الحراك السياسي
علماء مصر بالخارج عن «30 يونيو»: بنت جسور الثقة وأحيت الحس الوطني
من رحم ثورة 30 يونيو ولدت وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، واستهلت عملها بالتنقيب عن العلماء المصريين بالخارج من أجل الاستفادة من خبراتهم في بناء “مصر الجديدة”، والمشاركة في عملية التنمية التي شهدتها ولا تزال الدولة في كافة المجالات.
علماء مصر بالخارج، تحدثوا في الذكرى السادسة للثورة، عن تأثير 30 يونيو على المصريين بالخارج عامة، وعلمائها بشكل خاص، خاصة مع رعاية الدولة لمؤتمرات “مصر تستطيع” بنسخها الثلاث، والاهتمام بالاستفادة من العقول المهاجرة.
تشكيل الوجدان
في البداية، قال المهندس حسين فهمي – استشاري إدارة الأعمال ونظم المعلومات بفيينا – إن ثورة 30 يونيو ساهمت في تشكيل وجدان المصريين في الخارج بشكل عام، لما كان لهم من دور محوري وفعال في دعم مصر وشعبها وإرادتها في تلك الفترة التاريخية.
وأضاف: “تشكل ذلك الاهتمام بعد الثورة من خلال إعطاء ملف الاستفادة بالخبرات المصرية بالخارج، وذلك من خلال مؤتمرات مصر تستطيع المختلفة والتي أتيح للدولة من خلالها ليس فقط التعرف، ولكن الاستفادة قدر الإمكان من تلك الخبرات”.
استراتيجية 2030
وأشار استشاري إدارة الأعمال، إلى أنه تم الاستفادة من توصيات مؤتمر مصر تستطيع بنسخه الثلاث في مجالات عدة، من خلال تواصل الخبراء مع الوزارات المعنية، مضيفًا: “رأينا على سبيل المثال تضمين تلك التوصيات في استراتيجية الدولة لعام 2030 وإنشاء امتداد لمستشفى د. مجدي يعقوب بأسوان والإعلان عن برنامج الفضاء المصري”.
أما فيما يتعلق بإدارة نظم المعلومات، يرى “فهمي”، أنه تم الاستفادة من التوصيات من خلال اللقاءات التي تمت مع ممثلين عن الهيئات المعنية، كما يتم الاستعانة لتقديم الاستشارات لتنفيذ بعض مشاريع تطوير أداء نظم المعلومات والخدمات الإلكترونية، لافتا إلى أن هناك دائما فرصة للمزيد من الاستفادة طالما كان التواصل والمتابعة مستمرة، كما سيركز المؤتمر القادم لمصر تستطيع على قضايا التعليم.
مصر تستطيع
وبشأن الاهتمام بالشباب، أوضح استشاري إدارة الأعمال ونظم المعلومات بفيينا، أنه أتيح للخبرات من الشباب التواجد في منتدى شباب العالم على سبيل المثال، وكانوا خير سفراء للمصريين المقيمين بالخارج داخل المنتدى، ولم يقتصر الأمر على نوعية محددة من الخبراء، متابعًا: “رأينا مصر تستطيع بالتاء المربوطة والذي أعطى اهتماما خاصة بالمرأة المصرية الناجحة بالخارج”.
واختتم حديثه قائلاً: “أعتقد أن كل ذلك يؤكد أن مصر تستطيع أن تعظم الاستفادة من خبرائها وعلمائها بالخارج، وأن عملية الاستفادة لم تصبح عشوائية، ولكن تم وضع آلية لها من خلال وزارة الهجرة وتعاونها مع الوزارات المعنية في ذلك الشأن”.
إحياء الحس الوطني
أما د.عبد الحليم عمر، أستاذ هندسة النقل في جامعة كارلتون، أحد أهم أساتذة هندسة النقل في كندا والعالم، وأحد العلماء المشاركين في مؤتمر “مصر تستطيع 1″، يقول إن ثورة 30 يونيو 2013 ساهمت في إحياء الحس الوطني والإحساس بالمسئولية من العلماء المصريين بالخارج تجاه وطنهم الأم في شتى القطاعات، ليجتمعوا تحت مظلة “حب الوطن”.
وأشار “عمر”، إلى أن الثورة مثلت قفزة نوعية في الاتصال بالخبراء والعلماء المصريين بالخارج، خاصة مع اهتمام القيادة السياسية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي ببناء دولة عصرية والاستفادة من أبنائها بالداخل والخارج قبل الاستعانة بالخبرة الأجنبية.
وأضاف: “عبر الرئيس عن هذه الرؤية باهتمامه الشخصي في تبني مؤتمرات مصر تستطيع، ولقائه مع هؤلاء العلماء عقب كل مؤتمر، والاستماع إلى آرائهم واقتراحاتهم التي يقدمونها لخدمة وطنهم، وبالتالي أصبح هناك سباق بين أبناء مصر في الخارج للمشاركة في وتلبية النداء دون تردد”.
جذب العقول المهاجرة
وتابع أستاذ هندسة النقل: “الاتصال بين مصر وأبنائها في الخارج لم ينقطع إلا فترة قصيرة بين يناير 2011 ويونيو 2013، وعلى الرغم من ذلك لم يتردد أبناؤها في تلبية نداء الوطن وقدموا المساعدة وتعاونوا في كثير من الميادين”.
أستاذ هندسة النقل في جامعة كارلتون، يشير إلى أن عودة وزارة الهجرة عقب ثورة 30 يونيو برئاسة السفيرة نبيلة مكرم، كان له دور هام في جذب العقول المصرية المهاجرة مرة أخرى لتقديم العون والخبرة لمصر، واستطاعت بالفعل من تحقيق ذلك بعقد المؤتمرات في المجالات المختلفة، ولم يقتصر الأمر على مجرد طرح أفكارهم ولكن البدء في تنفيذها على أرض الواقع.
إعادة جسور الثقة
أستاذ التخطيط وإدارة الموارد المائية بجامعة الخليج العربي بمملكة البحرين د. علاء صادق، يؤكد أن ثورة ٣٠ يونيو ساهمت في بناء جسور الثقة الحقيقية وللمرة الأولى بين الدولة المصرية وعلمائها في الخارج، موضحا أن الثورة ساهمت في الاهتمام بالعلماء المصريين في الخارج من خلال مؤتمرات مصر تستطيع، وقد أظهرت الدولة تقديرها للعلم والعلماء بتنظيم وزارة الهجرة لسلسة مؤتمرات مصر تستطيع.
وأكد “صادق”، أن رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي لمؤتمرات مصر تستطيع، خطوة مهمة جدًا وغير مسبوقة من مصر في استقطاب العقول المصرية المهاجرة، كما أن العلماء المصريين بالخارج مرتبطون بمصر جداً، ويعتبر هذا المؤتمر الأول من نوعه والذي تنظمه الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الهجرة والتي تنظم المؤتمر على أعلى مستوى وبنجاح منقطع النظير، مما كان له صدى على المستويين الإقليمي والدولي.
حق الأجيال القادمة
وأضاف أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية، أن الدولة بدأت بالفعل الاهتمام بما يقوله العلماء، والدليل على ذلك إنشاء مركز المياه والطاقة والغذاء بالتعاون مع العديد من وزارات ومؤسسات الدولة التي أبدت اهتمامًا كبيرًا بهذا المفهوم لتحقيق الأمن المائي والغذائي في مصر.
وأوضح: “في هذا المركز، يتم ترجمة وتوظيف نتائج البحث العلمي لخدمة المجتمع لسد الفجوة الغذائية، وتحقيق التنمية المستدامة من خلال مشروع متكامل للمياه والطاقة والغذاء، عن طريق استخدام الطاقة المتجددة وتحديدًا الشمسية في تحلية المياه المالحة لاستخدامها في الري، وتقليل استنزاف المياه الجوفية، مما يساعد على استدامتها والمحافظة على حق الأجيال القادمة في هذا المورد الطبيعي، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ورفع مستوى دخل الفرد فيها”.
واختتم حديثه قائلاً: “في الحقيقة، مصر لديها الكثير من المهنيين الذين يتمتعون بالكفاءات في مجالات المياه والطاقة والزراعة، بالإضافة إلى الكثير من أدوات دعم القرار لتأمين التوجه في السياسات القائمة على العلوم والمعرفة”.