مصر الكبرى

11:23 صباحًا EET

«أقباط» مصر كتلة ساخنة في ماراثون الانتخابات الرئاسية

 
الكنسية تترك حرية الاختيار لأتباعها.. ونشطاء يسعون لتوحيد الصف المسيحي
القاهرة: كريستين أشرف  في وقت تسعى فيه القوى الإسلامية للاصطفاف خلف مرشح إسلامي في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل، يبدو أن هوى الكتلة التصويتية لمسيحيي مصر بات أكثر ميلا لدعم مرشح من أنصار الدولة المدنية، بحسب مراقبين، بعد أن أصبح الاستقطاب الديني أكثر بروزا خلال الأسابيع الماضية.

ورغم انفتاح شباب مسيحي على حملات مرشحين إسلاميين، بدأ المزاج العام في الأوساط المسيحية يتجه لدعم مرشح مدني، وسط مساع لنشطاء ومفكرين مسيحيين لتوحيد الصف المسيحي خلف مرشح واحد، وهو الأمر الذي نأت عنه الكنيسة المصرية قائلة إنها «ستترك حرية اختيار مرشح الرئاسة لشعبها».
وتختلف التقديرات بشأن تعداد المسيحيين المصريين، مع إصرار الدولة على عدم إجراء تعداد على أساس ديني، لكن تقديرات دولية تتحدث عن 9 ملايين مسيحي من أصل 85 مليون مواطن.
ويقول سامح سعد، عضو ائتلاف أقباط مصر، إن أصوات المسيحيين لن تتجه لمرشحي التيار الإسلامي حتى إن انسحب أحدهم من تيار بعينه (في إشارة للقيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح)».
وأضاف سعد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأقباط يرغبون في مرشح ذي توجه مدني لا صلة له بالتيار الإسلامي يؤمن كذلك بأهداف الثورة المصرية وعلى رأسها إقامة مجتمع سيادة القانون والعدالة الاجتماعية والمساواة بين أفراد المجتمع». ولا يوجد من بين المرشحين الـ13 في سباق الرئاسة مرشح مسيحي. لكن ثلاثة مرشحين يقدمون أنفسهم كمرشحين إسلاميين أو ذوي خلفية إسلامية، وهم القيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح، والدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور محمد سليم العوا المفكر الإسلامي.
ويشكو مسيحيو مصر من وجود تمييز ضدهم، كما شهدت البلاد خلال السنوات الماضية العديد من الأحداث الطائفية، واستمرت هذه الأحداث بعد ثورة 25 يناير.
وترفض جماعة الإخوان المسلمين بشكل رسمي تولي مسيحي منصب رئيس الجمهورية، كما توترت العلاقة بين المفكر الإسلامي سليم العوا والكنيسة المصرية على خلفيات تصريحات له تحدث فيها عن وجود أسلحة داخل الكنائس، وهو أمر يصر العوا على نفيه، مشيرا إلى أن تصريحاته «أسيء فهمها».
وتعهد عدد من المرشحين المحسوبين على التيار المدني بإنهاء المشكلات الطائفية في مصر. وتتصدر أزمة بناء الكنائس أجندة المسيحيين الذين يطالبون بقانون ينظم إقامة دور العبادة، وهو أمر تعهدت به عدة حكومات في أعقاب ثورة 25 يناير.
وكانت الكنيسة المصرية الأرثوذكسية التي تعد أكبر الكنائس المصرية قد أعلنت احترامها لكافة المرشحين، وأكد الأنبا باخوميوس، قائمقام البطريرك، أن الكنيسة لن تتدخل في اختيار الأقباط لرئيس الجمهورية، وأنه ليس لها أي موقف من أي مرشح، وأن المرشح الذي يتخوف منه الأقباط لن يعطوه أصواتهم.
ومن جانبه، تحفظ المفكر القبطي كمال زاخر، على الحديث عن كتلة سياسية للمسيحيين قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسيحيين مواطنون مصريون، شأنهم شأن المسلمين»، وأوضح أنه لا يوجد مرشح توافقي للكنيسة بل من الطبيعي أن تذهب أصوات المسيحيين لمرشح ينتصر لفكرة مدنية الدولة، مشيرا إلى أن بعض أصوات المسيحيين ربما تذهب لـ«أبو الفتوح» لاعتداله الفكري رغم تاريخه السابق داخل جماعة الإخوان المسلمين.
وأرجع زاخر توجه الأكثرية المسيحية نحو دعم عمرو موسى أو أحمد شفيق، إلى خشيتهم من حالة الاصطفاف الديني التي شهدتها الانتخابات البرلمانية السابقة.. وعلى حد قوله: «أقلقتهم سيطرة التيار الإسلامي على البرلمان وربما اعتبروا سيطرتهم على الرئاسة أيضا تهديدا للدولة المدنية».
ويسعى نشطاء مسيحيون لتوحيد الصف المسيحي خلف مرشح واحد، وقال نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، إنه سيعقد مؤتمرا خلال الأسبوع المقبل لدراسة برامج مرشحي الرئاسة من خلال مشاركة عدد كبير من الحركات والمنظمات القبطية، وذلك للاتفاق على مرشح لدعمه في الانتخابات الرئاسية بما يحقق المساواة بين أفراد المجتمع.
وأكد جبرائيل أن هناك اتجاها قويا داخل الصف المسيحي للعزوف عن دعم أي مرشح ينتمي لتيار ديني أو يأتي من خلفية إسلامية. لكن الجدل الدائر حول دعم مرشح رئاسي كشف عن صراع بين الأجيال داخل الصف المسيحي، ففي حين يطالب النشطاء الشباب بدعم أحد المرشحين المحسوبين على الثورة، يفضل الأكبر سنا اختيار مرشحين محسوبين على نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
ويقول رامي عماد (22 عاما) إن «أهلي يميلون لمرشحين خدموا في عهد مبارك، هذا أمر ناتج عن الحرية، لكني أميل لترشيح رئيس ثوري». في المقابل يقول سامح يوسف (24 عاما) إنه «أقنع أفراد عائلته بعدم ترشيح الفلول ودعم حمدين صباحي (ناصري) كمرشح معتدل يناصر الدولة المدنية من خارج المؤسسة العسكرية وينحاز للفقراء».
من جهته، حذر بيشوي يوحنا (30 عاما) من أن يتجه المسيحيون للمشاركة في إعادة بناء نظام مبارك في محاولة تحجيم الإسلاميين، قائلا: «هذا خطأ قاتل، لأنهم نسوا أن النظام القديم لم يكن يستطيع الضغط باستمرار على الإسلاميين فكان دائما يترك متنفسا لهم من خلال إلهائهم بالمسيحيين، عبر افتعال الأزمات».

التعليقات