مصر الكبرى

02:05 مساءً EET

أحمد فتحي الجميل: كل الطرق تؤدي بأن أبو الفتوح هو الحل

 
تهل علينا الانتخابات الرئاسية، في خضم الولادة القيصرية لثورة 25 يناير، وسط كل هذه الاحباطات والعواقب التي مرت علينا، ما زلنا في طريقنا لكي نصبح على الحلم الذي نتمناه، بانتخاب شخصية وطنية ولدت من رحم الثورة لتستكمل الثورة مسيرتها، وأعتقد بأن الأمر الآن في عنق زجاجة ما بين فسطاطين، فسطاط عودة الثورة، وفسطاط جلب الثورة المضادة.

فلماذا أبو الفتوح، ولماذا في هذا التوقيت بالذات ـ مكمن الموضوع بأننا فعلاً في فترة عصيبة، قمنا بتعقيدها بأيدينا، القوى الثورية، انقسمت لعدة فصائل منذ اللحظة الأولى التي تفرغ العسكر لانقسامها عقب رحيل مبارك، فكان الاستفتاء الذي زرع أول فتنة الاستقطاب الحادث إلى اليوم، مروراً بالمليونيات رفضها أو تشجيعها، والأحداث معها أو ضدها.
أرى أبو الفتوح المنقذ والتوافقي الفعلي في هذه الفترة الحلكة، فهو ذو خلفية إسلامية تسير مع المزاج العام للشعب المصري التي أظهرت نتيجته انتخابات البرلمان، وهو الشخصية المنفتحة على باقي التيارات السياسية من يمينها إلى يسارها، وهو حلماً للتيارات الوسطية لكي يعبر عنها، وهو ثائر في عين الحركات الثورية والاحتجاجية.
بالفعل نحتاج بأحد تجتمع فيه هذه الصفات لكي نوقف حالة الاستقطاب الليبروإسلامي الموجود في الوطن، فحتى لو تذرع الإسلاميين بأنهم يملكون الأرض والشارع معهم، فالتيارات الأخرى تملك الفضاء والإعلام معها، وحالة الصخب الإعلامي من الممكن أن تسخر في تغير الرضا الشعبي عن أي تيار، وبلسان حال التيار الإسلامي نفسه يجد بأن الأعلام لا يصنفه.
والوضع الراهن لا يحتمل أي مجازفة، في قدوم رئيس تابع للنظام القديم فيساعد في إفشال الثورة ويساعد الثورة المضادة ليعطيها قبلة الحياة من جديد فنستنخ مبارك بأشاكال مختلفة، أو يأتي رئيس إسلامي أو ليبرالي يوسع الهوة ما بين التيارات الأخرى فيزيد الصراع الفكري والأيدلوجي ما بين التيارات.
وتتحول الثورة لصراع قوى مابين تيارين نتيجة خسارة أحدهما لن تكن في صالح الوطن ككل، وسيخرج الفائز من المعركة منهك القوى من شدتها، فتخور قواه التي كان من المفترض أن يحتفظ بها ويوجها لنهضة الأمة.
فنصبح في مستنقع لا يصلح لتنمية وطن، وستتأصل جذور الصراع الفكري الموجود، ونهضة الأمة تحتاج إلى تكاتف الجميع خلف رجل واحد، ليعمل الجميع في تطوير والنهضة، يلزم على كل شركاء الوطن أن تشارك فيها، فلا أحد يتصور عقب ثورة بأن يشاهد ما يحدث من على دكة بالدلاء.
الصعوبات التنموية والاقتصادية القادمة يصعب على أي تيار أن يتحملها بمفرده، فالأغلبية اليوم ستكون نقمة عليك غداً إن قصرت في إطعامها أو فشلت في حفظ أمنها، فالصعوبات التي تحدق علينا في الأفق تمتلك جذور فساد دولة عسكرية استشرى فيها الفساد إلى الجذور، ومحاولة إصلاح أو استئصاله يحتاج إخلاص الجميع دون ضغينة، حيث إن وجدت الضغينة فسيصير كل حركة إصلاح لها مفهوم ظني يأول كلاً على حسب هواه.
فالإصلاح سيكون يد العبث التي ستأقلم أظفارالمعارضة كما تفهمها المعارضة من وجه نظرها، وكل حركة احتجاجية ضد فساد ستفسره الأغلبية بأنها احتجاج الخاسر في المعركة الانتخابية، وليس احتجاج عن فساد، وما شاهدناه في الفترة الانتقالية من سوء ظن شاهد على ما سيحدث في المستقبل.
وبذلك أرى الفساد هو الذي سيتسرب في خضم معركة الظنون ليبني جذوراً جديدة في النظام الإداري بالدولة المتشبع به، وتكون نهاية الثورة بأن يختار الشعب النظام القديم في خضم انتخابات رئاسية وحكومة جددية في الدورة التالية أو التي بعدها في أقصى ظرف.
ونكون بذلك نحن الطرف الثالث، نحن الذين نفذنا سيناريو الثورة المضادة، فالنظام القديم ليس بالغباء بأن يحارب الثورة إلا بزرع المؤامرات بين القوى، ويزيد حالة الاستقطاب الحاصل، لتكون النتيجة النهائية بأن يقوم الشعب ليلعن الثورة وحكوماتها ورئيسها التي قسمت البلد وأدخلتها في موجة صراع فكرية وتاهت أحلام النهضة والتنمية تحت عجلات الصراع.

نقلاً عن: الشروق
 

التعليقات