مصر الكبرى
كيت وينسليت تعود مرة أخرى مع تيتانيك
قصة عاطفية تجدد نفسها على الشاشة بلغة التكنولوجيا
فيلم يؤكد أن الحب لا يموت أبداً والجمال لا ينزوي مع الزمن
كتبت – مروة فهمي : 
نجحت الممثلة كيت وينسليت في جذبنا إلى الشاشة ومتابعة قصة تيتانيك من خلال حكاية حب متأججة بينها وبين زميلها على الشاشة ليوناردو ديكابريو .
استطاع المخرج جيمس كاميرون تحويل الكارثة الإنسانية التي حدثت في محيط هائج ، إلى قصة حب تحدثنا عن التضحية والوفاء والأمل للحظة الأخيرة .
كان جميلاً العودة إلى ماجرى منذ مائة عام ، لا للبحث عن أسباب اصطدام السفينة العملاقة وغرقها في المحيط ، وإنما إلتقاط قصة حب بين شاب وفتاة جمعت بينهما هذه اللحظات في عمق المياه وكيف اندلع طوفان العاطفة بهذه الدرجة الملتهبة وسيطرت على الموقف كله .
حاول الحبيبان تحدي الكارثة والخروج منها بسلام ، لكن الامواج الجامحة عاندت هذه الرغبة ونجحت في انتزاع الشاب من أحضان فتاته التي حاولت انقاذه بلا جدوى . وقد لعبت كيت دورها الرائع بحساسية متدفقة غمرت شاشة السينما وتغلبت على أمواج المحيط والقدر اللعين .
جدد المخرج جيمس كاميرون قصص الحب الخالدة على الشاشة ، التي تندلع دائماً خلال مراحل صراع وأزمات . وقد شيد سفينة عملاقة ودفع بها إلى قلب الأمواج وعلى متنها آلاف البشر يعكسون على متنها رغبات وأحلام وآماني مجنحة ويترجمون في الوقت نفسه ما يحدث على الأرض من صراع واستقطاب بين أصحاب الأموال والآخرين الذين لا يملكون سوى أحلامهم وتطلعاتهم إلى حياة تغمرها العاطفة والحب .
الحبيبة في الفيلم تنتمي إلى طبقة الأثرياء والعاشق الشاب يحلم بالوصول إلى أمريكا أرض الفرص المتاحة أمام الجميع دون تمييز . عكس ديكابريو من خلال دوره أحلام الملايين في الخروج من الفقر والاضطهاد وكان طوق النجاة بالنسبة له هو عشق هذه الفتاة الجميلة والطيران بها في سماء الحلم ، لكن الأمواج خذلته وابتلعه المحيط ، ولم يبق سوى ذكراه ، التي انتقلت إلى فيلم جيمس كاميرون الجميل فتحقق لقصته الخلود .
والإنسان يمكن أن يقاوم الفناء ، فلا تزال في الذاكرة أسماء عالقة في أذهاننا رغم  انهم تركوا الحياة منذ قرون ، لكننا لا زلنا نستمع إلى موتسارت وبيتهوفن وندخل دور السينما لنشاهد أودري هيبورن وهي تتألق على الشاشة وتتجدد على الرغم انها غادرت عالمنا منذ سنوات طويلة فالجمال إذاً يتحدى الزوال .
استطاع المخرج نسج ملحمة إنسانية أولاً ولم يركز على تفاصيل الكارثة إلى بالقدر المانح  لقصة الحب المزيد من الإثارة والتشويق .
وقد تجمعت عوامل عديدة لإنجاح الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى في عام 1997 ، لكنه يعود مرة أخرى بطريقة التجسيم الجديدة ليضيف عدة أبعاد تطرحه أمام المشاهد في روعة وجمال مع تألق حضور كيت وينسليت الجذاب والذي ما زال في ذاكرة الفيلم كما هو دون أي تغيير .
إن فن السينما الساحة يكتسب تقنية جديدة . وقد ظهرت < كيت > بتألق والمزيد منه ، فهي إمرأة جميلة تقف امام ديكابريو بشموخ وكبرياء وعاطفة متدفقة نلمجها في نظرة العين وتعبيرات الوجه . فالممثلة تملك ملامح بسيطة جذابة تنفذ إلى المشاهد بمجرد اللقاء معها على سطح الشاشة .
يُعرض الفيلم مجدداً بهذه التقنية الجديدة في قاعات العرض البريطانية . ويتمكن الشريط السينمائي من إعادة حكاية الحب التي أصبحت خالدة في تاريخ السينما مثل فيلم  < ذهب مع الريح > الذي لا يزال يُمتع الأفئدة والعقول ويُلهب الخيال عن قصة حب عنيفة اندلعت خلال الحرب الأهلية الأمريكية .
في فيلم وينسليت لا توجد تلك الحرب ، وإنما صراع الإنسان مع الطبيعة ورغبته في الحياة . وإذا كانت المشاهد الأولى ذكرت مظاهر الانقسام الاجتماعي بين أغنياء وفقراء ، لكنها لم تقف عندها طويلاً لأن الحب عبر هذه التضاريس ونزلت الفتاة الغنية الجميلة إلى حيث يتجمع العمال المهاجرين الفقراء لترقص مع حبيبها على إيقاع موسيقى أيرلندية شعبية فجرت العاطفة التي فاضت من المشهد كله وتدفقت على المشاهدين ولا تزال تؤثر حتى الآن بهذا اللهيب الجميل في نغمات موسيقية ساخن ترسم صورة الحب في أعلى تجلياته .
اللوحة الراقصة التي صورها كاميرون بإبداع شديد تعتمد على التراث الأيرلندي ، وهو فياض بالمشاعر يمزج الحزن بالسعادة ويدفع إلى درجات عالية من العناق العاطفي لتأكيد أن الحب لا يعرف الفوارق الطبقية وهو الأقوى ، وأن الفتاة التي كانت تتخيل فتى أحلامها ، ظهر فجأة أمامها على ظهر سفينة تبحر في أمواج المحيط ومتجهة إلى الولايات المتحدة .
لقد تبض القلب بالحب على إيقاع الأمواج التي كانت تصطدم بالسفينة في أول لقا وهي ناعمة حالمة قبل أن تتحول إلى لحظة الغضب والتدمير .
وقد صممت الحبيبة على البقاء مع العاشق الشاب إلى الأبد وتحدي كل شئ ومنحته أنفاسها الرقيقة على أمل تسجيل هذا الحب و إنقاذ أنفسهما وكتابة قصة جديدة ، لكن الأمواج ابتعلت الشاب في أحضانها . ويعود المخرج جيمس كاميرون إلى التاريخ للبحث عن القصة وليقدمها بهذه الروعة فتستقر في أذهاننا وعواطفنا حتى الآن ، وتعود التقنية الحديثة بتقديم شريط الفيلم وهو مجسدداً بأبعاده الثلاثة على إيقاعات تكنولوجية ، فنرى كيت وينسليت بعد سنوات وهي لا تزال في رونقها الأول بالنضج الرائعة والحضور الجميل .
هذه الممثلة تملك حضورها المدهش وأناقتها المتميزة وترتدي خيوط الموضة الراقية والهادئة التي تبرز ملامحها بهذه الجاذبية التي تجعلها دائماً تخطف عدسات الكاميرات .
خلال افتتاح العرض في قاعة ألبرت هول جاءت كيت وينسليت لمشاهدة الفيلم الذي صنع مجدها وسجلها دائماً باعتبارها من جميلات السينما المعاصرة . وكأن تيتانيك الشريط السينمائي يتحدى بجمال كيت السنين والتجارب التي مرت بها من زواج فاشل وأفلام لم تحقق النجاح بالدرجة التي صنعها تيتانيك .
تابعت كيت وينسليت منذ ظهورها بجوار ليوناردو ديكابريو في فيلمهما المشترك ، وهي لا تزال بوهجها كما هو ، القادم من بساطتها وملامحها الجميلة التي تنجح في إقامة علاقة خاصة مع المشاهد عند رؤيتها للمرة الأولى .
مرت السنوات لكن كيت وينسليت عادت للأضواء مرة أخرى بلقطات لفيلمها الأول الذي يراه جمهوري العالم بلغة التقنية الحديثة < البُعد الثالث > .
إن السينما تجدد نفسها وتعيد عرض الأفلام الرائعة بهذه اللغة التي تجعل المتفرج كأنه في قلب الحدث تماماً .
يشاهد الجمهور البريطاني كيت وينسليت وهي تعود بعد سنوات لتطل من نافذة فيلمها الأول وهي بهذه الحيوية والتألق الشديد والقدرة على تجسيد المشهد السينمائي .
كيت وينسليت ممثلة موهوبة لكنها أيضاً قادرة على تبديل أدوارها وتغيير ملابسها الفنية . وقد شاهدتها في أكثر من فيلم بهذا الحضور والإبتسامة الرائعة والملامح البسيطة المعبرة .
لم تتمكن كيت من حضور حفل افتتاح فيلمها عندما عُرض للمرة الأولى منذ سنوات في لندن . وهي أيضاً لم تستطع مشاهدة الافتتاح الأمريكي ، لكنها الآن أصبح لديها فرصة رؤية نفسها على شاشة ضخمة في قاعة ألبرت هول وبعد انتهاء العرض صفق لها الجمهور بحماس وشاركه المخرج جيمس كاميرون .
وأعطت التكنولوجيا الحديثة ميزة للمتفرج إذ تحول وكأنه في قلب الأحداث كلها يعاني من ضربات الأمواج والأهم أنه أمام كيت وينسليت يتطلع ويتفاعل مع تعبيرات وجهها .
السينما تجدد نفسها وكيت وينسليت كما ظهرت أمام القاعة البريطانية التاريخية متجددة أيضاً ومنحتها الخبرة والأيام إضافات جديدة ، فالقلب يحب مرة أخرى والحياة تضحك والأيام تزدهر ومسيرة الفن تتألق ويعود فيلمها القديم ليرتدي الثوب الجديد ويظهر بهذه التقنية الرائعة ، التي أعادت كيت أو عدنا نحن إليها ولم تكن غائبة كل هذه السنوات ، بل حاضرة في صور فيلمها الخالد تيتانيك واللقطات الحية خصوصاً وهي في قلب الأمواج والرياح تعانق ديكابريو الحبيب الذي وجدته في الفيلم وابتلعته مياه المحيط ، لكن جيمس كاميرون المخرج الرائع أعاد تجسيد القصة وركز على الحب وليس الكارثة التي حدثت منذ مائة عام . فالحب يظل خالداً والعاطفة لا تموت .