مصر الكبرى

10:02 مساءً EET

هل يمكن اعتبار عبد المنعم أبو الفتوح مرشحا للثورة؟!

أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية في مصر عن تمنياته بأن يتولى منصب الرئاسة أحد مرشي الثورة, وليس واحدا من بقايا النظام القديم. وبعد استبعاد محمد البرادعي من الترشح للرئاسة, فماذا يقصد أبو الفنوح من هذا التصريح؟ من هو المرشح للرئاسة الآن الذي يمكن اعتباره ممثلا لثورة لشباب 25 يناير, والذي يتمني أبو الفتوح فوزه؟ من الطبيعي أن تكون إجابة أبو الفتوح على هذا السؤال, أنه هو نفسه هذا المرشح. فهل حقا يمكن اعتبار عبد المنعم أبو الفتوح ممثل تيار الإخوان المسلمين, ممثلا لثورة شباب مصر في 25 يناير؟
   يجب أولا الإعتراف بأن أبو الفتوح رجل ذكي, يدرك مدى رفض الشعب المصري لحكم الإخوان ويريد تحقيق هدفهم بطريقة غير استفزازية أو مكشوفة.  فهو يوحي للناس بأنه معارض لجملعة الإخوان, وفي لقاء له مع جريدة المصري اليوم في 21 أبريل, قال أبو الفتوح "أنا مستقيل من الجماعة منذ وقت إعلان الترشح, فقد قلت عندما أترشح للرئاسة سأستقيل من الجماعة". لكن أبو الفتوح لم يقل أنه – رغم استقالته من الجماعة – لا يزال يؤمن بمبادئها ويهدف إلى تحقيق أهدافها. بل إن اختلاف أبو الفتوح مع مع الجماعة هو مجرد اختلاف على أفضل الطرق لتمكين الإخوان من السيطرة على حكم مصر, عن طريق إخفاء الوجه القبيح والظهور بمظهر المعادي للجماعة أمام الناخبين.
   كلنا نعرف أن جماعة الإخوان منذ أن أسساها حسن البنا في 1928, لها هدف واحد ترغب في تحقيقه, ألا وهو إعادة دولة الخلافة التي سقطت في تركيا سنة 1924. فليس هناك إخواني واحد في أي مكان في العالم – يعارض الجماعة أو يؤيدها – لا يعتبر أن هدفه الرئيسي هو إقامة دولة إسلامية استعدادا لإعلان الخلافة. ورغم استقالة أبو الفتوح من الجماعة بسبب ترشحه – مثلما استقال الشاطر – فإن عبد المنعم لا يزال إخوانيا كما لا يزال الشاطر. فهل قامت ثورة 25 يناير لإقامة دولة إسلامية وإعادة الخلافة في مصر؟
   وعبد المنعم أبو الفتوح البالغ من العمر 61 عاما, كان أحد القيادات الطلابية لجماعات الإسلام السياسي منذ سبعينات القرن الماضي, اعتقله أنور السادات في 1981 بسبب معرضته لمعاهدة السلام , ثم حكم عليه بالسجن خمس سنوات في إحدى قضايا الإخوان عام 1991. كما تم اعتقاله في عهد الرئيس السابق لخمس سنوات بسبب نشاطه الإخواني, وبعد أن أصبح عضوا بمكتب الإرشاد منذ 1987. وبخلاف الفكر التقليدي لجماعة الإخوان الذي ينفر منه الناس, يعقد أبو الفتوح بإمكانية الحصول على تأييد الجماهير عن طريق الحوار مع الآخرين, كما يعتقد بأن الإستناد إلى المادة الثانية من دستور 1971  يكفي لتطبيق النظام الإسلامي, دون حاجة لإزعاج الناس بنصوص جديدة قد لا يرضوا عنها. فحول رغبة الإخوان في إقامة دولة إسلامية في مصر, قال أبو الفتوح لإذاعة البي بي سي في 11 يونيو 2011: "حينما تنص في المادة الثانية من الدستور (1971) على أن مبادئ الشريعة الإسلامية (هي) المصدر الرئيسي للتشريع, هذه مرجعية للشعب المصري ارتضاها بدستوره … أنا لا أوافق – ونحن كإخوان مسلمين – على فرض أي مرجعية". وهكذا عندما تحدث أبو الفتح للإذاعة البريطانية بعد شهر من تقديم استقالته من الجماعة, لا زال أبو الفتوح يعتبر نفسه واحد من الإخوان, ويرى أن المادة الثانية من الدستور القديم تدل على موافقة الشعب على إقامة دولة إسلامية.  
    ورغم أن شباب ميدان التحرير رفض فكرة الدولة الإسلامية مصرا على أن ثورته تهدف إلى بناء نظام ديموقراطي علماني, فإن أبو الفتوح يسير في ذات الطريق الذي صار عليه الإمام الخميني في إيران من قبل. فقد تحاولف الخميني في البداية مع ششباب الثورة ضد الشاه, وعندما تمكن من السيطرة على الموقف قام بفرض النظام الاسلامي بعد ذلك. فعندما قام الطلاب الإيرانيون بالثورة على حكم الشاه رضا بهلوي سنة 1978, كانت أهافهم هي نفس أهداف ثوار القاهرة, تحقيق الديموقراطية والعدالة, وكان الطلاب الثائرين من الماركسيين الشيوعيين وجماعة مجاهدي خلق. لكن آية الله الخوميني الذي كان عندئذ خارج البلاد, أعلن تأييده لثورة الطلاب ودعمه لمطالبهم, كما طلب من أتباعه من الإسلاميين الإنضمام إلى حركة الطلاب المعادية للشاه. وبعد أن قامت الأجهزة الأمنية بقمع المظاهرات بالقوة وأعلن الشاه الأحكام العرفية, نظم الطلاب مظاهرات مليونية في ديسمبر انتشرت في جميع أنحاء البلاد, وطالب الإسلاميون زعيمهم الخوميني بأن يعود من باريس لقيادة الثورة في طهران. وعندما غادر الشاه بلاده في يناير 1979, عاد الخوميني إلى طهران في بداية الشهر التالي حيث استقبلته جماهير الثوار استقبال الأبطال. ورغم ما قاله الخميني عند عودته من رغبته في ترك الحياة السياسية والإعتكاف في مدينة قم المقدسة, سرعان ما أعلن آية الله قيام الدولة الإسلامية في إيران بعد شهرين فقط من نجاح الثورة المعادية للشاه. وبعد أن سيطر رجاله على زمام الأمور في البلاد, لم يقبل الخميني بتعدد الأحزاب وقام بتصفية الشباب الذين قاموا بالثورة في البداية باعتبارهم أعداء الله.  
   لهذا رحبت السلطات الإيرانية بثورة الشباب في ميدان التحرير بالقاهرة منذ بدايتها, وشبهها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية – آية الله علي خامنئي – بالزلزال الذي يجتث "موظفي الولايات المتحدة من القادة العرب". وقال خامنئي في خطبة الجمعة في 4 فبراير 2011 الماضي: لقد استغرقت الشعوب الإسلامية وقتا حتى تتمكن من محاكاة التجربة الإيرانية, لكن السياسات الإيرانية الثابتة المناوئة للولايات المتحدة أثارت إعجاب الكثيرين من الشعوب المقهورة في العالم, وقد أثبت الثوار في مصر وتونس أن الثورة الإسلامية صارت مثلا يحتذى به".

التعليقات