آراء حرة

11:47 صباحًا EET

د. عطية عتاقي يكتب : باسم يوسف بين الحنطور والطائرة

السخرية في جانبها السيكولوجي حاجة يُراد من خلالها الدخول في تفاصيل مشكلة معينة وتحويل الألم المُصاحب لها إلى موقف كوميدي مُضحك. وقد تأخذ السُخرية شكل النقد ومن أشهر العلماء الطبيب النمساوي والمُعالج النفسي “ألفرد أدلر”، وهو احد تلامذة “فرويد”  احد اشهر الاطباء النفسيين  يعرّف السخرية أنها “خليط من انفعالين هما الغضب والاشمئزاز: فنحن إذ تثور فينا غريزة النفور نشمئز، فإذا عدا الشيء الذي أثار اشمئزازنا على صفاء عيشنا، من أية ناحية من النواحي، بعثت فينا غريزة المقاتلة والانفعال المقترن بها، وهو الغضب، فدفعا بنا إلى السخرية مما بعث اشمئزازنا أو ممن أثاره في نفوسنا. ولا يخلو هذا من عنصر الزهو، لأننا ننزع إلى الرضا عن أنفسنا والاسترواح إلى شعورنا، عقب مطاوعة السخرية والانسياق معها.”

و الُسخرية لها  أشكال  متعددة، فهناك السخرية بالمحاكاة أي السخرية من سلوك معين أو حركات جسديةوهناك  السخرية بالصوت وهي من اقدم أشكال وطرق السخرية وتتم عبر تغيير نبرات الصوت وإعطائه نبرات خاصة معروفة يفهمها السامع غالبا ويعرف صفاتها.
 كذلك تأخذ السخرية غالباً شكل الرسوم والكاريكاتور أو الشكل اللفظي المُتمثل باللعب بالكلمات والعبارات ومحاولة تحوير معانيها بزيادة أو حذف أو تبديل بعض الكلمات.
ولكن ما نراه هذه الايام من السخرية  لا تختلف تماما عن النكته إن السُخرية ليست نكتة  ساذجه  مضحكة على مظاهر الأشياء او شكال  انسان او حركاته او كلامه ، ولكن المعني الحقيقي للسخريه   هي نوعً خاص ومميز من التحليل العميق للاشياء والامور   إن الفارق بين صاحب النكته ومقدم البرامج السخرية هذه الايم    مثل  باسم  يوسف  فهو اشهرهم في هذه الايام  يشبه الف رق بين الحنطور والطائرة، فباسم  يوسف ليس لديه   فكره  وليس  لديه  نظرية   يقوم علي اساسها السخرية ليوضح الاخطاء ولا يميل منها المشاهد    ولكن  اذا فقدت السخرية هذه هذا الشي  اصبحت  هرج واصبح  فاعلها مهرجا  كما هو الان في برنامج  باسم  يوسف
إذن هناك خطاً فادح  وفاصل بين النكته  والتهريج وبين  السخرية  فالتهريج قد يؤدي الي   تشويه الحقا ئق وتحويرها عن قصد وعن سوء نيّة  والقصد من ورائه الاضحاك  فقط  كما يحصل في برنامج  باسم  يوسف والذي   يوافقني فيه الكثير.
 للاسف  تحول الغضب  والاشمئزاز الذي  بداخلنا   من الوضع الحقيقي الموجود  والملموس  في  البلد الي  هستيريا الضحك العبثي على الواقع الأليم   وصادرة من مقدم  برنامج  واتباعه   يتمتعون  بشخصيات يغلب عليها الطابع  الهستيري    فالسخرية تولد الضحك  خاصة اذا القيت امام  شعب   يتمتع بخفه دمه واطلاق النكات  في اصعب الظروف والازمات  مثل  شعب مصر

والحذر من الانقياد وراء مثل هذا النوع من  السخرية لأن السخرية التي لا تنتقل لعمل جماهيري  واضح  وهدف تنميه روح التغير لدي البلد والمواطنيين  تتحول لفعل تسكيني وتفريغ للغضب بشكل سلبي وهذه هي السخرية السلبية التي  تودي الي تخلف   ورجوع الي الخلف والوراء  وليس التقدم .

اما السخرية الإيجابية هي التي تنتقل إلى ارض الواقع  و تتحول لفعل جماهيري ذات هدف  ، وهذه قد تكون مؤثرة في الواقع أكثر بكثير من السخرية السلبية

التعليقات