عرب وعالم
الإمارات في المركز الأول عربياً في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار كورونا
حلت دولة الإمارات في المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء كورونا الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، لتقييم الإمكانات والمقومات التي تمتلكها الدول والتي تساعدها على تجاوز الأزمة والتعافي منها، وذلك بهدف تطوير سياسات فعالة للتعامل مع هذا التحدي، وبما يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق التعافي الكامل في القطاعات كافة.
وحسب نتائج المؤشر، التي تغطي 122 دولة، جاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية، مدعومة بالعديد من العوامل وعناصر القوة التي يأتي في مقدمتها النظام المؤسسي القوي، والقدرات الرقمية العالية لمختلف القطاعات، علاوة على ارتفاع المستوى التعليمي للسكان.
وانعكس الأداء القوي للدولة بمختلف مؤسساتها خلال التعامل مع الجائحة منذ بدايتها وحتى الآن على النتائج المتحققة، إذ جاءت الإمارات ضمن المراكز الـ25 الأولى عالميا في العديد من المؤشرات الفرعية بعدما حلت في المركز الخامس في مؤشر “المستوي الصحي للسكان”، والمركز 15 في مؤشر “قوة سوق العمل”، والمركز 17 في مؤشر “مستوى الدين”، والمركز 19 في مؤشر “الحوكمة ورأس المال الاجتماعي، والمركز 21 في مؤشر “الاقتصاد الرقمي”.
ووفق المؤشر لعب المستوى المرتفع للقدرات و الإمكانات الرقمية على الصعيدين المجتمعي والاقتصادي دوراً حاسماً في التخفيف من الآثار السلبية على الكثير من القطاعات كما سيكون لها دور كبير خلال مراحل التعافي وإعادة البناء.
وعلى الرغم مما صاحب بداية الأزمة من تأثيرات طالت كثيراً من دول العالم أكد التقرير أن الإمارات ودولاً مثل لوكسمبورغ وسنغافورة وإسرائيل ومالطا وأيرلندا أظهرت مرونة اقتصادية كبيرة تدعم من قدراتها على التعافي إلى جانب ما تتمتع به من نظم مؤسسية قوية، وبنية رقمية متطورة ونسب تعليم مرتفعة.
صحة السكان
وقال وزير الصحة ووقاية المجتمع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي عبدالرحمن بن محمد العويس، إن “تحقيق الإمارات المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشر “ملف صحة السكان” يترجم الجهود الحثيثة التي قامت بها حكومة الإمارات لمواجهة الجائحة العالمية واضعة في الاعتبار أن صحة السكان في الدولة هي الأولوية الأهم عملاً برؤية القيادة بأن الإنسان هو أساس التنمية ومحورها الرئيسي ويجب أن يكون معافى سليماً دائماً وذلك لضمان القيام بدوره في تنمية المجتمع واستدامة ازدهاره”.
وأضاف أن “تجربة الإمارات في التعامل مع كوفيد 19 استثنائية، وتختلف عن باقي الدول فهي تستفيد من تجارب الآخرين لكن لا تشبههم نظراً لاحتضان الدولة ما يقارب من 200 جنسية”، وأوضح أن الإمارات حققت استجابة متميزة لجائحة كورونا من خلال تنظيم الحملة الوطنية للتعقيم على مستوى الدولة، وإطلاق منصات للوقاية الصحية الإلكترونية، وتكثيف حملات التوعية والتباعد الجسدي، إضافة إلى تعزيز الجانب النفسي لدى المجتمع كما حققت الدولة صدارة عالمية في عدد الفحوصات الخاصة بكورونا بإنجازها ما يزيد على 10 ملايين فحص، متجاوزة بها العدد الإجمالي للسكان في الدولة، كما نجحت دولة الإمارات في الحد من تداعيات الجائحة من خلال تضافر الجهود وإطلاق العديد من المبادرات في مختلف القطاعات في مجال تكنولوجيا الرعاية الصحية والاستثمار الحكومي في تصنيع الأدوية واللقاحات لمواجهة الأوبئة، وإنشاء وحدات استجابة مرنة للاحتواء السريع للأوبئة المستقبلية، وتعزيز نظام إدارة سلسلة التوريد لتوفير المنتجات الطبية.
ونوه العويس إلى أنه “تم عقد الشراكات والتواصل مع أهم مراكز الأبحاث العالمية لدراسة أفضل الطرق وأسلمها للتغلب على هذه الجائحة و التركيز على التواصل المباشر مع الجمهور بصورة دورية من خلال الإحاطات الاعلامية لاطلاع المجتمع على أحدث التطورات وذلك بهدف تعزيز الشفافية والمسؤولية المجتمعية، وإنشاء منصات رقمية للصحة النفسية، والاعتماد على الروبوتات في المهام الطبية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في التقصي الوبائي، والعديد غيرها من الجهود الحثيثة التي قامت بها دولة الإمارات للحفاظ على مكاسبها في مختلف القطاعات في الصحة والاقتصاد والتعليم وغيرها”.
أسرع المتعافين
ومن جانبه، أكد وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري، أن “الإمارات ستكون أسرع المتعافين اقتصاديا من تداعيات الجائحة بفضل الاستراتيجية المتكاملة التي تبنتها الدولة للتعامل مع هذه المرحلة الاستثنائية حيث تم اعتماد مجموعة من المحفزات الاقتصادية الضخمة لدعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب حزم الدعم المالي والنقدي المخصص لتسريع وتيرة التعافي في مختلف القطاعات والأنشطة بما يضمن مساعدة كافة مكونات المنظومة الاقتصادية في الدولة”.
وأرجع ابن طوق عوامل القوة التي يتسم بها الاقتصاد الإماراتي إلى مجموعة كبيرة من العناصر التي تسهم في مجملها في عملية التعافي على مختلف المحاور بما يشمل التنوع الاقتصادي وقوة الأصول السيادية والاحتياطيات المالية المرتفعة للدولة موضحا أن التدابير الفعالة التي فرضتها الإمارات لاحتواء الوباء والسيطرة عليه بالاعتماد التكنولوجيا الحديثة أسهمت في فتح الاقتصاد سريعا بشكل تدريجي ما عزز من فرص الدولة في الوصول إلى التعافي التام في وقت قياسي.
سوق واعدة
وأكد عبدالله بن طوق أن “المرحلة القادمة ستشهد فرصا إضافية يمكن لرجال الأعمال والمستثمرين الاستفادة منها وهو ما تعكسه المؤشرات الإيجابية التي ترصد وتيرة التعافي الاقتصادي في الإمارات”، موضحاً أنه على الرغم من التحديات التي فرضتها الجائحة على مستوى العالم إلا الوضع الائتماني والمالي والنقدي في الدولة قوي للغاية ومستقر بفضل ضخامة الأصول المالية وتفوق البنية التحتية واللوجستية وتنوع العلاقات الاقتصادية للإمارات مع شتى دول العالم.
وأضاف إبن طوق أن “قرب انعقاد معرض “إكسبو” الدولي من شأنه خلق المزيد من الفرص التي ستسهم بدورها في دعم جهود التعافي محلياً وعالمياً”، مؤكداً أن جاذبية الإمارات كوجهة استثمارية رائدة تتزايد بفضل رؤية القيادة الرشيدة وعزمها الأكيد على دعم القطاع الاقتصادي بشكل قوي ليحقق عودة سريعة تعزز من موقعه في طليعة الاقتصادات المتعافية.
المستوى الصحي للسكان
وحصول الإمارات على المركز الخامس عالمياً في هذا المؤشر يعكس القفزات النوعية والإنجازات الملموسة التي حققها القطاع الصحي في الدولة طوال العقود الماضية، إذ نجحت المنظومة الصحية بفضل الدعم المتواصل من القيادة في تحقيق المراكز الأولى في العديد من مؤشرات التنافسية العالمية، خاصة أن القيادة في دولة الإمارات تولي أهمية كبيرة لنظام الرعاية الصحية، ما جعله محوراً رئيسياً في “رؤية الإمارات 2021” وواحداً من المؤشرات المهمة الهادفة إلى توفير خدمات صحية بمستوى عالمي للمواطنين والمقيمين على السواء.
واعتمدت الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 على تطبيق أعلى المعايير العالمية وترسيخ الجانب الوقائي في مقاربتها، فضلا عن تطوير جاهزية النظام الصحي للتعامل مع الأوبئة والمخاطر الصحية، وهو ما انعكس إيجاباً خلال تعامل المنظومة الصحية مع أزمة انتشار وباء كورونا إذ أظهرت مقدرة كبيرة في التعاطي مع الظروف الاستثنائية التي فرضتها الجائحة على العالم ونجحت بما تملكه من مقومات وإمكانات في صياغة استراتيجية متكاملة للتعامل مع الأزمة لتؤكد جدارتها وتحقق بالفعل نجاحات عدة جعلت من النموذج الإماراتي مثالا يحتذي إذ أجرت المؤسسات الصحية في الدولة عددا كبيرا من الفحوص المختبرية ما وضع الإمارات في صدارة دول العالم في عدد الفحوص مقارنة بالسكان.
وبفضل التطوير المستمر لبروتوكولات العلاج بالاعتماد على التقنيات المتقدمة وأحدث ما توصلت إليه الأبحاث العلمية، نجحت المنظومة الصحية في تحقيق نسب شفاء مرتفعة في مقابل نسب وفيات تعد من بين الأقل في العالم، وعلاوة على ذلك تشترك الدولة مع مجموعة من الشركاء الدوليين في تطوير عقار واعد لفيروس كورونا حيث قطعت المرحلة الثالثة من التجارب السريرة شوطاً كبيراً.
بنية رقمية
واستثمرت الإمارات منذ فترة طويلة في تطوير البنية التحتية الرقمية لمختلف القطاعات بهدف تسخير التكنولوجيا الحديثة في إدارة اقتصاد الدولة وخدماتها، وذلك انطلاقاً من إدراك الحكومة في الإمارات وقناعتها الراسخة بالتأثير الهائل لهذه التقنيات في رسم طريق المستقبل، حتى أصبحت جودة البنية التحتية الرقمية في الإمارات لا تقل عن جودة البنية التحتية التقليدية.
وخلال مسيرة التحول الذكي الذي شهدته الدولة في القطاعات كافة وعلى رأسها الاقتصاد والخدمات، تراكمت خبرات وأصول مادية وغير مادية عززت من قدرة الدولة على التعامل مع المواقف الصعبة والتحديات، بل وباتت قطاعات مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة محفزا مهما للتعافي الاقتصادي، فضلاً عن كونها ركيزة لصناعة المستقبل ومعيارا للتطور وتحقيق النمو الاقتصادي والارتقاء بالخدمات.
وخلال أزمة كورونا، استطاعت الإمارات في وقت قياسي تفعيل التحول الرقمي في مختلف القطاعات، بما يشمل التعليم والخدمات والصحة والعمل عن بعد في المجالات كافة وقد حدث هذا الانتقال بشكل سلس يكشف مدى جاهزية البنية التحتية الرقمية للدولة وقدرتها الفائقة على التعامل مع التحديات والظروف المفاجئة.
سوق عمل شابة
ويتمتع سوق العمل في الإمارات بسمات خاصة، فهو يضم حسب مسح أجرته الهيئة الاتحادية للتنافسية والاحصاء أكثر من 7 ملايين موظف وعامل خلال العام 2019، في حين تبلغ نسبة البطالة 2.2%، وهي نسبة منخفضة وفقا للمعايير الدولية ما يجعل دولة الإمارات تتمتع بمؤشر بطالة منخفض.
ويشكل الأفراد “النشيطون” في سن العمل (15 عاماً وأكثر) ما نسبته 82% من إجمالي السكان بالدولة، وهو ما يعني أن سوق العمل شابة للغاية، وقد ساهمت الأطر التشريعية والقانونية المتطورة في تعزيز جاذبية الدولة للمواهب، ما جعل الإمارات موطنا لنخبة من الكفاءات المؤهلة في شتى المجالات.
الحوكمة ورأس المال الاجتماعي
ويقيس هذا المؤشر ما يطلق عليه في مجال الاقتصاد “رأس المال غير الملموس”، والذي يشكل في معظم الدول الجزء الأكبر من إجمالي الثروات كونه يضم أصولا في غاية الأهمية والأثر مثل رأس المال البشري، والمهارات والقدرات النوعية التي تتمتع بها قوة العمل في المجتمع، ويندرج “رأس المال الاجتماعي” تحت هذه الفئة، وهو يشير إلى مستوى الثقة السائد بين أفراد المجتمع وقدرتهم على العمل معاً لتحقيق أهداف مشتركة، كما يشمل “الحوكمة” بوصفها الإدارة الرشيدة التي تقود الجهود الهادفة إلى تعزيز الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة.
وعلى مدار الأعوام السابقة ركزت الإمارات على مفهوم السعادة إدراكاً منها لقيمة رأس المال الاجتماعي ومدى تأثيره على إنتاجية الفرد والمجموعة، ما يعود بالنفع على مجمل العملية التنموية.
وفي السياق ذاته تبنت حكومة الإمارات أرقى معايير الحوكمة وخصصت لها فعاليات ومبادرات نوعية لتحفيز المؤسسات في القطاعات كافة على الالتزام بفكر الحوكمة كنهج أصيل في منظومة العمل.
ويتضح التأثير الإيجابي لهذا العامل بصورة واضحة خلال الفترة التي شهدت انتشار الوباء إذ شكل رأس المال البشري المتمثل في ثقة المجتمع والتزامه العامل الأهم في مرحلة التصدي للمرض، فضلا عن دوره المحوري في مرحلة التعافي على المديين القصير والطويل.
منهجية المؤشر
ويعد مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء كورونا، الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، وهي هيئة خبراء منبثقة عن الأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي وتتخذ من سويسرا مقرا لها، من أحدث التقارير التي تتناول هذه الأزمة بهدف تقديم طرح واف يناقش مخاطر الركود لفترة طويلة وكيفية صياغة استراتيجيات تلبي متطلبات المرحلة الراهنة وتمكن الدول في ذات الوقت من اتخاذ تدابير وإجراءات فعالة لتعزيز المرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية.
ويضم المؤشر 122 دولة تم اختيارها بناء على توافر البيانات، ويقوم المؤشر باستخدام مجموعة بيانات مصممة خصيصا لقياس ثلاثة محاور رئيسية هي مرونة النظام الصحي، وقدرة الدول على استيعاب الصدمة الاقتصادية، والمرونة الاقتصادية، ويتم قياس المحاور الرئيسية من خلال 15 محوراً فرعيا تحلل أداء كل دولة بالتفصيل باستخدام أكثر من 100 مؤشر.
وتعد مجموعة هورايزون مؤسسة بحثية تهدف إلى دعم جهود الانتقال نحو اقتصاد مستقبلي مستدام وشامل وقائم على التكنولوجيا عبر مجموعة محاور يأتي في مقدمتها الابتكار وتحقيق الشمول والمرونة الاقتصادية وتعزيز قدرات الشباب ورفع جاهزية القطاعات للاستعداد للمستقبل.