آراء حرة

07:37 مساءً EET

الرئاسة المصرية للإتحاد الإفريقي

“ماذا يمكن أن تقدم مصر للقارة خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي 2019؟”، سؤال شغلنا بعد إعلان انتخاب مصر بالإجماع لرئاسة الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية الحادية والثلاثين لعام 2019، وذلك تقديرًا لدورها الريادي في القارة الأفريقية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تٌعد فرصة ذهبية لتدعيم وترسيخ مكانة مصر الأفريقية.

وفي هذا الصدد هناك 3 اتجاهات في تحديد أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي، الاتجاه الأول يرى أن مصر ستواصل دورها في وضع قضايا السلم والأمن على رأس الأولويات، ولعل ذلك ما عبر عنه وزير الخارجية سامح شكري بوضوح في أكثر من مناسبة، ويرى انصار الاتجاه الثاني أن الاقتصاد سيقود القاطرة المصرية في أفريقيا، من خلال دعم مشروعات التنمية المشتركة ومبادرات خاصة بتعزيز التبادل التجاري والربط البري والبحري والسككي والكهربائي بين الدول الأفريقية، أما الاتجاه الثالث فيركز على المساهمة التي يمكن ان تقدمها مصر في تطوير الاتحاد الأفريقي على المستوى التنظيمي.

الخبرة الدبلوماسية المصرية دفعت متخذ القرار إلى تقديم نموذج يمزج بذكاء بين الخيارات الثلاثة، فالرئاسة المصرية لن تنشغل في اهدار كل مجهودها في محاولة تسوية صراعات ممتدة خلال فترة رئاستها المحدودة، ولن تكتفي بإطلاق مبادرات اقتصادية جديدة في ضوء نجاحها في ذلك بالفعل قبل أن تتولى رئاسة الاتحاد، كما انها ستحتاج في كل الأحوال إلى تطوير النظم والآليات التنظيمية والتنفيذية للاتحاد لتحقيق مبادراتها.

وحسبما أعلنت وزارة الخارجية المصرية فقد ووضعت مصر في هذا الإطار حزمة من الأولويات في العديد من المجالات ومن بينها «السلم والأمن» حيث ستعمل على تعزيز الأليات الأفريقية لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، تاسيس واطلاق مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في مصر عام ٢٠١٩، دعم جهود الاتحاد الأفريقي في استكمال منظومة السلم والأمن وإصلاح مجلس السلم والأمن الأفريقي وتعزيز التعاون القاري لدخر الإرهاب وتجفيف منابع التطرف الفكري.

كما ستعمل مصر خلال رئاستها للاتحاد على دفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة في النزاعات بالاضافة إلى إطلاق منتدى رفيع المستوى منتدى اسوان للسلام والتنمية المستدامة. كما أعلنت القاهرة أن أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي سوف تركز كذلك على محور التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال السعى لتوفير فرص العمل الكريم وتعظيم العائد من الشباب الافريقى، تطوير منظومة التصنيع الافريقية وسلاسل القيمة المضافة الاقليمية، تطوير المنظومة الزراعية الافريقية والتوسع في مشروعات الثروة السمكية بما يسهم في تحقيق الامن الغذائى.

وتتضمن كذلك التكامل الاقتصادي والاندماج الاقليمى حيث ستركز مصر على الاسراع بدخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ خلال فترة الرئاسة المصرية للاتحاد وكذلك العمل على دعم تنفيذ مشروعات البنية التحتية في افريقيا للمساهمة في تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الاقليمى وتعزيز التجارة البينية.

وفى الوقت نفسه سوف تضع الرئاسة المصرية في صدارة أولوياتها تعزيز التعاون بين الاتحاد الافريقى وشركاء التنمية والسلام الدوليين والاقليميين والمحليين.

وتضع مصر كذلك ضمن أولوياتها مواصلة عملية الاصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد وتعزيز قدرات التجمعات الاقتصادية الأقليمية باعتبارها اللبنات الأساسية للجماعة الاقتصادية الأفريقية، بالإضافة إلى تطوير نظام متكامل لتقييم الاداء والمحاسبة وتعزيز الشفافية .

وعلى المستوى الاقتصادي، جاءت تحركات الدولة المصرية في هذا الاطار وخاصة خلال العام 2018 بما يمهد لقيادتها لدفعة العمل الاقتصادي المشترك على مستوى القارة، حيث استضافت القاهرة وشرم الشيخ العديد من المنتديات والمؤتمرات والمعارض والاجتماعات الوزارية الأفريقية، استهدفت كلها دفع عملية التبادل التجاري، والتعاون الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية، وكان من أبرزها منتدى أفريقيا الاستثماري بشرم الشيخ، ومعرض الصادرات الأفريقية بالقاهرة، واجتماعات وزراء التجارة والطاقة الأفارقة.

أعلن الرئيس السيسي مبادرة في نوفمبر 2018 في إطار الاستعداد لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، توفير 100 منحة عسكرية للدول الأفريقية خلال عام 2019.

وجدد الرئيس من مبادراته الاقتصادية في أفريقيا خلال استضافة مدينة شرم الشيخ مؤتمر الاستثمار الأفريقي في ديسمبر 2018، لوضع خارطة طريق للتعاون الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة.

وتحركت المؤسسات المصرية مثل اللجنة الدائمة لمتابعة العلاقات المصرية الأفريقية التي تأسست بناء على قرار رئيس الوزراء بهدف تنسيق جهود مختلف الوزارات، بالإضافة لموافقة مجلس الوزراء على الترخيص لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بالاشتراك مع عدد من الجهات الوطنية، في تأسيس شركة مساهمة باسم (الشركة الوطنية المصرية للاستثمار الأفريقي)، كخطوة مهمة نحو زيادة معدلات التجارة والاستثمار بين مصر ودول القارة الأفريقية، وبما يفتح مجالات رحبة لتسويق المنتجات المصرية في الأسواق الأفريقية.

وسيكون مطلوب من مصر بكل تأكيد المساهمة في تطوير الاتحاد على المستوى التنظيمي، ودعم القدرات العسكرية المستقلة للاتحاد الأفريقي، للتدخل الايجابي في الصراعات، وتحاول مصر من خلال رئاستها تقديم افكار ورؤى تساهم في تطوير عمل الاتحاد وايضا في معالجة القضايا المنظورة، ومنها قضية الارهاب على رأسهم وايضا أزمات الدول ومنها الازمة الليبية ودورها بشكل عام في معالجة القضايا السياسية كذلك التنمية الاقتصادية في القارة.

وأكدت حركة السياسة الخارجية المصرية، في الفترة الأخيرة الأهمية التي توليها مصر لقارة أفريقيا على العديد من المستويات، خاصة في إطار انفتاح مصر على القارة، وحرصها على مواصلة تعزيز علاقاتها بدولها في كل المجالات، وتكثيف التواصل والتنسيق مع القادة الأفارقة، وهو اتجاه مرشح للتصاعد خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي 2019

التعليقات