مصر الكبرى

06:07 مساءً EET

هؤلاء الرجال .. والميكروفونات المجنونة !!

 
 
 
تعالـوا..أحبائى الكرام لنلتقط الأنفاس، بعد الماراثون الطويل والمرهق ؛ طوال شهر رمضان ؛ سواء بالمتابعة للأحداث على ساحــة الشارع السياسى، أو بالسهر مع الأحبَّـة فى لقــــــاءات لاتتكرر على مدى العام .

ولن نقول كما قال شاعرنا العملاق/احمد شوقى :رمضان ولَّى .. هاتها ياساقى .. مشتاقة تسعى الى مشتاق ِ !! حاشا لله من هذا الانزلاق مع قـول الشعراء ؛ الذين يتبعهم الغــاوون ، ولكـن نقـول : تعالوا نبحث عن راحة للشارع المصرى وعقـله ، وحفاظــاً على أذنيـه من تباشير الاصابـة بالصـمم ؛ جراء تلك الميكروفونات الصاخبة ، التى تنطلق من كل مكان ؛ خاصة المساجــد والزوايا الموجودة تقريبا فى كل شارع وحارة وزقاق !!
ولنتفق بدايـة أن المسجـد فى رسالته ؛ لابد وأن يكون منــارة للمكان الذى يوجـد به ؛ ومعلماً للبشر فى كيفية الحفاظ على النظافة من حوله ؛ فلا يكون قاصراً على اقامـة الشعائــر ؛ ويجـــب أن يقــــوم بالتوعية الكاملة للناس من ضـــــرورة الحفاظ على ( حــق الطــريق )، وليــس الاستيلاء على الساحة بحجة أن اقامة الشعائر تتطلب اغـلاق الطريــق فى وجه كل من يحاول السير فيه ، وفى حالة الاعتــــراض ؛ تجد من يخرج اليك مكفهراً فى وجهــــك ، ليتهمك بالكفـــر والزندقــة والعياذ بالله !!
ولأصف لك صديقى القارىء .. وبصورة مبسطة ، حال زاوية صغيرة تقع أسفل عقار ، ومساحته لاتتعدى مساحة حجرتين وصالــــة ، وله بابان على شارعين متوازيين ، فيوجــــــد أعلى كل باب منهم اثنان من تلك الميكروفونات الصغيرة ذات الصوت ( المرسع ) ؛ وأعلى العقــــار أربعة ميكروفونات تسيطر على الجهات الأربع ، ومن الحجم الكبير الذى يصل بالصوت الى ثلاثـة كيلو مترات على الأقـل ؛ ويقابله مسجـــدان كبيران ، يواجهانه بنفس الميكروفونات العملاقــــة !! وتخيل انطــلاق كل هذه الميكروفونات فى لحظة واحدة ؛ أو بفارق ثوانـــى قليلة ، ليسبـق كل منهما الآخر فى السيطرة على أكبر مساحــــة ممكنة من آذان البشر حول المكان ؛ فتجد نفسك فى (سيمـفونية) نشاز لاتسمع فيها شيئاً على الاطلاق ؛ سوى كمية هائلة من الأصـــــوات المتداخلة ؛ لاتعرف منها هل هى آذان أو تلاوة قرآنية ، او حديث بعد الصلاة يصر الشيخ أن يقوله بعد صلاة كل فجر ، ويجبــــر الحضـــور على الجلوس للاستماع الى كلماته حتى شـــروق الشمـــس !! والميكــروفونات تذيع مايقوله ( مولانـا ) من دردشة ماأنزل الله بها من سلطـان ، ولا تمت الى الدين او الشريعة بصلة ، بل ويـنادى بالصــــوت الحيَّـــــانى المتحشـرج فى الميكروفون على ( أولاد الـــ………….. ) الذين يعبثــــــون بالصنابيــــر ويتركونها مفتوحة ؛ وينادى عليهم بالتنبيه على تـــرك ( القباقـيب)!! ، ولا يقوموا بسرقتها !! وأنا هنا لاأبالغ فى الوصف ، فانا أختصــر مايحدث اختصاراً شديداً .
وأوعز الى عقلى وضميــرى ؛ بأن أذهب للصلاة خلف هذا ( الامــــام ) ذات شعيرة ، ولأحدثه عن مسألة تلك ( الميكروفونات) بعد الصـــلاة ؛ والحصول على الثواب، الذى افترضه ضميــرى الرومانســـــى فى أنه سيتقبل كلماتى بالصدر الرحـب كما يجب ؛ وكما يجب ان يكـون عليه الرجـل الذى يقوم بإمامة النــاس فى الصلاة ؛ ويتحدث اليهم بالحكمة بالموعظةالحسنة نهاية كل صلاة – خصوصاً صلاة الفجر – ويرشدهم الى سواء السبيل ؛ ففوجئت بما هــو غريب وعجيب فى دنيانا ؛ وهى أن الرجـــل يضــع فى جلبابــه، وتحت فمه ( ميكروفـوناً ) صغيراً وتحت قدميه يوجد أيضا ( مايك ) لزوم تبيان الكلمات عند السجود !! وبحسبة بسيطة ، وجدت أن تلك( الزاويــــــــــة) التى تقع أٍسفل العقار وبحجم لايتعدى الحجرتين والصالة ؛ تملك اثنـــــى عشر ميكــروفوناً مختلفة الأحجـام والأشكـــــــال والألوان ؛ وتسيطر على أركان الكون الأربعة !! وانتهينا من الصـلاة ؛ التى قرأ فيها ( مولانـا ) على مدى الأربـع ركعـات ، مايقرب من تلاوة نصـف ساعة بحساب الزمــن !! واقتربت منه منهياً اليه العبارات المتبادلة بعد كل صلاة ، من : حرماً يامولانا .. وتقبَّــل الله .. وجزاك الله خيراً ، والى هنــا والسحنة منبسطة ؛ والذقــــن مزهـوة يمشطها بأصابعه فى خيــلاء ؛ لتنقلب السحنة وتكفـهر كبداية حلول إعصارفى يوم شـتوى عاصـف ؛ حين بدأت الحديث الودى والأخوى عن تلك ( الميكروفــونات ) ومدى صخبها وازعاجها للنــــاس ؛ وحرصاً على المرضى والطلبــة الذين يستذكرون دروسهم ؛ ويطلبون مساحـة من الهدوء دون صخب وضجيج تلك الملعونات ؛ واستدار الرجــــل وهو يكاد يضع أظافره فى عنقى ، متهماً إياى بالكفر والفجــــــــــر ( بضم الفـاء وسكون الجـيم ) والتطاول فى الحديث عن أداة توصــــــل كلمات الـله العلى القدير الى مسامع الناس ، قائلاً : وهـــــل لو كنا نذيع الأغــانى الماجــنة ، كنت ستبدى هذاالاعتراض .. و.. و .. و .. , .. و.. و.؛ وتجمـع حولى من يناصرونه ، ويجذبــــــوننى من ملابسى بكل غلظة وقسوة ؛ مناصرة( لمولانا الامام ) .. ووجدت انه من الأفضل أن انجــــو بنفسى من هذا المكان ، وحتى لاأصبح فى ثوانى ( جثة هامـــدة ) أقيم عليها ( الحَدْ ) وأصبحت بلا ( ديّـــة ) لأنى تطاولت على الدين ؛ وكفرت بتلك الميكروفونات المزعجة!!
والآن .. سيداتى سادتى الكرام .. أما من قانون رادع لهؤلاء المهلفطون عبر تلك الميكروفونات الصارخة فى آذاننا صبــــاح مساء .. أما من فهم حقيقى لدور المسجد فى الدعــوة الى دين الله الحنيف ؟ أمــا مـــن اختـيارجيد لهــــــؤلاء المسيطرون على المساجد والزوايــا التى تقيم الشعائر فى المدن والقرى والنجوع ؟
ارحمونا .. يرحمكم الله
 
 
 

التعليقات