آراء حرة
أحمد أبوزيد يكتب: منتدى #أسوان والتكامل العربي الإفريقي
تتلألأ أسوان استعدادًا لاحتضان منتدى الشباب العربي الإفريقي، السبت المقبل، فعاصمة الشباب الأفريقي محظوظة حاليا باستضافة ما يمكن أن نسميه النسخة الثالثة من فعاليات تلك المنصة العالمية التي أطلقها مجموعة من الشباب المصري الواعد وحظيت منذ اليوم الأول برعاية منقطعة النظير من مؤسسة الرئاسة المصرية، بعد نجاح منتدى شباب العالم 2017 و2018 على التوالي، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها قادة المستقبل العرب والأفارقة جنبا إلى جنب في محفل هام يركز على التكامل بين المنطقتين العربية والأفريقية.
حظيت أسوان باهتمام بالغ من جانب المسؤولين التنفيذيين منذ اختيارها عاصمة للشباب الأفريقي في ختام منتدى شباب العالم العام الماضي، فالمدينة السياحية الهادئة في أقصى الجنوب، تتزين بما يليق بمكانتها كعاصمة للشباب الأفريقي، وذلك في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي وفرت مظلة جديدة لتنمية أقصى الصعيد المصري، فضلا عن اعطاء دفعة قوية للشباب الصعيدي في مصر ليكونوا سفراء لوطنهم سواء من خلال المشاركة في المنتدى أو بمساهماتهم المتنوعة ومبادراتهم في نجاح هذا العرس العربي الأفريقي، فمنذ اعلانها عاصمة شبابية، لم تتوقف المبادرات الشبابية في أسوان، التي تكاملت مع جهود خلية نحل وزارية تضم اللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار واللواء أحمد إبراهيم محافظ أسوان لمتابعة الاستعدادات الجارية والوصول بها لأفضل صورة تليق باسم مصر ومكانة أسوان كأحد الوجهات السياحية الأشهر في العالم.
ليس من المبالغة القول بأن مصر وهي قلب العرب النابض وبوابة أفريقيا إلى المستقبل، ستنجح كعادتها في اظهار مكانتها الاقليمية الرائدة خلال هذا المنتدى الهام، ولكن الأهم ما ستطرحه جلسات هذا المنتدى من رؤى وأفكار تخاطب اهتمامات وشواغل الشباب العربي والافريقي الذي يمثل اغلبية سكان المنطقتين، فمصر نجحت في تقديم نفسها كنموذج يحتذى به في الاستقرار والتنمية لبقية المنطقة العربية والأفريقية، تتولى أيضا مسؤولية رئاسة الاتحاد الأفريقي، ومنوط بها دائما التعبير عن مصالح وتطلعات شعوب ودول القارة الأفريقية، وبحكم موقعها الفريد في المنظومة العربية، اصبحت هي حلقة الوصل الطبيعية بين العرب والأفارقة، ومن ثم جاء اختيار محاور المنتدى وموضوعات موائده المستديرة، مثل المائدة المستديرة بعنوان: “وادي النيل ممر للتكامل الإفريقي والعربي”، وكذا مناقشة قضايا الساعة لمواكبة طبيعة التغيرات المؤثرة على الشباب الافريقي وفرصه في التمكين الاقتصادي والعلمي حيث تناقش الجلسات أثر التكنولوجيا المالية والابتكار على أفريقيا والمنطقة العربية، ودعم ريادة الأعمال، ومستقبل البحث العلمي والتعليم وخدمات الرعاية الصحية في المنطقتين العربية والأفريقية، جنبا إلى جنب مع القضايا السياسية والأمنية الهامة وسيما بالتركيز على تجمع الساحل والصحراء الذي يضم دولا عربية وأفريقية هامة.
لقد ناضل الزعماء التاريخيون العرب والأفارقة من أجل نيل الاستقلال عن الاستعمار الأجنبي فكان نضال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر حركة تحريرية ألهمت الزعماء الأفارقة أمثال الزعيم الغاني كوامي نكروما وغيره، لتحرير القارة من الاستعمار. واليوم ونحن أمام تحدي التنمية والاستقرار والأمن، يجدد الشباب المصري والعربي والأفريقي العهد على مواصلة مواجهة التحديات المشتركة، وهي التحديات التي لم يعد بمقدور أي دولة المواجهة المنفردة معها، وسيما تلك التحديات العابرة للحدود، مثل الاتجار في البشر والاضطرابات السياسية والأمنية، والارهاب، فضلا عن الاستفادة من فرص التنمية المشتركة وتوجهات السلام في العديد من الاقاليم الافريقية وخاصة منطقة حوض النيل والقرن الأفريقي. إن العلاقات العربية الأفريقية بحاجة إلى تجديد شامل وضخ دماء جديدة قادرة على مواجهة تغلغل القوى الاقليمية غير العربية في أفريقيا بما يضر بمصالح العرب لدى القارة، فأفريقيا تمثل موردا زراعيا أساسيا لدول الخليج، وعمقا استراتيجيا للمنطقة العربية، ومنبعا للمياه بالنسبة لمصر والسودان، فضلا عن الروابط الدينية والثقافية والتاريخية. إن ما نرصده كباحثين من تغلغل إيران وتركيا وإسرائيل في القارة الأفريقية له انعكاسات خطيرة على الأمن القومي العربي، وبعد هام من مواجهة هذا التحدي هو تعزيز العلاقات الشعبية بين العرب والأفارقة وخاصة بين اجيال الشباب العربي والأفريقي، ولذا فإن منتدى الشباب العربي الأفريقي في أسوان خطوة طال انتظارها في هذا الطريق وانطلاقة جديدة نحو مزيد من التفاهم العربي الأفريقي وتأسيس للتكامل بين الجانبين بما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في تحقيق نجاحات نوعية للرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي.