مصر الكبرى

10:18 صباحًا EET

مطاعم إيطالية وأخرى فرنسية مع زحف لبناني

نايجيلا لوسون ملكة الطهي في بريطانيا
الطعام الهندي سيد الساحة وينافسه الصيني مع تدخل الياباني
كتبت – مروة فهمي : 
أصبحت لندن مدينة مفتوحة أمام كافة الأنواع من الأطعمة والأطباق المختلفة . هناك حالة غزو من الأكل الصيني والهندي والياباني أيضاً بالإضافة إلى الآخر الجديد اللبناني . وهناك موجة من افتتاح مطاعم جديدة على ضفاف نهر التيمز وبالقرب من البرلمان وفي داخل الأحياء التي برزت إلى النور مثل < الدوكلاندز > بالإضافة إلى القرية الأوليمبية الجديدة التي تستعد لاستقبال الحدث الرياضي الكوني الكبير .

انفتاح العاصمة البريطانية على قوائم الطعام المختلفة سببه شهية البريطانيين وزوار العاصمة وبحثهم عن نكهات جديدة ومذاق مختلف بعيداً عن الأطباق البريطانية التقليدية التي تسبب الارتباك المعوي وتنتج عنها بعض الأشياء الأخرى مثل زيادة الوزن والدهون .
هناك موجة جديدة لتذوق الطعام والانفتاح على أطباق من الشرق والغرب خصوصاً الأطعمة ذات المذاق القادم من آسيا ، حيث هناك مطاعم جديدة تطل على منطقة الهايدبارك تتفنن في الطهي المتميز والمعتمد على الخضروات والتوابل المثيرة للشهية .
والحقيقة أن البريطانيين وزوار مدنهم المختلفة أصبحوا ينبهرون بالأطعمة القادمة من الخارج في ظل الانفتاح الشديد والرغبة في تجريب أطباق من القائمة الصينية حتى الهندية للوصول إلى مطاعم لبنانية وخليجية ومغربية وتذوق بعض الأصناف المصرية التي أصبحت معروفة أيضاً مثل طبق < الكشري > الشهير بالإضافة إلى طاجن البامية .
هناك في شوارع خلفية قريبة من أوكسفورد ستريت توجد بعض المطاعم التي تقدم أطباق مصرية ويقبل عليها زبائن ليسوا من العالم العربي فقط وإنما من إنجليز وفرنسيين نتيجة الانفتاح السياحي في السنوات الأخيرة تجاه مصر وتذوق هذه الألوان من الأطعمة بنكهتها الجذابة . وهناك مطعم مصري قريب من بيكر ستريت ومنطقة الجامع الكبير في ريجنت بارك . غير أن المطبخ اللبناني تفوق على الجميع نتيجة مهارات طهاة استطاعوا تقديم طعامهم للغربيين بشكل جذاب .
وإذا ذهبت إلى شارع إدجوارد روود ستجد عشرات المطاعم اللبنانية المنتشرة بكثافة وتقدم أطعمة عربية بالإضافة إلى القهوة وتدخين الشيشة مع شاي بالنعناع .
وينافس المطاعم اللبنانية الآن في لندن الوافد المغربي ، فقد بدأت تنتشر في مناطق غنية داخل العاصمة البريطانية بعض المطاعم التي تقدم الطعام المغربي في مناخ وأجواء شرقية تماماً بتصميم الديكور وطريقة الجلوس وتقديم الأصناف المختلفة الجذابة من الطعام المتنوع خصوصاً < الكسكس > المغربي الذي عرف طريقه إلى الحياة البريطانية .
وتقدم بعض المطاعم العربية والمغربية وصلات من العزف والفنون الشرقية .
ويوجد مطعم مغربي قريب من حي< سوهو > ومنطقة المسارح في لندن بالإضافة إلى آخر موجود في حي  < شيبردبوش > . وهناك أيضاً بعض المطاعم اللبنانية والمغربية في منطقة < نوتنج هيل جيت >  .
وقد بدأت المطاعم العراقية تظهر في لندن حيث تجمعات الجالية القادمة من بغداد والبصرة ومدن أخرى . وينافس المطاعم العراقية الأخرى الإيرانية والتي يقبل عليها أهل الخليج خلال فصل الصيف وتدفق الزوار العرب على لندن وضواحيها .
تضم العاصمة البريطانية الحي الصيني الخلاب بأصناف الطعام الشهية والتي أصبحت من ملامح ظاهرة في كل مكان ببريطانيا ، فأينما ذهبت فهناك مكان يبيع الأكل الصيني بألوانه المتنوعة .
وتنافس المطاعم الصينية الأخرى الهندية ، فإذا كانت الأولى تهتم بالأطباق البحرية فإن الهندية غارقة في التوابل والكاري والتندوري ، حيث تفنن في صنع أطباق تثير الشهية باستمرار ويعشقها البريطانيون في كل مكان .
نتيجة للتعدد الجميل في لندن بالذات فهناك المطاعم الإيطالية الراقية في منطقة نايتس بريدج بجوار محلات هارودز الشهيرة . وهذه المطاعم منتشرة وتحمل أسماء إيطالية معروفة لدى المترددين على المنطقة التي تتسم بالثراء الواضح .
منطقة الماي فير بدورها جاذبة للمطاعم الإيطالية المنتشرة حتى ساحة البيكاديللي المعروفة . وهناك أيضاً عشرات المطاعم ذات الشهرة والنكهة الفرنسية وثقافة طعام مرتبط بالذوق الفرنسي الرفيع وتقاليده المعروفة الجاذبة للبريطانيين وزوار لندن .
وقد بدأت المطاعم اليابانية تقتحم منطقة الماي فير ، نتيجة زيادة أعداد السائحين والزوار والمقيمين اليابانيين في العاصمة البريطانية . وقد توسعت مطاعم تقدم < السوشي > الياباني  والأطباق الأخرى المرتبطة بالأصناف البحرية وتوجد مطاعم يابانية حديثة تقدم الوجبات الجاهزة وأصبح انتشارها واضحاً في شارع أوكسفورد وغيره من المناطق التجارية المزدحمة .
الطعام البريطاني محدود في أطباق معينة مثل البطاطس مع السمك ، بالإضافة أطباق أخرى على قمتها شرائح اللحم < الإستيك > .
لكن المطبخ الانجليزي لا يجد مكانه في المناطق الغنية والارستقراطية ، حيث سكان هذه الأحياء يفضلون الإيطالي والفرنسي أو اللبناني . والمطعم الانجليزي الراقي الوحيد موجود على ضفاف منطقة الكوفنت جاردن بالإضافة إلى آخر يلتصق بفندق سافوي الفاخر في شارع < ستراند > .
تشهد لندن زيادة حجم الكتب المنشورة التي تتناول وتشرح طريقة صُنع الأطباق المختلفة من موائد الطعام العالمية . هذه الكتابات تحقق الملايين لمؤلفيها نتيجة شغف اقتناء هذه الكتب والاطلاع على الجديد في عالم الطهي المثير . فكتاب ناجح في طهي الطعام لأسم معروف يبيع ملايين النسخ مع تحويل فقراته إلى برنامج لمحطة تليفزيونية .
وهناك نجوم على درجة عالية من الشهرة والثراء ومن النساء تلمع نايجيلا لوسون بطريقة تقديمها العصرية واسلوب حديثها في برامج تليفزيونية حيث تعد أطباقها التي تتناغم مع الموضة الجديدة بالاتعاد عن المواد الدسمة والتقليل من اللحوم الحمراء والتركيز على الخضروات والطعام الصحي .
وهذه الطاهية المشهورة هي إبنة وزير المالية البريطاني الأسبق نايجل لوسون الذي صنع معجزة مارجريت تاتشر الاقتصادي في بريطانيا منذ سنوات . وتنتمي الإبنة الناجحة إلى قوائم الأثرياء نتيجة مبيعات كتبها ونجاح برامجها التليفزيونية عن الطهي وأطباق تصممها للمعدة الحديثة . وقد عرضت نايجيلا لوسون مؤخراً منزلها للبيع بثمن 18 مليون جنيه استرليني وهذا يعطي فكرة عن مدى ثراء مشاهير الطهاة في بريطانيا ولا ينافسها في هذا المجال سوى جوردون رمزي .
ولدى رمزي مطعم فاخر داخل فندق < كلاريدجز > وهو من الطهاة المشهورين والأثرياء في بريطانيا .
واقتحم الساحة منذ سنوات جيمي أوليفر وهو صيحة مثيرة للغاية ويتعامل بجاذبية مع الطعام ويقدمه بطريقة تفتح الشهية ويوجه جمهوره نحو أشياء جديدة تماماً ويعتمد على الخضروات وطريقة تصنيع سريعة وسهلة ويشجع الشباب على طهي وجباتهم والاعتماد على الأسلوب الصحي وهجر الوجبات الجاهزة .
وهناك طهاة تقليديون متخصصون في الأطباق الإنجليزية غير الجذابة ، وعلى الرغم من ذلك يقبل عليها البريطانيون لحبهم لذوقها في الطهي وإن كان يتعارض مع رغبات الشباب .
لقد تحول الطهي إلى فن جميل وجذاب ومثير ، وهذا تطور ملحوظ جداً في بريطانيا . وعندما تدخل إلى مكتبة لبيع الكتب ستجد أن قسم الطبخ يحفل بمئات العناوين مع عشرات الكتب الجديدة التي تصدر تقريباً يومياً عن كيفية طهي اللحوم وتقديم الأطباق البحرية والاخرى المرتبطة بالأعشاب . وبالطبع هناك عدة أقسام عن العصائر والحلوى . فن الطهي تحول إلى تجارة رابحة ورائجة والمطابع تصدر العشرات من العناوين الجديدة لطهاة مشهورين وآخرين يجربون أنفسهم بدخول الساحة بأفكار مبتكرة للغاية .
وقد استطاع المطبخ الغربي تقنين طرق الطهي وتحديد المقادير والمعايير وكتابة طرق التجهيز والمواد المطلوبة وشرح خطوات الإعداد حتى يكتمل الطبق وتقديمه ووضعه على الطاولة بطريقة جذابة .
هذه الأشياء المرتبطة بالحرفة تم تحويلها إلى كتابات متداولة بينما المطبخ المصري لا يزال يقف عند كتاب < أبلة نظيرة > وغير قادر للوصول إلى المكانة الغربية ، مع أن الطعام المصري يملك تراثه الهائل من أطعمة تراكمت على مائدته استوعبت كافة الأصناف المطبوخة من تركية وإيطالية حتى المطبخ المغربي له حضوره في مصر كذلك الأطعمة الشامية والأخرى الهندية .
المطبخ المصري في منتهى الثراء فلا توجد أمة على وجه الارض تستطيع طهي حلة الملوخية بالتقلية كما يفعل المصريون ، بالإضافة طبعاً إلى الأطباق الرائعة في كالحمام المحشي بالفريك وكفتى داوود باشا والشركسية بالفراخ .
لكن الطهي المصري لا يزال في المرحلة الشفاهية ولم يسجل انجازاته في كتب يتداولها الناس كما يحدث بكثافة في بريطانيا والعواصم الغربية . وقد نجح اللبنايون في كتاب ألوان طعامهم وهناك كتب بالانجليزية عن المطبخ اللبناني والآخر التركي والثالث المغربي بينما المصري غائب عن هذه الساحة .
ولعل شابات متحمسات للطهي في مصر يستطعن كتابة المؤلفات عن الأطباق المصرية الشهية التي تحفل بها المائدة في وطننا .
وقد يحتاج هذا لشجاعة بدرجة ما لإعطاء الطهي والطهاة مكانة في مراتب المجتمع ، لأنهم هنا في بريطانيا على درجة عالية من التقدير الاجتماعي ويعتبر الناجحون منهم في مصاف الشخصيات المرموقة والمشهورة مثل جوردون رمزي  .
< لندن > بهذا الحشد من المطاعم تبدو وكأنها سوق للطعام والطهي وتقديم الوجبات الشهية بمختلف النكهات والتوابل . فهذا المهرجان الدائم للأكل على مدار الساعة . وتلك ثقافة تعبر عن تنوع وحب للطعام الجذاب تعكس حيوية وإقبال على الحياة فمعدة الشعوب وسلامتها وقدرتها على الهضم علامة على التحضر والصحة النفسية .

التعليقات