الحراك السياسي

01:37 مساءً EET

د. أسامة الغزالى حرب يكتب: .. ومعاناة الأطباء؟!

أعتقد أن فهمنا وإحاطتنا بمشكلة أو بكارثة هجرة الأطباء، بما تعنيه من استنزاف خطير لأحد أهم عناصر ثروتنا البشرية، وضياع لموارد بشرية ومادية هائلة،لا يكتمل إلا إذا قدرنا جيدا الجهد والطاقة التى يبذلها طالب الطب فى دراسته مقارنا بغيره من طلبة الكليات الأخرى! وأحب هنا عزيزى القارئ أن أحكى لك تجربتى الخاصة! ففى عام 1965 نجحنا، أنا وشقيقى صلاح (الذى يصغرنى بعام) فى الثانوية العامة، القسم العلمى، بمجموع 80% تقريبا. التحق صلاح – مع عدد كبير من أبناء دفعتنا- بكلية طب القاهرة، فى حين التحقت أنا بالاقتصاد والعلوم السياسية! ومنذ اليوم الأول لدراستنا الجامعية بدا الفارق بيننا واضحا! فطوال ست سنوات، كان مشهد صلاح هو..هو: يجلس واضعا أمامه كتابا لا تقل صفحاته عادة عن الألف صفحة، باللغة الإنجليزية، لساعات طويلة، يقرأ ويحفظ بلا ملل وبجانبه عظام جمجمة وهيكل بشرى! أما أنا فكانت مذاكرتى أيسر كثيرا، بحيث لا يمكن مقارنة ما كنت أبذله من جهد مع ماكان يبذله صلاح! وتخرجت أنا بعد أربع سنوات فى حين ظل صلاح غارقا فى كتبه ومذاكرته! كانت حالة صلاح نموذجا لحالة كل زملائنا الذين درسوا الطب! حقا، ظل صلاح فى مصر بعد أن عين معيدا بالكلية، أما معظم زملائه فقد تفرقوا سواء للعمل فى البلدان العربية أو مهاجرين فى أوروبا وأمريكا، هربا من رواتب هزيلة لا تتناسب أبدا مع مستواهم ومع جهدهم الذى بذلوه، خاصة مع ترحيب كل بلاد الدنيا بالطبيب المصرى، فهو أولا من بين زبدة خريجى الثانوية العامة، وهو ثانيا تلقى مستوى للتعليم الطبى يناظر ما يتلقاه أفضل طلاب الطب فى العالم! فكأن مصر، تعد خير أبنائها، وتعلمهم وتنفق عليهم… وتقدمهم هدية مجانية لكل بلاد الدنيا! إنها لحظة حاسمة لنعيد النظر فى التعامل مع الطبيب المصرى، بما يتناسب مع كفاءته، وبما يحفظ لمصر مواردها البشرية والمادية الهائلة!

التعليقات