كتاب 11
الشمس لاتحجب بغربال
“لو كان الفقر رجلا لقتلته” , تلك المقولة تعبر عن مدى قهر الفقر وإذلاله لصاحبه , ومدى تأثيره على حياة الإنسان وتكوينه البدنى والنفسى , وكيف أن الفقر قد يكون سببا أساسيا فى إرتفاع نسبة الجرائم , فقسوة الإحتياج والجوع والخوف والرعب من المستقبل قد يجبرهم على القيام بالعديد من الأفعال الإجرامية كالقتل أو السرقة أو الإختطاف أو التهديد بالسلاح وإثارة الرعب فى قلوب الأخرين وفرض سيطرتهم عليهم , وهذا ماهو إلا رد فعل طبيعى منهم , فماذا ننتظر ممن لايمتلك قوت يومه , ويعتصره الإحساس بالجوع
ويقتله إحساسه بعدم الأمان سوى أن يكون فريسة سهلة للتحول من إنسان الى حيوان , وفى هذه الحالة لن نستطيع القاء اللوم عليهم وحدهم بل سنلقيه على حكوماتهم التى لم تستطع توفير حياة كريمة لهم لتحميهم من شرور أنفسهم وتحمى الأخرين من شرورهم , وبالتالى كان التخلص من الفقر من أهم التحديات التى تواجه الحكومات فى العالم كله حتى تضمن إستقرارها الإقتصادى والإجتماعى والأمنى , وعندما قامت ثورة 25 يناير 2011 كان من ضمن المطالب الأساسية لها هو تحقيق العدالة الإجتماعية والنظر بإهتمام الى أحوال الفقراء ومحاولة تحسين ظروفهم المعيشية بتوفير الحياة الكريمة لهم من المأكل والملبس والمسكن , ولكن يبدوا أن كل ذلك كان مجرد أحلام وإفراط فى التمنى , فمنذ قيامها وحتى الأن لم يتحقق هذا الحلم بل تحولت أحوال الفقراء من سىء الى أسوأ , حيث كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن أن عدد الشباب داخل مصر فى الفئة العمرية من 18 إلى 29 عاما سجل 19,4 مليون نسمة بمايمثل 23,6% من إجمالى السكان خلال عام 2012 وأن 3ر51% منهم يصنفون ضمن قائمة الفقراء حيث أن 27% من الشباب يعانون من الفقر، بينما يقترب من خط الفقر نحو 24,3% ويمثل غير الفقراء نحو 48,7% لنفس الفئة العمرية , وأوضح التقرير أن – أن معدل البطالة بين الشباب بلغ 28,3% خلال عام 2012. وبرغم كل تلك الإحصائيات الصادرة عن جهات رسمية حكومية إلا انها عاجزة عن رصد حجم الفقر الحقيقى فى مصر , وتم إختزال الفقراء فى نسب مئوية تتزايد عاما وتتناقص عاما أخر , وكل ذلك بدون وضع حلول نهائية للقضاء على تلك الظاهرة , والنتيجة النهائية هى أن الفقر ينتشر ويتشعب وينخر فى جسد الوطن بلا رحمة , أما الفقراء فلا يوجد أمامهم سوى التمسك بالأمل فى التغيير وأن تنظر اليهم حكومتهم بنظرة عطف لتحقق لهم حلمهم فى الحياة الكريمة , اليس من حق هؤلاء أن يجنوا ثمار ثورتهم التى حملوها على أعناقهم وقدموا من أجلها كل غالى ونفيس بعد معاناة دامت ستون عاما من القهر والظلم , اليس من حقهم أن يكونوا على أولويات الخطة الإصلاحية لحكومة الدكتور الببلاوى بدلا من تجاهلهم وتركيزهم على المشروعات طويلة الأجل التى لن تحقق عائدها إلا بعد سنوات طويلة ربما لن يتحملها الفقراء , فأى تغيير يتحمل عبئه هؤلاء دون غيرهم , فلا ينكوى بنيران إرتفاع الأسعار سوى هم , ولا يتم فرض رسوم وضرائب إضافية سوى على تلك الطبقات , وأتعجب من تلك الحكومة وتفكيرها ألم يرد فى ذهنها أن تلك الطبقة الفقيرة المعدمة هى قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بأكمله , الى متى تنتظرون إذن ايها السادة ؟؟ حتى تنفجر تلك القنبلة فتكون نهاية شعب !!! أم ستسمعون ندائهم وصرخاتهم وتعاملوهم معاملة البشر , اسرعوا بإتخاذ الإجراءات الإصلاحية التى تساعد على مقاومة افة الفقر فمهما حاولتوا إخفاء نسبة الفقر والبطالة بإحصائياتكم فإن محاولاتكم ستبوء بالفشل لأن الشمس لاتحجب بغربال .