مصر الكبرى
الرئيس الأقل سوءا
كان الله فى عون المصريين.. لأول مرة في تاريخهم سوف يكون لديهم الحرية الكاملة في اختيار من يحكمهم من بين ثلاثة عشر مرشحا مؤكدين، بعد استبعاد عشرة آخرين. المصريون لم يحسموا أمرهم بعد في شأن اختيار شخص الرئيس القادم، وسبب الحيرة أن الاختيارات أمامهم محدودة للغاية، ولم يستطع أحد من المرشحين أن ينال ثقة المصريين ويكون فارس الرهان. ولأن المصريين يعولون كثيرا على شخص الرئيس القادم لعودة الأمن والاستقرار، والنهوض بالاقتصاد، وإنهاء المرحلة الانتقالية، وحكم العسكر.. لذلك فان الانتخابات الرئاسية هي المحور الرئيسي لأحاديث ومناقشات المصريين سواء في مجالسهم العامة أو الخاصة, ولان الاختيارات محدودة، فلا يوجد شبه اتفاق بين عدد كبير من المواطنين على شخص واحد. لذلك يمكن التأكيد بأن شخص الرئيس لن يتم حسمه إلا في جولة الإعادة في منتصف يونيو القادم, وللأسف الشديد وصل الحال بالمصريين أن يفاضلوا بين المرشحين للرئاسة ليس على أساس الأفضلية، ولكن على أساس الأقل سوءا من بين المرشحين. هناك مواصفات وشروط كان يتمناها المصريون في رئيسهم القادم، منها أن يكون شخصية قوية صاحبة رؤية، وخبرة محلية ودولية، نظيف القلب واليد واللسان، غير منتمي لتيار معين، يكون رئيس لكل المصريين، وغير محسوب على النظام السابق، ويمثل مصر الثورة، واجهة مشرفة لمصر في الخارج.. هذه هي الشروط العامة التي يجب أن تتوافر في شخص الرئيس القادم.  لو حاولنا تطبيقها على المرشحين الثلاثة عشر فسوف نجد أنها لا تتوافر جميعها في شخص واحد، وبشيء من التفصيل نكتشف الآتي: أن عنصر الخبرة المحلية والدولية لا يتوافر إلا في اثنين فقط من المرشحين هما عمرو موسى واحمد شفيق،  ولكنهما محسوبين على النظام السابق.. أما باقي المرشحين المحسوبين على الثورة فلا يتوافر فيهم عنصر الخبرة المحلية والدولية، حيث لم يتولّ احدٌ منهم مناصب مهمة وكبيرة ليكتسبوا من خلالها خبرة إدارة الدولة، أقصى خبرة لدى هؤلاء المرشحين إما عضوية البرلمان، مثل حمدين صباحي أو ابوالعز الحرير، او التدريس في الجامعة، مثل محمد مرسي، أو العمل الحر مثل سليم العوا وعبدالمنعم ابوالفتوح او خالد علي، حتى من عمل في الجهاز الإداري للدولة لم  يتولّ منصبا قياديا، مثل عبد الله الاشعل وهشام البسطويسي و حسام خير الله، أما المرشحين فوزي عيسى ومحمود حسام فأنا لا اعرفهم وهذا ليس ذنبي او تقصير مني لان جيرانهم في نفس العقار قد لا يعرفونهم.لذلك فإن المرشح السوبر الذي تتوافر فيه المواصفات التي كان يتمناها المصريون ليس موجودا بين هؤلاء المرشحين. وقد تكون هذه هي طبيعة المرحلة الانتقالية، والظروف التي تُجرى فيها الانتخابات، تماما كما حدث في الانتخابات البرلمانية, كان الاختيار على أساس الأقل سوءا وليس الأفضل والأكفأ والأجدر.ومن أجل مصر أقدم هذا الاقتراح للمرشحين وللقوى السياسية والوطنية  للتوافق على اختيار رئيس من الذين تتوافر فيهم عنصر الخبرة ومعه نواب من المحسوبين على الثورة فمثلا يتم اختيار عمرو موسى رئيسا ومعه ابوالفتوح وحمدين والبسطويسي نوابا وبالتالي نكون قد جمعنا بين مميزات المرشحين جميعا ولأنه من رابع المستحيلات أن يتحقق ذلك  فإنني أستطيع القول أن الرئيس القادم لن يكون الأفضل بل الأقل سوءا من بين المرشحين الحاليين، ولكنه في جميع الأحوال لن يكون أكثر سوءا من الرئيس السابق. ورغم أن مصر ملئية بالملايين من الكفاءات التي تستطيع تحمل المسئولية وتحقيق النهضة المنشودة، إلا أنها فضلت الابتعاد عن المشهد، لدرجة أنها ترفض حتى الظهور في وسائل الإعلام في ظل هذه الحالة الضبابية التي تمر بها مصر.كنت أتمنى أن يكون الرئيس القادم هو الأفضل والأنسب لهذه المرحلة المهمة والحرجة في حياة الوطن، ولكن هي تجربة يجب  أن نتعلم منها بكل سلبياتها وإيجابياتها، وان نحسن الاختيار في المستقبل، وهذه هي فائدة الديمقراطية، أن تتعلم الشعوب من أخطائها، وفي اقرب انتخابات تصحح مسارها. ومن أهم مكاسب ثورة يناير تحديد مدة الرئاسة بأربع سنوات، حتى نستطيع خلع الرئيس السيىء بالرئيس الأفضل. اللهم ول أمورنا من يصلح.. وإن شاء الله مصر بكره أفضل.