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الافريقي للدفع بمسيرة التعاون العربي الافريقي وتشجيع الاستثمار وتطوير القدرات البشرية. واعتبر ان تعزيز التعاون العربي الافريقي هو مسؤولية كل الدول الافريقية والعربية بجميع مؤسساتها التمويلية الاقليمية ودون الاقليمية ومنظماتها الحكومية وغير الحكومية وقطاعها الخاص. وقال ان استضافة القمة العربية الافريقية الثالثة ليس بغريب على الكويت وشعبها في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقتان الافريقية والعربية بتطورات متسارعة متطلعا الى بناء شراكات فاعلة بينهما. وذكر ان انفتاح الكويت على العالم تحت القيادة الرشيدة لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح واستضافتها للعديد من القمم واللقاءات الدولية يدل على ان الكويت تولي أهمية خاصة ليس فقط للمضي قدما في تعزيز المسار الديمقراطي وطنيا لكنها تمد يدها الى العديد من بقاع العالم للمساهمة في تنفيذ مشاريع تنموية تستهدف العديد من شرائح المجتمع. وأفاد بأن انتقال رئاسة القمة العربية الأفريقية الى الكويت سيتمخض عنه نقلة نوعية في الدفع قدما بشراكة عربية افريقية معربا عن ترحيبه بمشروع بيان الكويت ومشاريع القرارات الأخرى حول القضايا المطروحة على جدول الأعمال لهذه القمة. وقال ان ليبيا الجديدة انطلاقا من انتمائها الافريقي والعربي تسعى لتطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والاستثمارية مع محيطها العربي والافريقي وتعزيز أواصر الأخوة والصداقة مع هذا المحيط مؤكدا انفتاح ليبيا على دول العالم قاطبة من منطلق الاحترام المتبادل وفتح آفاق التعاون مع الجميع. من جهته اشاد وزير الشؤون الخارجية لجمهورية الغابون ايمانويل ايسوزي نجونديت بالتزام وتعاون الكويت مع الدول الافريقية مشيرا الى انه يتفق مع رغبة تلك الدول في تنمية الشراكات الديناميكية التي تصب في صالح الطرفين. ودعا نجونديت في كلمته خلال افتتاح اعمال الاجتماع الى تنفيذ خطة العمل التي تم وضعها في اجتماعات مشتركة سابقة ” اذا اردنا الوصول الى تحقيق اهدافنا المشتركة”. وقال ان الوقت قد حان لتجسيد التزاماتنا في المجالات ذات الاولوية والحيوية مثل الزراعة والتجارة والصناعة وغيرها مضيفا ان التعاون في مثل هذه المجالات يجب ان يحظى بالتمويل المناسب . وبين ان القمة العربية الافريقية الثالثة ستتناول موضوع تعبئة الموارد اللازمة وانشاء الظروف المناسبة لتدفق الاستثمارات القادرة على ضمان التنمية في المنطقتين العربية والافريقية . واعرب عن تأييد بلاده لانشاء دولة فلسطينية تعيش في سلم داخل حدود امنة داعيا الى ضرورة اعطاء دفعة للمشاورات الاسرائيلية الفلسطينية. من جانبها قال رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني زوما في كلمتها في الاجتماع ان القمة العربية الافريقية الثالثة تعقد في ضوء ظروف متغيرة في المنطقتين العربية والافريقية مضيفة ان افريقيا تمر بنقاط تحول مستشهدة في النمو الاقتصادي وانخفاض حدة الصراعات والتحسنا في الحوكمة. وذكرت زوما انه تم احراز تقدم في مؤشرات التنمية البشرية في افريقيا مشيرة الى ان متوسط العمر ارتفع من 40 الى 60 عاما وانخفض عدد وفيات الاطفال الرضع الى النصف وارتفع عدد الاطفال الذين يلتحقون بالمدارس . واوضحت انه لمواصلة التقدم في افريقيا “علينا ان ننوع من اقتصادنا ونزيد من معدلات التصنيع ونستفيد من الموارد الطبيعية لزيادة الدخول اضافة الى الاسراع في تنمية البنية التحتية لاسيما في مجالات الطاقة والنقل وتكنولوجيا المعلومات من اجل تحسين التجارة البينية وزيادة النمو الاقتصادي”. ودعت الى تعزيز الاستثمار بين شعوب العالم واشراك الاطراف كافة في الاستثمار والتنمية لافتة الى ضرورة اتخاذ اجراءات عملية ومشجعة في هذا الشان لاحراز تقدم في التنمية المشتركة والاستثمار ولمواجهة التحديات المختلفة ومن اهمها الهجرة. من جهته اكد الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي حرص الامانة العامة للجامعة ومفوضية الاتحاد الافريقي على اتباع سياسة متناسقة لمصلحة العديد من القضايا المشتركة مضيفا ان موقف العالم العربي وأفريقيا من العديد من البنود المطروحة على الأجندة الدولية بات متناغما ويجب العمل على زيادة تقاربه كي يحقق المصالح المشتركة. وقال العربي في كلمته في الجلسة إن موقف الدول الأفريقية في دعم نضال الشعب الفلسطيني لممارسة حقوقه في وطنه وعلى أرضه مواقف مشهودة تفيض بشرفها المحافل الدولية مبينا أن لقاء الشعوب العربية والأفريقية على نصرة قضايا التحرر والتصدي للاحتلال والتمييز والفصل العنصري يسجل صفحة ناصعة من التعاون بينهما في تاريخ الإنسانية المعاصرة. وذكر ان ابرز البنود الملحة على الأجندة الدولية هو موضوع الانتشار النووي “فبينما أصبحت أفريقيا لا نووية طبقا لاتفاقية بليندابا عام 1996 لا يزال العالم العربي يعمل على إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في عموم الشرق الأوسط بامتداده الأفريقي”. وشدد على أهمية العمل على تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي كأساس ضروري ليس فقط لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي بل ولاستكمال ما قامت به أفريقيا عبر (بليندابا) مشيرا الى انه بغير عالمية المعاهدة سيظل الموقف النووي مهددا في أفريقيا والشرق الأوسط خاصة مع وجود مجموعة دول عربية أفريقية واقعة في نطاق بليندابا والشرق الأوسط وهي “مجموعة معرضة على الدوام لمخاطر عدم انضمام إسرائيل للمعاهدة ووضع قدراتها النووية تحت الإشراف الدولي”. واكد العربي أهمية توحيد المواقف إزاء المقترحات المتعلقة بعملية إصلاح وتطوير الأمم المتحدة مشيرا الى تنسيق الجامعة العربية مع الموقف الأفريقي القائم على توافق آراء أعضاء الاتحاد الأفريقي بالنسبة لصيانة حقوق القارة في هذه العملية. وقال ان الأمانة العامة للجامعة العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي يعملان على تعزيز العلاقات المشتركة العربية الافريقية في المجالات المختلفة سواء بالمساهمة في تسوية النزاعات السياسية الواقعة في فضائهما المشترك أو في تعزيز مجالات جديدة تمس عصب التنمية في مجتمعاتنا واضاف العربي ان التعاون الأفريقي العربي حقق مجموعة نجاحات في تنسيق المواقف “ولكنه لم يرتق بعد إلى المستوى المؤسسي المأمول لأنه لا يزال بعيدا عن التشابك الصحيح للمصالح في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية بالشكل الذي يقوي التضامن العربي الافريقي كصمام أمان لشعوب المنطقتين”. ولفت الى ان تحضيرات القمة ركزت على أن تكون الموضوعات الاقتصادية التنموية هي أولوية المناقشات والعمل على أن يصبح التعاون الافريقي العربي واقعا ملموسا يشعر به المواطن الافريقي والعربي وعليه تم اختيار شعار القمة (شركاء في التنمية والاستثمار) ليعكس هذا التوجه. وقال ان مشروع القرارات التي ستصدرها القمة ومشروع إعلان الكويت المعروضين على برنامج عمل اجتماع المجلس المشترك لوزراء الخارجية جاءا متبنيين للنهج الواقعي القائم على الصراحة في التعامل مع مشكلات الجانبين التنموية. وافاد العربي بأن وثائق القمة تم اثراؤها بنتائج اجتماعات وزراء الزراعة العرب والأفارقة الذي عقد بالمملكة العربية السعودية في أكتوبر الماضي وبتوصيات المنتدى الاقتصادي العربي الأفريقي الذي عقد مطلع الأسبوع الماضي في الكويت بمشاركة واسعة من مؤسسات التنمية والاستثمار العربية والإفريقية وبنتائج المناقشات المعمقة التي أجراها كبار مسؤولي الجانبين على مدار الأيام السابقة. من جانبه قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون للجمهورية الاسلامية الموريتانية أحمد ولد تكدي ان القمة العربية الافريقية الثالثة تمثل فرصة للنهوض بعملية التنمية للمجموعتين الافريقية والعربية وتلبية طموحات شعوبنا في العيش الكريم. واوضح ولد تكدي في كلمته في الاجتماع ان استراتيجية الشراكة العربية الافريقية حددت أهم الميادين لعمل المجموعتين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها مثمنا التقرير المشترك لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الافريقي لحصيلة السنوات الثلاث المنصرمة والخطوات التي ينبغي القيام بها لتعزيز العمل العربي الافريقي المشترك. وناشد المشاركين ضرورة بذل قصارى جهودهم بغية زيادة حجم التجارة والاستثمار العربي والافريقي مضيفا ان المواضيع المطروحة على جدول الأعمال تتعلق بقضايا مهمة من شأنها الدفع بالتعاون العربي الأفريقي في المجالات المهمة والأساسية. وأعرب عن خالص الشكر لدولة الكويت أميرا وحكومة وشعبا على استضافة القمة والجهود المبذولة لانجاحها تقدما بالشكر لليبيا على دورها السابق وادارتها الجيدة خلال ترؤسها للدورة الماضية المنعقدة في مدينة سرت الليبية سنة 2010 وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي