مصر الكبرى

08:15 مساءً EET

“قلم وصاية”: الثورة..بسبوسة!

لا اعرف لماذا وقف البعض من الثورة ذلك الموقف الشاذ!لماذا وقف هذا البعض منها و يديه فى وسطه و هو يهز جسده فى ترقب و استنفار و لسان حاله بيقول: "لما نشوف يا خويا اخرتها مع الثوار و الثورجية دول ايه!"

لماذا يقف هذا البعض من الثورة موقف الزبون المستعجل فى محل الحلوانى، من البياع و هو يطلب منه مرارا و تكرارا فى امتعاض ان يلف له البسبوسة بتاعته "بسرعة بقى" علشان هو تعب من طول الوقفة و عايز يروح بقى!
– طيب هو انت دفعت تمن بسبوسة الثورة؟- آآآآه..وقفوا حالنا!- هم مين؟- الثوار!- الله..هو انت ماكنتش معاهم و لا من مؤيديهم؟- لاء انا مش بتاع ثورة و الكلام ده!- طيب فين التمن اللى دفعته؟- بأقول لك وقفوا حالنا!
و هكذا يظن البعض ان الاضرار الغير مباشرة التى وقعت عليه فى عمله من جراء عملية الثورة هى ايصال بثمن الثورة الذى تكبده "البيه" و يريد بقى قبض ثمنه! خلينا نخلص يابا! عاوزين نروح بقى!هو كدة خلاص! عمل اللى عليه! لم يشترك مع العسكر فى ذبح الثوار صحيح، لكن لا تظاهر و لا ثار و لا اعتصم و لا اضرب و لا شارك فى مسيرة و لا وقفة..و لا..ولا..ولا..و لا حتى كان مع الثوار بقلبه او لسانه! لاء و يريد من الجميع الان..العودة للنقطة صفر اكمنه تعب بقى قوى..و المسألة مش جايبة همها! و احنا كنا كويسين الاول (جناب البيه صاحب البسبوسة كان شايف ان قاع العالم افضل من دلوقتى..بنظرية القعدة فى مقلب الزبالة اجمل من القعدة فى زريبة الخنازير! فالزبالة بالنسبة له..شغال..قشطة..مفيش مشكل! عاوزين نروح بقى!).ذلك البعض الذى لم يتربى لا فى منزله و لا خارجه الا على الفردية و الانانية و المادية و ايضا على التخلى عن كل شئ و عن كل ناس ساعة الجد..ساعة الدفع..ساعة الازمة.."و انا مالى!"، لا تتوقع منه ابدا ان يحس بمشاكل و هموم البلد و لا كوارث النظام..هذا الصنف "البّراوى" "النطع" "المصلحجى" الذى لا يرفع عينه من فوق لقمة الخبز الشخصية بتاعته (و هى فى احيان كثيرة شريحة بسبوسة بالسمن و السكر..لا لقمة عيش فحسب!) لا يعنى كثيرا بوطنه و لا يهمه حتى ان ينحرق! هذا صنف يشتهى تأشيرة الهجرة و لا مانع لديه ان يتخلى عن جنسيته لو تتطلب الامر، لبدلا من ان يكلف نفسه عناء النظر لمن الذى يسرق لقمه خبزه منه او من الفقير و يأخذها لنفسه بلا محاسبة او عقاب..و ما يحدث من تبعات ذلك بعدها من استمرار الفساد بلا حساب، حتى يجهز هذا الفاسد بعدها – الذى يتكاسل صاحب البسبوسة فى تحمل ثمن رحيله – على ذلك المجتمع البائس فيهمل التعليم و الصحة و النظافة و المرافق العامة و يلهى الناس فى اى هبل كى يفرق الناس و يشغلهم و يستتب حكمه! و الغريبة ان المواطنون بيتلهوا على عينهم فعلا!نحن فى مرحلة يجب ان نعلم الناس فيها قسرا – بالرغم من عبثية ذلك فى بعض الاحيان – الف باء وطنية و انتماء..و ان مصلحة الوطن الكلية و العليا ابدى و اولى من مصلحة الافراد و رزقهم المباشر الفورى و ان اسقاط نظام بالكامل مكلف للجميع و لكنه ضرورى..و اول هولاء الناس هم الذين يتغنون بكراهية البلد منذ القدم، منذ يوم ان رأيناهم و حتى الان..الحرية و الكرامة و العدالة لهم ضريبة غالية، و يجب ان تدفع مرة و مرات..حتى تنجح الثورة بالكامل..فلا تكن عزيزى القارئ مثل هولاء المستفزون "العبط" الذين يضعون الثورة فى الميزان و يسألونك فى استفزاز مادى جشع انانى.."شفنا ايه من الثورة؟"اوصيك ان تسألهم بعدها "هى الثورة شافت منكم ايه؟"..افهمه صديقى القارئ انه ليس زبونا او عميلا ينتظر العمال اللى هاتلف له البسبوسة اللى دفع تمنها لما الثورة عطلت او اجلت التدفق النقدى بتاعه هو او غيره مؤقتا..لان الثورة كالحرب، لا احد يفكر ساعتها فى رزق "العمال الارزقية" او "سواقين التاكسى" (بالمناسبة..هناك عداء طبيعى فطرى ما بين سواقين التاكسى و الثورة..فلا تكن ساذجا يا صديقى و تأخذ السائق مقياسا للثورة، بالرغم من انك اكيد عاوز تروح بقى!) هذه الثورة لم يكتمل سوى نصفها..و هى هنا اشد فتكا من عدم ثورة!هذا واجبنا و هذا شرفنا و قبلها هذا مستقبلنا..و نحن قبعنا فى العفن و القذارة و التخلف سنوات طوال..فليس اقل من اننا نستيقظ و "نفوق" اليوم لنتعاضد جميعا للخروج من الحفرة العملاقة التى اغرقنا فيها رؤساء مصر الثلاثة حتى لو بالغالى! و سيأتى ذلك اليوم ان شاء الله الذى سنتخطى فيه هذا الصيام الاختيارى الجماعى من اجل ثورتنا..لنجد فيه عيدا جميلا مشرقا..تذكر ان كثرة ترديد ان الثورة سرقت و التباكى عليها لن يفعل شيئا..لاننا خلاص بقى حفظناها..الثورة اتنيلت سرقت..هه؟ ماذا بعد؟ هاتسترجعها و لا تفضل تندب و تنوح عليها؟
كن عونا للثورة المأسوف عليها دى لا عون عليها، و تذكر دائما بانك لست زبونا ينتظر من الثوار ان يلفوا له بسبوسة اسمها الثورة علشان سعادته – يا حرام – تعب و واقف بقاله كتير فى الشمس لغاية ما دماغه ملّحت..و عاوز يروح بقى!

التعليقات