عرب وعالم
نيويورك تايمز: الاختراقات الإسرائيلية أدت إلى التضحية بأكثر الأسماء ثقلاً في #إيران
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن الأنشطة الإسرائيلية المكثّفة ضد إيران في الفترة الماضية، وسلسلة الإخفاقات الأمنية في طهران، أدت في النهاية إلى التضحية بأكثر الأسماء ثقلاً في إيران.
وقالت الصحيفة إن حسين طائب، رئيس دائرة الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني طيلة 12 عاماً، فقد وظيفته، في حين توالت أنباء عن اعتقال جنرال كبير في الحرس الثوري.
وأوضحت أن طائب كان مخيفاً في إيران، وبصفته رئيساً للمخابرات في الحرس الثوري، سحق المعارضة الداخلية والخصوم السياسيين، ووسع العمليات السرية خارج إيران لاستهداف المنشقين والأعداء في الخارج، حتى بدا أنه لا يمكن المساس به.
قلب التوازن
لكن كل هذه السطوة التي كان يتمتع به الرجل الإيراني القوي زالت بعد عزله فجأة من منصبه في الأسبوع الماضي.
وقال مسؤولون ومحلّلون إيرانيون وإسرائيلون إنه “ضحية لحملة اسرائيلية لا هوادة فيها لتقويض أمن إيران باستهداف مسؤوليها ومواقعها العسكرية”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين إسرائيليين قولهم إن “المحاولة الإيرانية الفاشلة لاستهداف إسرائيليين في تركيا، التي تسببت في أزمة دبلوماسية محرجة مع أنقرة، أدت في النهاية إلى قلب التوازن”.
بدوره، قال محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإصلاحي الإيراني الأسبق محمد خاتمي، للصحيفة: “كانت إقالة طائب اعترافاً من طهران بأن مواجهة التهديد من إسرائيل تتطلب قيادة جديدة وإعادة ضبط الإستراتيجيات والبروتوكولات”.
وأضاف أبطحي “الانتهاكات الأمنية داخل إيران، والنطاق الواسع لعمليات إسرائيل، قوّضت بالفعل أقوى منظمة استخباراتية لدينا. لطالما كانت قوة أمننا هي حجر الأساس في إيران، لكنها تضررت في العام الماضي”.
ونقلت الصحيفة عن مستشار للحكومة الإيرانية ومصدر آخر من الحرس الثوري، قولهما إنه تعرض في الآونة الأخيرة لضغوط واسعة لاقتلاع شبكة الجواسيس الإسرائيلية في إيران و”الرد الفوري”، الأمر الذي لم يحدث ما أدى إلى الإطاحة به.
اعتقال علي نصيري
وظهرت الدعوات لإقالة طائب وسط مناخ متزايد من الشك داخل القيادة الإيرانية بعد القبض على القائد رفيع المستوى في الحرس الثوري اللواء علي نصيري “سراً” بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وفق مصدر على صلة وثيقة بمسؤولين كبار في الحرس الثوري، وآخر على علم بالاعتقال.
وأوضح مسؤول إيراني مطلع على القضية، أن اعتقال نصيري جاء بعد شهرين من اعتقال العشرات من موظفي برنامج تطوير الصواريخ في وزارة الدفاع الإيرانية، لـ”الاشتباه في تسريب معلومات عسكرية سرية، بما في ذلك مخططات تصميم الصواريخ، إلى إسرائيل”.
وذكرت الصحيفة أنه خلال العام الماضي، كثفت إسرائيل هجماتها داخل إيران، بما في ذلك المواقع النووية والعسكرية التي كانت المؤسسة الاستخباراتية، برئاسة طائب، مسؤولة عن حمايتها.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين للصحيفة إن جزءاً من الإستراتيجية الاسرائيلية ينطوي على “كشف إخفاقات الحرس الثوري في حربه السرية ضد إسرائيل، على أمل أن تؤدي إلى صراع بين القادة السياسيين ومؤسسة الدفاع والاستخبارات”.
عقيدة الأخطبوط
من جهتها، قالت كيرين هغيوف، مستشارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في مقابلة مع الصحيفة الأمريكية، إن الاستراتيجية التي تستهدف إيران كانت جزءاً من “عقيدة الأخطبوط” التي ينتهجها رئيس الحكومة.
وأضافت أن هذه العقيدة “تُعد تحولاً استراتيجياً كبيراً عن السابق، عندما ركزت إسرائيل على مخالب إيران بالوكالة في المنطقة، في لبنان، وسوريا، وغزة”، معتبرة أن التكتيك الجديد كان “نقلة نوعية. والآن بتنا نستهدف القمة”.
ونفذ عملاء إسرائيليون اغتيالات بروبوتات مسيرة عن بعد، أو بإطلاق نار من سيارة، كما أطلقوا طائرات دون طيار على منشآت صاروخية ونووية حساسة، واختطفوا واستجوبوا عميلاً للحرس الثوري داخل إيران. كما تشتبه طهران في أن إسرائيل قتلت عالمين إرانيين في مايو (ايار) الماضي.
وأضافت الصحيفة أن اعتقال نصيري، والهجمات الإسرائيلية المتكررة، أثار قلق القيادة في طهران، ما دفع البعض إلى المطالبة باستقالة طائب أو إقالته.
لكن طائب “طلب عاماً آخر في منصبه لتصحيح الخروقات الأمنية”، وفقاً مصدر مرتبط بالحرس الثوري.
تركيا نقطة التحول
وبالتزامن مع التقارير عن خطط لاستهداف إسرائيليين في تركيا، قال مسؤول استخباراتي إسرائيلي للصحيفة إن بلاده أبلغت تركيا بالأمر، وشاركتها معلومات تظهر أن طائب كان وراء المؤامرة، بدعوى الانتقام لاغتيال العقيد في الحرس الثوري حسن صياد خدائي، في مايو (أيار) وسط طهران.
وكشفت وسائل إعلام تركية أن قوات الأمن اعتقلت خمسة إيرانيين وثلاثة أتراك يشتبه في تورطهم في المؤامرة، وصادرت مسدسين، وكاتم صوت، ووثائق ومواد رقمية، تحتوي على هويات وعناوين أفراد قيل إنهم مدرجون في القائمة المستهدفة.
وفي هذا الإطار، قال أوميد معماريان، الخبير الإيراني في منظمة “الديمقراطية للعالم العربي الآن”، إن “تركيا كانت نقطة التحول عند طائب. فقد جعلت إيران تبدو غير كفؤة وزادت ضعفها، وكان عليهم التخلص منه أخيراً”.
وبينما توقّع خبراء أن تشهد طهران المزيد من التعديلات في المناصب المهمة، قال حسين داليريان، المحلل المنتسب للحرس الثوري: “كان من الضروري بعد 13 عاماً، أن يكون لديك قائد بدم جديد لإدارة الأمور في المستقبل”، مرجحاً أن تصبح الأنشطة الأمنية والاستخباراتية “أقوى، وأن على أعداء إيران أن يتوقعوا المزيد من الضربات القاسية”.