آراء حرة
وائل النجار يكتب : محاولة الإخوان اصطناع «مرسي مان»
هناك مجموعة من الأدبيات التي تُوضح مبادئ جماعة الإخوان المسلمين وأهدافهم ووسائلهم وقواعد التربية عندهم، من هذه الأدبيات ما يُسمى بالدعائم العشر والواجبات العشر والوصايا العشر والمراتب العشر والكلمات العشر والنكبات العشر والمنجيات العشر وعقيدتنا وأركان البيعة.
وجاء في أركان البيعة تفسير لبعض المفاهيم اقتبست منها مفهوم الطاعة التي فُسرت على أنها الإمتثال للأمر وإنفاذه تواً في العسر واليسر والمنشط والمكره، كما جاء فيها أيضاً مفهوم الثقة وتم تفسيره على أنه الاطمئنان إلى القائد اطمئناناً ينتج الحب والاحترام.
الطاعة والثقة إذن من دعائم أفكار ومعتقدات جماعة الإخوان المسلمين، ولكن بالنظر إلى صورة الجماعة بعد ثورة 30 يونيو وخاصة بعد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة نجد أن صورة القائد القدوة الشجاع قد اهتزت بشكل كبير لدى أنصار الجماعة بعدما وجدوا قادتهم يهربون تارة في زي منتقبة وتارة أخرى بتغيير ملامح الوجه، إلى أن وصل الأمر عند البعض لدرجة إنكاره الانتماء للجماعة من الأساس والتنصل من ممارساتها.
هذه الانتكاسة وضعت مصداقية الجماعة أمام أنصارها في مهب الريح وأصبح موقفها لا تُحسد عليه، وباتت الشعارات الرنانة التي طالما تغنت بها مجرد كلمات حق يراد بها باطل، فلم يعد للشجاعة والجهاد والتضحية وغيرها من القيم نفس المكانة الرفيعة التي تشدق بها أقطاب الجماعة ومن خلفهم المناصرين لها.
وفي مواجهة هذا الإنهيار الأكبر في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين.. حاول قادة الجماعة اصطناع بطولات كرتونية وتزييف للواقع في مسعى منهم للحفاظ على شعبيتهم الآخذة في الهبوط، ووضح هذا الأمر جلياً عندما استغلت الجماعة لحظة الظهور الأول للرئيس المعزول محمد مرسي منذ الإطاحة به في الثالث من يوليو أثناء توجهه إلى المحاكمة، وسعت إلى إبرازه كرجل قوي متماسك مُهتم بمظهره ولا يكترث بمحاكمته ولا يحترم هيئة المحكمة، بل وتصوير الأمر على أنه مؤامرة كبرى للإطاحة بالرئيس الشرعي للبلاد.
وجدنا الجماعة تُسابق الزمن لتثبيت مبادئها وقيمها المُنهاره في محاولة منها لاقناع مناصريها بالبقاء مُحتشدين في الشوارع والميادين في فترة هي أحوج ما تكون فيها لهؤلاء المناصرين، ولكن الصورة كانت خير رد ودليل على ما أصاب الجماعة .. فلم نجد حشوداً مليونية لمناصرة الرئيس الشرعي – حسب رؤيتهم – بل وجدنا شعبية تنحسر وتتراجع إلى أدنى مستوى لها منذ إنشاء الجماعة عام 1928م.
وبعكس ما أراده قادة الجماعة من تسويق مرسي بهذا الشكل.. نجد أن المواطن العادي استحضر موقف الرئيس الأسبق حسني مبارك من محاكمته وقارنه بموقف الرئيس السابق محمد مرسي.. ليكتشف فارقاً كبيراً وجوهرياً ما بين رئيس يحترم دولة القانون ويمتثل للمحكمة وهيئتها وهيبتها كما هو الحال مع مبارك، فبالرغم من فساد عهده إلا أنه كان رجل دولة، وبين الرئيس مرسي الذي لا يحترم السلطة القضائية ولا يعرف أو يعترف بكيان الدولة.
محاولة الإخوان صناعة أبطال لهم ليست جديدة أو مُستغربة، فكثيراً ما زايدوا علينا بتعرضهم للاعتقال والظلم والقهر والتنكيل والتكبيل على مر العصور .. وهذا الأمر صحيح في جانب كبير منه، إلا أن المُغالطة هنا تكمن في التفريق بين الوطنية وما أُسميه مجازاً “مظلومية”، فالوطنية تعني إيمان الشخص أو الجماعة بقضية وطنهم والدفاع عنها بكل غال ونفيس، ولكن الوضع بالنسبة للإخوان المسلمين مختلف تماماً لأنهم دائماً ما كانوا يُضحون من أجل مصالح الجماعة وليس الوطن، بل وقدموا مصالح الجماعة على مصلحة الوطن، ومن هذا المنطلق يُمكن تسمة ما تعرضوا له بالظلم وليس الوطنية، وشتان الفارق بينهما.
جماعة الإخوان المسلمين تزداد خسائرها كل يوم، ولم تعُد أساليبها ومبرراتها التقليدية تنطوي على فئة كبيرة ليس على مستوى الداخل المصري وحسب ولكن على مستوى الوطن العربي والإسلامي ككل.