مصر الكبرى

03:26 مساءً EET

العاشر من رمضان .. ومواقف لاتنسى !!

عريف مجند بالقوات الجوية ..سبع سنوات عجاف 1967/1974 ؛أنتقل بين مركز تدريب الطيران بكسفريت ؛ فرقة( نـــقل دم وجبائر) بمستشفى الطيران باختيارى ؛

ملحق على سرب الهليوكبتر بمطار ألماظة ؛مع وحدة طبية متكاملة ، تكليف مع السرب بانتشال الطيارين القافزين بمظلاتهـم فوق الدلتا ، أثناء فترة حرب الاستنزاف 1969/1970 ؛ إرهاصة عبورالقوات إلى شرق القناة ، ثم يأتى يوم 13 يناير 1970 لأشهد بـأم عينىَّأول حالة موت جماعى بمخازن الإمداد الفنى بالخانكة ، بعد ضربها بواسطة الطيران الإسرائيلى فى الثامنة والنصف صباح هذا الـيوم ، أقفز إلى عربة الإسعاف – والمفروض أنى فى راحة لأنى كنت أعمل لمدة4 2 ساعة وأستريح 24 ساعة – لنصل إلى المكان المشتعل جرَّاء قصف الطائرات .. رائحة الموت والأشلاء هى المسيطرة على المكان، يقشعـــر بدنى من منظر المتعانقين أجساداً محترقة.. أتراجع مذهولاً؛ أكاد أفرهلعاً من قسوة الصورة التى أمامى .أتلقى ضربة قوية من (رقيب ) صديق على ظهـــرى ؛ لازلت أذكر اسمه ( رقيب /على عامر ) ذو البشرة السمراء : ياإمَّا تتماسك .. او تخرج فوراً من هنا!!ورفضت الخروج ووجدتنى أهرول خارجاً بأقصى قوة ؛ولكن أحمل فوق ظهرى جثة رقيب وزنه أكبر وزنى مرتين على الأقل .. لأضعه فى السيارة المخصصة لنقل الشهداء والجرحى أيضاً . وتوالت مرات الدخول والخروج من وإلى السيارة ؛ لأقف قليلاً للراحة وإشعال سيجارة ، وانتظاراً لزحف العريـف/موسى تحت النــــار ؛ ليسحب صندوقاً كبيرا مليئاً( بالذخيرة الحية) من عنبر الورشة ؛ ويخرج حاملاً إياه وسط الواقفـين فى ذهـول من هول المغامرة والمخاطـرة وسط النيران .. لأجرى إليه وأقبّله وأرفع معه صندوق الذخيرة ، والدـماء تـغرق ملابسنا وأيدينا .. ونضع الصندوق فى دائرة الأمان ، ونحتضن بعضنا ونســـقط سوياً على الأرض ، وفوقنا كل المشاهدين للمشهد الدرامى .
ونأتى للمشهد المؤثر عشاء يوم 6 اكتوبر 1973 .. بمستشفى القوات الجوية بالعباسية .. واستقبال أول أفواج مصابى العمليات الحربية ،أهرع الى الاستقبال ،واتولى فك ضمادات ( مساعد ميكانيكى طيران) من فوق رأسه ؛ الضمادة كبيرة جدا حول رأسه بالكامل ؛تتعدد لفافات الشاش ، وكلما اقتربت تزايدت كمية الدماء ، حتى اللفة الأخيرة حول الرأس ؛ لأفاجأ بالعين اليسرى المنفجرة تخرج كالبالونة الكبيرة ،وأناأصف المشهد بالتفصيل ؛ للتعريف بمدى تضحية هؤلاء البشر بكل مرتخصٍ وغالٍ فى سبيل هذا البلد الأمين .. وافاجأ بصاحب الإصابـــةوهو المساعد/ركابى – كما عرفت فيما بعد – يقول لى : أنا مش شايفك .. لكنى أشعر بتوترك وأنت تفك الشاش من فوق رأسى ،و هنا لم أشعر بنفسى ؛ وكل ماأذكره : أنا راقد على سرير القشلاق وأنبوبة أوكسجين بجانبى ، وأفتح عينى على مشهد الزملاء حول السريـر وتصفيق حاد ، يعوض ملابسى الغارقة فى الدماء ، لأسأل عن الرجل الذى كان بين يدى ؛ ليقولوا لى : إنه بانتظارك فى جنـــاح ( العيـــــون) بعد إجراء الجراحة اللازمة له ؛ ويسأل عنك الآن ويستفسر عن حالتك!!
سبحان الله .. من يطمئن على من !!ولكنه الشعب المصرى بكل جيناته الوراثية العظيمة .. وكل عاشرمن رمضان وأنتم بخير . ولمصر دائماً الحب والسلام .. والحرية .

التعليقات