عرب وعالم

01:03 مساءً EET

الباحث مايكل روبن: #أردوغان سيواجه مصير الرئيس الفنزويلي #نيكولاس_مادورو ‎

قال الباحث مايكل روبن، المستشار السابق للبنتاغون، إن بقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم عقداً آخر سيقود تركيا إلى انهيار اقتصادي على نحو ما تعانيه فنزويلا، لافتاً إلى أنه إذا قرر الأتراك اتباع الطريق الذي مهده الفنزويليون لاستعادة الديمقراطية وحكم القانون، فإن أردوغان سيواجه مصير الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يضغط عليه المجتمع الدولي للتنحي عن السلطة.

وأشار روبن، في مقال بصحيفة “واشنطن إكزامينر”، إلى أن دولاً قليلة دافعت عن مادورو بعد رفضه التنحي في نهاية فترة رئاسته الشهر الماضي.

ويطالب مادورو بولاية ثانية بناءً على نتائج انتخابات 20 مايو (أيار) الماضي، لكن معظم المراقبين داخل فنزويلا وخارجها، رفضوا تلك الاستطلاعات باعتبارها معيبة وباطلة.

ومنع مادورو، بطريقة أو بأخرى، معظم أحزاب المعارضة من تحديه، ولذلك امتنعت غالبية الفنزويليين عن التصويت، ويعني ذلك من الناحية الدستورية أن تختار الجمعية الوطنية في فنزويلا رئيساً مؤقتاً لاختيار خليفته، وبالفع اختير خوان غوايدو، رئيس الجمعية الوطنية، واعترفت به الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وعدد متزايد من بلدان أمريكا اللاتينية، باعتباره حاكماً شرعياً للبلاد.

ولكن لاتزال دول مثل الصين، وروسيا، وايران، وكوبا، وكوريا الشمالية، وتركيا تدعم نظام مادورو، وبحسب روبن، فإن تأييد الدول الشيوعية والديكتاتوريات المعادية للغرب لمادورو ليس مفاجئاً، فروسيا وإيران لا تهتمان بأن فنزويلا على حافة مجاعة، وأن ملايين الفنزويليين يفرون إلى كولومبيا المجاورة، ولكنهما تلتمسان العذر لأي نظام حكم يعادي الغرب.

ويقول روبن: “يدعم الزعيم الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الأعلى الإيراني على خامنئي نظام مادورو في فنزويلاً للأسباب نفسها التي دفعتهما إلى دعم نظام بشار الأسد في سوريا، وإذا سُمح للشعب الفنزويلي بالمشاركة برأيه فإن أي قاعدة عسكرية روسية ستكون خارج النقاش”.

ويصف الباحث دعم أردوغان لنظام مادورو بـ”إيديولوجي” في البداية، فتوطدت العلاقة المشتركة بين الرئيسيين بالزيارات المتبادلة، وترسخت العلاقة على كراهيتهما المتبادلة لنفوذ الولايات المتحدة، والهيمنة الليبرالية الغربية على النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.

وتبنى مادورو وأردوغان الإيديولوجيات التي سعت إلى تغيير جذور ثقافات ومجتمعات بلادهم بشكل أساسي، فتطلع مادورو إلى ثمار الثورة البوليفارية الاشتراكية التي بدأها الرئيس الراحل هوغو تشافير الذي كان مادورو نائبه. أما المشروع المعلن لأردوغان فهو إعادة إحياء تدين المجتمع التركي، ولكن ليس على طريقة الإسلام الأناضولي التقليدي، ولكن على نهج الإخوان الإرهابيين. وروجت وسائل الإعلام التركية التي يهيمن عليها أردوغان هاشتاغ “نحن مع مادورو”.

ويرى الباحث أن خوف أردوغان من سابقيه يدفعه مرة أخرى إلى تأييد أسوأ ديكتاتوريات العالم، ولايزال أردوغان يستنكر دعم واشنطن الرسمي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خاصةً لأن أردوغان كان يتقاسم مع الإخواني المعزول محمد مرسي الإيديولوجية نفسها.

وانطلقت شرارة الأزمة الحالية في فنزويلا من الرفض المحلي والدولي للاعتراف بالانتخابات المعيبة في ظل قمع الحكومة للمعارضة وتزوير الاقتراع. وتشابهت في ذلك مع أردوغان الذي استخدم الأدوات والتكتيكات نفسها، التي اعتمدها تشافيز والآن مادورو، للتلاعب بالانتخابات، ويظهر الأمر بشدة في اعتقال قادة المعارضة الأتراك مثل صلاح الدين دميرطاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والذي يتمتع بشخصية كاريزمية.

ورغم سيطرة أردوغان على تركيا منذ قرابة خمسة عشر عاماً، وتحقيق الاقتصاد التركي بعض النجاح في البداية بفضل الإصلاحات الاقتصادية، يقترب الاقتصاد التركي الآن من حافة الهاوية، تراجعت العملة التركية إلى أدنى مستوياتها، وصنفت شركات الاستثمار الخارجية السندات التركية باعتبارها “عالية المخاطر” أو “غير مرغوب فيها”، ولم يعد القانون ينطبق على الاستثمارات في تركيا، إذ يصادر أردوغان ويفرض الضرائب على ممتلكات المنافسين السياسيين.

ويقول الباحث: “ربما تبدو حالة تركيا الآن أفضل من فنزويلا في الوقت الراهن، ولكن بقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم عقداً آخر من الزمن سيقود تركيا إلى الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه فنزويلا اليوم. بيد أن ثمة العديد من الأسباب التي تجعل المعارضة التركية عاجزة عن اتخاذ موقف مشابه لما حدث في فنزويلا”.

ويوضح الباحث أن غوايدو، الذي يواجه مادورو، منافس شاب وجريء ويملك كاريزما، وعلى النقيض من ذلك فإن المعارضة تحتضر في تركيا، فقوانين الأحزاب السياسية التركية تجعل كل حزب ديكتاتورية يقودها زعماء الحزب دون خوف من المساءلة إذا فشلوا في تحقيق أهداف حركاتهم.

فعلى سبيل المثال، يفتقر دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية التركي إلى الكاريزما، وقاد حزبه إلى سلسلة من الهزائم الانتخابية، وللتعويض عن فشله في تحقيق أي انتصارات في استطلاعات الرأي، تحالف مع أردوغان، وتخلى عن أي سلطة واكتفى بالفضلات التي يرميها له أردوغان.

وربما يكون كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكثر عقلانية ولكنه يواجه سلسلة إخفاقات كبرى، ولأنه في السبعين من عمره، يصعب عليه حشد الأتراك مثل الزعماء الشباب، وكما هو الحال مع بهجلي، أصبح منشغلاً جدا بالسلطة داخل حزبه ومنفصلاً عن المجتمع التركي الأوسع.

أما ميرال أكسنر التي انفصلت عن حزب الحركة القومية لتشكيل حزب الخير، فخيبت الآمال أيضاً في استطلاعات الرأي، وتلعب بشكل متزايد دور المعارضة الموالية. وفي الوقت نفسه، نجح أردوغان في تقويض حزب الشعب الديمقراطي، باعتقال زعيمه صلاح الدين دميرتاش، ورغم جميع البيانات الصحفية التي أصدرها الحزب لم يتمكن أعضاء حزب الشعب الديمقراطي من تنظيم احتجاجات في الشوارع بأعداد كبيرة.

يعتقد الباحث أنه إذا تمكنت الأحزاب السياسية التركية من احتضان جيل جديد من الزعماء، فإن إرثهم لن يكون الفشل الدائم في الانتخابات، وستوفر الأسباب التي تجعل أردوغان يشعر بالخوف، وإذا كان الأتراك مستعدون للنزول إلى الشارع لمواجهة الانتهاكات التي يعاني منها، كما فعل في أحداث ميدان جيزي 2013، فإنهم على الأرجح سيكتسبون زخماً من شأنه أن يجبر أردوغان على مواجهة مستقبله.

ويختتم الباحث قائلاً: “يستمتع أردوغان الآن بضعف المعارضة، ولكنه محق في الشعور بالقلق، لأنه إذا قرر الأتراك اتباع الطريق الذي مهده الفنزويليون لاستعادة الديمقراطية وحكم القانون، فإن أردوغان سيواجه مصير مادورو، ويجد نفسه فجأة وحيداً، بعد أن تخلى عنه الحلفاء الدوليون”.

التعليقات