مصر الكبرى

08:39 صباحًا EET

إسلاميون فى أحضان الشيطان

بعد استبعاده من قائمة المرشحين لرئاسة الجمهورية بسبب جنسية والدته الأمريكية شن المحامى حازم صلاح أبو إسماعيل هجوما عنيفا على واشنطن، واتهمها بأنها تقود مؤامرة لإقصائه من الترشيح للرئاسة، بسبب كرهها للإسلام، وفى ميدان التحرير حيث اعتصم أنصاره كانوا يهتفون تسقط أمريكا الشيطان الأكبر.. وقال بعض خطباء السلفية أنهم سيرفعون رايات الإسلام فوق البيت الأبيض.

مساء الجمعة الماضى، وقبل ساعات من وصول وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للقاهرة، وصل أبو إسماعيل إلى ميدان التحرير، وهاجم المجلس العسكرى، وأعلن اعتصامه حتى إسقاط الإعلان الدستورى المكمل، ثم انصرف من التحرير، دون أن يعتصم، لكن الغريب أن لا أبو إسماعيل ولا أى من أنصاره، ولا الإخوان، ولا السلفيين، ولا الجماعة الإسلامية، ولا حزب الوسط تظاهر أى منهم ضد زيارة كلينتون لمصر، بل استقبلها الرئيس الإخوانى استقبالا حافلا، وسمع تعليماتها، وأكد على احترام معاهدة السلام، وعلى دولتين إسرائيلية وفلسطينية، عاصمتهما القدس.
حين يكون الإسلاميون فى المعارضة، لا يتظاهرون فى الغالب ضد حكامهم، لكنهم ينشطون فى التظاهر ضد إسرائيل، والشيطان الأكبر أمريكا، وغالبا ما يكون خطاب تحرير القدس والقضاء على أمريكا هو ما يلعبون به على أفئدة البسطاء، لكن حين تأتى ساعة الجد لا يتخلفون عن اللحاق بركب الشيطان ألكبر.
فى العراق، وبعد الاحتلال مباشرة شارك الحزب الإسلامى، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين فى حكومة شكلها المندوب السامى الأمريكى بول بريمر، أما الحكومة الإسلامية فى الخرطوم، فقد كانت أكثر الحكومات العربية إخلاصا فى تقديم معلومات عن تنظيم القاعدة للصديق الأمريكى، ولعبت حركة حماس التى تتولى الحكم فى غزة، دورا كبيرا فى حماية إسرائيل، فهى تطارد فصائل المقاومة الوطنية، وتمنع إطلاق أى صاروخ على إسرائيل، لأن مصلحة حماس فى تهدئة الأوضاع مع العدو!
هكذا يتبدل الإسلاميون وفقا لقواعد شرعية طبعا، فالضرورات تبيح المحظورات، حتى ولو كان النوم فى فراش الشيطان، وحيثما توجد المصلحة فثمة شرع الله، والشرع لا يمانع من الارتماء فى أحضان الشيطان الأمريكى، طالما فى ذلك مصلحة لهذا الحزب أو ذاك الفصيل الإسلامى.. لكن فى كل الأحوال سيسجل التاريخ أن عشرات الألاف ليس من بينهم إسلامى واحد قد تظاهروا أمام مقر إقامة وزيرة الخارجية الأمريكية فى القاهرة احتجاجا على تدخل واشنطن فى الشئون الداخلية المصرية.
قبل أن تصل كلينتون قال أحد مرافقيها لصحيفة الشروق القريبة من واشنطن والإخوان، أن هيلارى ستضغط على المصريين لاستكمال التحول الديمقراطى، وهى نفسها قالت أن دور الجيش المصري حماية الحدود وليس المشاركة فى العملية السياسية.
وفى مؤتمر صحفى عقب لقاء الرئيس الإخوانى قالت كلينتون أنها طلبت من الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي عقد لقاء بينهما دون وساطة أمريكية، وفى حين تعهد مرسي فى التحرير بالإفراج عن عمر عبد الرحمن المحبوس فى أمريكا، لم يأت خلال لقائه كلينتون على سيرة عبد الرحمن.
هكذا يرتمى الإسلاميون فى أحضان الشيطان الأكبر، وهكذا يكتشف المواطنون البسطاء أنهم ليسوا أكثر من مفعول به فى يد الإسلاميين حتى يصلون للسلطة، ثم يتلقون التعليمات، ويأتمرون بالعم سام وبوزيرة خارجيته، وبمساعدها، وأى واحد يقول أنه متحدث باسم أى جهة أمريكية معلومة أو غير معلومة فى مصر.. لكن المهم أن عشرات الألاف قالوا لا لكلينتون ومرسي والإخوان والإسلاميين.. وبالطبع ملايين فى بيوتهم يؤيدون من تظاهروا، ويدينون التحالف غير المقدس بين الشيخ الرئيس وسيد البيت الأبيض.
mhamdy12@yahoo.com

التعليقات