مصر الكبرى

10:30 مساءً EET

قصة قصيرة بقلم : إبراهيم القاضي

يجلس أمام الجراج، وأمامه النرجيلا.. ساقه اليمنى فوق اليسرى، يستنشق الدخان بنهم.. يسبها وأيامها، ويلعن غباءها، مستعجلا الشاي، الذى تأخرت فى صنعه.. سوف يتسبب إهمالها بضياع تلك الرأس (المتكلفة).

الشارع مكتظ بالمارة.. السيارات كثيرة.. أصحابها ينادونه، ويصرخون أن تأخروا على أعمالهم.. يأخذ نفسا عميقا، يخرج معظمه من فيه، لا يبالى بصراخ من حوله.. لا يريد من يزعج اصطباحته.فجأة.. ألقى خرطوم النرجيلا منفعلا على الأرض.. اتجه ناحيتها.. يمتلىء الشارع بالضجيج.. أصوات البشر تتداخل مع أصوات منبهات السيارات المارة فى الشارع المزدحم .. تحاول جاهدة أن تنتهى من غسل تلك السيارة .. يساعدها طفلها ذو الخمسه أعوام.. يقترب.. ينفجر فى وجهها:-     لماذا تأخرتِ فى غسيل السيارات؟لم تجبه.. واصلت عملها، فهو يعرف ما كانت تصنعه ليلة البارحة من كمادات وسهر مع طفلتها الرضيعة حتى الصباح، والتى مازالت تصرخ بالداخل من الألم . لكنها لن تقوى على الرد.صاحب السيارة  يصيح في عنجهية.. –    لقد تأخرت على عملي.. يضع يديه فى خصره.. –    انتهى أيتها الغبية حتى يذهب البك إلى العمل.. تعمل بصمت، وطفلها يحاول معها جاهدا.. قلبه يرتجف عليها.. يعلم ما يمكن أن تتعرض له أمه.. زاد تأفف صاحب السيارة.. صمتها يستفزه أكثر، فيتجه إليها، ممسكا بمفتاح عشرين فى يده.. قلبها يدق خوفا، وقلب ابنها يدق على دقاته، مرتعدا من أجل أمه.. ضربها على رأسها.. الدم يسيل على وجهها.. الطفل يتطلع الى المارين وعيناه تدمعان وتتوسلان.. يصطفون يراقبون،  وكأنهم يشاهدون مباراة كرة.. اكتفوا بالمراقبة و مصمصة الشفاة والحوقلة.. لا أحد يغيثها .. لم يقاوم جسدها اكثر.. سقطت على الأرض.. الدماء تغطى وجهها .. ويجلس الطفل بجوارها، يحاول مساعدتها، ووضع رأسها على ساقه. فر الزوج.. لم يلاحقه أحد.. دموع الطفل المنهمرة  تلعن المشاهدين .. اختلطت دماؤها بدموعه.. هي فقط من رفعت يدها لتمسح دموعه بابتسامة يائسه . لكنها لم تستطع..

التعليقات