آراء حرة
د. محمد الموسوي يكتب : كيري .. الزيارة والتوقيت
ليست زيارة وزير الخارجية الاميركي لـ مصر في هذه الظروف وهذا التوقيت بالزيارة العادية وقد تحمل عدة اوجه ورسائل ومطالب واشارات وتلميحات ومن المطلوب قراءة كل تفاصيلها بدقة وسلامة ..، وزيارة جون كيري هذه وهو السياسي الاميركي ذو الخبرة من جانب وممثلا للموقف الرسمي الاميركي من جانب آخر زار مصر في اطار جولة زيارات لدول اخرى ما هي الا زيارة تسوية في مصر والخليج العربي .
وما يتعلق بمصر فقد اتت الزيارة في خمض تحولات سياسية جريئة في مصر وعشية محاكمة الرئيس السابق وجماعته التي ابدت الولايات المتحدة مع حلفائها دعما واضحا لها تحت عناوين الصناديق والعملية الديمقراطية ومستقبلها في مصر.، ولم تخلو هذه الزيارة من استمرار للدعم المعنوي للرئيس وجماعته وقد بدا هذا واضحا في السلوك اثناء وقائع المحاكمة فقد كانت هناك نمطيات سلوكية مقتبسة من الرئيس العراقي المعدوم صدام حسين… صورة التسوية المطلوبة في مصر لن تكون باعادة الرئيس رئيسا بل ستكون بطلب السماح لجماعته بممارسة نشاطهم السياسي والمشاركة الطبيعية في العملية السياسية تحت مظلة مشروع التنمية الديمقراطية في مصر ومشاركتهم في العملية السياسية من المنطلقات الاستراتيجية هي امر بالغ الاهمية لو نظرنا الى اقترانه بمشروع التغيير في تونس واليمن وما يجري في سوريا وما عملت عليه الاطراف الحليفة المتفقة بالإنفاق على مشروع نزع القدرات والتغيير في سوريا لصالح نسخة اقليمية موحدة ستتفق وتتوافق مع من في تونس واليمن ومن خرج وسيعود الى العملية السياسية في مصر .. هذا من جهة ..، ومن جهة اخرى تتضمن هذه التسوية تهدئة واضحة مع القيادة المصرية من منطلق ان مصر امر واقع في المنطقة لايمكن التخلي عنه ولا اهمال اهمية دوره ولا وجود لامكانية غض النظر عن اتفاقيات هامة بين الطرفين لذا وجب اصلاح ما افسده العطار من خلال تسويق خاطىء للمعلومة والخبر كانتا اساسا في بناء رؤية غير سليمة. ساعات في القاهرة لسكرتارية الخارجية الاميركية كافية جدا لايضاح وايصال المطلوب وما ترحيب الادراة الامريكية بمشروع الحوار المصري الامريكي الا بداية مخرج للازمة التي نشبت بسبب مشاريع اسلام السلطة ولاجل هذا المخرج وجبت الزيارة في هذا التوقيت وفي هذه الظروف وللبدء في الحوار المرحب به لابد من اثبات لحسن النية .. وكان لابد من اجراء لقاءات على هامش الزيارة مع اشخاص نشطين في مجال الاتصال الجماهيري ولابد من وجود ادوات لانجاح المقصد. لا يشك كل ذي نضوج من اهل الخبرة السياسية في ادراك الجانب الاميركي لاهمية الجيش المصري وعاطفة الشعب المصري التاريخية معه واهمية الحوار مع قادته لذا فان اي تسوية مع الجانب المصري لن تتم دون التكفير عن خطيئة ما حدث واصلاح الرؤية الضبابية معه ومع حكومته ولو خلت الزيارة من ذلك فانها ستكون اقرب الى العبث ولا اعتقد ان عبثا قد يتضمن زيارات رسمية لوفود رسمية لدولة كبيرة لها ازمة بجم ما مع الدولة الاهم الشرق الاوسط والمترقب النوعي سيرى دلائل ذلك في الافق القريب .، ولابد من انهاء اي ازمة قد تعرقل عملية التنمية كاملة او تسعى الى تشويه الصورة ..، وقد اوصل كيري الرسائل وادى ما هو متعلق بالمهمة وما تصريحه حول مستقبل الديمقراطية في مصر وحول الترحيب الاميركي الرسمي بمشروع الحوار الذي اطلقته مصر الا صورة واضحة وجلية حول ما اسلفناه من المسعى الاميركي الرامي الى انهاء الفتور بين البلدين واعادة حيوية الدور الاميركي مع مصر . السعودية الزيارة للسعودية في اطار جولة الخارجية الامريكية هذه تأتي في غاية الاهمية وهي في اطار تسوية ايضا حيث رحى حرب الاستنزاف ونزع القدرات الدائرة في سوريا من اجل المشروع القائم والمتفق عليه سواء بين الجانب السعودي والاميركي او اطراف اطراف كتركيا والغرب وممولين عرب ولا نرى اختلاف بين السعوديين والاميركان فيما يتعلق بمشروع التغيير في سوريا من حيث المبدأ ولكن قد يكون الاختلاف على الاليات والتفاصيل والتكتيك وهذا كله يعني ان مشروع التغيير في سوريا من وجهة النظر الامريكية قائم ومستمر وهذا ما يتطلب توسية في مصر تضمن عودة اطراف بعينها الى العملية السياسية مما قد يعزز الامال لدى ادوات التغيير في سوريا. على صعيد اخر قد ترى السعودية ان على الجانب الاميركي ان يفسر تطور علاقاته مع النظام الايراني وان يفسر هذا الكيل المزدوج مع ايران فتارة ايران نظام يوصف بالمارق الخطر على الامن والسلم العالميين ويجب محاسبته.. وتارة اخرى وجود تطور في الحوار ينفي تلك الصفة كما ان الجانب الاميركي يرى ايضا ضرورة طمأنة السعوديين وتهدئتهم وتهدئة الخليج من خلالهم وتفسير ما يتعلق بالجانب النووي الايراني والجانب السوري في الحوار الايراني الاميركي.، فترة زمنية عصيبة وشائكة تلك التي كانت في الاشهر الماضية كانت طويلة ومرهقة في مسيرة السياسة الامريكية ومربكة ايضا لرؤية التغيير واعادة رسم الخريطة السياسية في العالم العربي والمنطقة. كانت المهمة في القاهرة ارسال رسائل والعمل على بدء اسس لمشروع الحوار ومتطلباته وتفاصيلة .. أما في الرياض فالامر تبرير وتهدئة والسعي الى ايجاد توسيات وعلاج للشرخ القائم . والموقف الاميركي من ايران هو من اهم الصور التي يجب يفهمها ويقتنع بها الجانب السعودي.