الحراك السياسي
#الكويت تحتفل غدا بمرور 13 عاما على مسيرة العطاء المستمرة للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
شھد یوم 29 ینایر 2006 لحظة مھمة في تاریخ الكویت الحدیث مع تولي حضرة صاحب السمو الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقالید الحكم في البلاد.
ومع احتفال الكویتیین غدا الثلاثاء بمرور 13 عاما على تولي سموه منصب الحاكم ال15 لدولة الكویت یشاركھم العالم ھذا الاحتفال لما قام ویقوم بھ سمو الامیر البلاد من دور كبیر في خدمة القضایا الإنسانیة وتقدیم المساعدات للمحتاجین وحل الخلافات بین الأشقاء.
ویدرك المتابع لدور الكویت السیاسي إقلیمیا وعالمیا نجاح سیاسة سمو الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح الدبلوماسیة في نصرة القضایا العادلة للشعوب وحمایة الدولة من أي تأثیر یھدد كیانھا والوصول بھا إلى بر الأمان في ظل محیط مضطرب بالمشاكل والتھدیدات.
لقد حظي سموه بتأیید شعبي ورسمي كبیر وتمت مبایعتھ بالإجماع من قبل أعضاء السلطتین التنفیذیة والتشریعیة في 29 ینایر 2006 لیصبح أول أمیر منذ عام 1965 یؤدي الیمین الدستوریة أمام مجلس الأمة.
وسمو الشیخ صباح الأحمد ھو الابن الرابع لامیر الكویت الراحل الشیخ أحمد الجابر الصباح الذي توسم في نجلھ الفطنة والذكاء منذ صغر سنھ فأدخلھ المدرسة المباركیة ومن ثم أوفده إلى بعض الدول ولاسیما الأجنبیة منھا للدراسة واكتساب الخبرات والمھارات السیاسیة التي ساعدتھ في ممارسة العمل بالشأن العام منذ أن عین بادئ الأمر عام 1954 عضوا في اللجنة التنفیذیة العلیا التي عھد إلیھا آنذاك مھمة تنظیم مصالح الحكومة ودوائرھا الرسمیة.
وبدأت مسیرة سموه في العطاء منذ عام 1955 مع تولیھ منصب رئیس دائرة الشؤون الاجتماعیة والعمل فقد عمل على تنظیم العلاقة بین العمال وأصحاب العمل خصوصا في ظل تدفق الھجرات الخارجیة من الدول العربیة والأجنبیة للعمل في الكویت واستحداث مراكز التدریب الفني والمھني للشباب ورعایة الطفولة والأمومة والمسنین وذوي الاحتیاجات الخاصة وتشجیع قیام الجمعیات النسائیة والاھتمام بالریاضة وإنشاء الأندیة الریاضیة.
وأولى سموه اھتماما بالفنون وعلى رأسھا المسرح فقد أنشأ أول مركز لرعایة الفنون الشعبیة في الكویت عام 1956 وفي عام 1957 أضیفت الى مھام سموه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر إذ عمل على إصدار الجریدة الرسمیة للكویت (الكویت الیوم) وتم إنشاء مطبعة الحكومة لتلبیة احتیاجاتھا من المطبوعات ووقتھا تم إصدار مجلة (العربي).
وأبدى سمو الشیخ صباح الأحمد اھتماما بارزا بإحیاء التراث العربي وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القدیمة وتشكیل لجنة خاصة لمشروع (كتابة تاریخ الكویت) وإصدار قانون المطبوعات والنشر الذي كان لھ دور ممیز في ان تحقق الصحافة الكویتیة مكانة مرموقة بین مثیلاتھا في الدول العربیة لما تتصف بھ من حریة واتزان.
وبعد استقلال دولة الكویت عام 1961 عین سموه عضوا في المجلس التأسیسي الذي عھدت إلیھ مھمة وضع دستور البلاد ثم عین في أول تشكیل وزاري عام 1962 وزیرا للارشاد والأنباء.
وفي 28 ینایر 1963 وبعد إجراء أول انتخابات تشریعیة لاختیار أعضاء مجلس الأمة عین سمو الشیخ صباح الأحمد وزیرا للخارجیة لتبدأ مسیرة سموه مع العمل السیاسي الخارجي والدبلوماسیة التي برع فیھا لیستحق عن جدارة لقب مھندس السیاسة الخارجیة الكویتیة وعمید الدبلوماسیین في العالم بعد أن قضى أربعین عاما على رأس تلك الوزارة المھمة قائدا لسفینتھا في أصعب الظروف والمواقف السیاسیة التي مرت على دولة الكویت.
ویستذكر الكویتیون بكل فخر الدور الكبیر لسمو الشیخ صباح الأحمد عندما كان وزیرا للخارجیة حین رفع سموه علم الكویت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولھا عضوا فیھا في 11 مایو 1963.
وسعى سموه منذ نحو 54 عاما سعیا دؤوبا على جمع الاشقاء وحل الخلافات عندما شارك في اللقاء الذي نظمتھ الأحزاب المتنافسة في الیمن مع ممثلي مصر والسعودیة لوضع حد للحرب الأھلیة ھناك والتي استأنفت اجتماعاتھا في الكویت في أغسطس 1966 وعندما تدھورت العلاقة بین الیمن الجنوبي والیمن الشمالي وبدأت الصدامات بینھما على الحدود المشتركة قام سموه بزیارة الى الدولتین في أكتوبر 1972 أثمرت توقیع اتفاقیة سلام بینھما.
وقام سموه في عام 1980 بوساطة ناجحة بین سلطنة عمان وجمھوریة الیمن الدیمقراطیة نتج عنھا توقیع اتفاقیة خاصة بإعلان المبادئ ومن ثم وجھ سموه الدعوة لوزیري خارجیة الدولتین لزیارة الكویت عام 1984 حیث اجتمع الطرفان على مائدة الحوار وتوصلا الى الإعلان عن انتھاء الحرب الإعلامیة بینھما واحترام حسن الجوار وإقامة علاقات دبلوماسیة.
ولعل ما رسمھ سمو الشیخ صباح الأحمد منذ نحو 5 عقود للسیاسة الخارجیة لدولة الكویت استطاع أن یتخطى بالكویت مراحل حرجة في تاریخھا من خلال انتھاج مبدأ التوازن في التعامل مع القضایا السیاسیة بأنواعھا ومن أبرزھا الحرب العراقیة الإیرانیة التي استمرت من عام 1980 حتى عام 1988 وما نتج عنھا من تداعیات أثرت على أمن الكویت واستقرارھا داخلیا وخارجیا.
وبذل سموه طوال سنوات قیادتھ لوزارة الخارجیة جھدا كبیرا في تعزیز وتنمیة علاقات الكویت الخارجیة مع مختلف دول العالم وخصوصا الدول الخمس دائمة العضویة في مجلس الأمن.
وشھدت البلاد نتیجة ذلك استقرارا في سیاستھا الخارجیة وثباتا اتضحت ثماره في الثاني من أغسطس عام 1990 عندما وقف العالم أجمع مناصرا للحق الكویتي في وجھ العدوان العراقي والذي أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فیھا العسكریة ضد العراق ما لم یسحب قواتھ من الكویت.
ونظرا إلى ما یتمتع بھ سموه من فطنة وذكاء وقدرة فائقة على تحمل المسؤولیة فقد أسندت إلى سموه العدید من المناصب إضافة الى منصب وزیر الخارجیة حیث عین وزیرا للإعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبرایر 1971 وحتى 3 فبرایر 1975 وفي 16 فبرایر 1978 عین نائبا لرئیس مجلس الوزراء وفي 4 مارس 1981 تسلم حقیبة الإعلام بالوكالة إضافة إلى وزارة الخارجیة حتى 9 فبرایر 1982.
وفي 3 مارس 1985 عین نائبا لرئیس مجلس الوزراء ووزیرا للخارجیة حتى 18 أكتوبر 1992 عندما تولى منصب النائب الأول لرئیس مجلس الوزراء ووزیر الخارجیة وفي 14 فبرایر 2001 أسندت إلى سموه مھمة تشكیل الحكومة الكویتیة بالنیابة عن ولي العھد ورئیس مجلس الوزراء آنذاك الأمیر الوالد الراحل الشیخ سعد العبدالله السالم الصباح طیب الله ثراه بسبب ظروفھ الصحیة وفي 13 یولیو 2003 صدر مرسوم أمیري بتعیین سمو الشیخ صباح الأحمد رئیسا لمجلس الوزراء.
ولم يقتصر نجاح سمو الأمير عند السياسة الخارجية فقط وإنما استمر هذا العطاء والنجاح عند توليه قيادة دفة السياسة الداخلية للبلاد فقد حرص منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء على تبني رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت تطول مختلف قطاعات الدولة وعلى رأسها القطاع الاقتصادي فقام سموه بتشجيع القطاع الخاص وفتح فرص العمل الحر أمام الشباب الذين يضعهم سموه في مقدمة اهتماماته ورعايته من خلال دعم المشروعات الصغيرة.
واستمر سموه في مسيرة العطاء رئيسا للحكومة الكويتية حتى يناير عام 2006 عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد وفقا للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964.
وانطلاقا من هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء ومن مبايعة أسرة آل الصباح عرض الأمر وفقا للدستور على مجلس الأمة الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير 2006 خصصت الأولى لمبايعة أعضاء مجلس الأمة لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أميرا للبلاد فيما خصصت الجلسة الثانية لتأدية سموه القسم الدستوري أمام المجلس بحضور جميع أعضاء مجلس الوزراء.
ومنذ ذلك اليوم التاريخي بدأت أسطر جديدة تكتب في تاريخ الكويت وفي مسيرة سموه في قيادة الوطن العزيز حيث استمر في تكريس رؤيته الثاقبة في الاهتمام بالاقتصاد لأنه عصب التنمية والتطور في أي مجتمع.
وعلى مدى 13 عاما من تولي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم شهدت البلاد نهضة تنموية شاملة مرتكزة على مجموعة من المشاريع الضخمة من أبرزها مدينة (صباح الأحمد البحرية) التي تعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملا ما يدل على تشجيع سموه على إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في المساهمة في تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد.
وخلال عام 2018 افتتح سمو الأمير عددا من المشاريع المهمة في البلاد من أبرزها (مركز عبدالله السالم الثقافي) و (مدينة الكويت لرياضة المحركات) و (مدينة الجهراء الطبية) و (مبنى الركاب الجديد) رقم (4) في مطار الكويت الدولي بالإضافة إلى تصدير أول شحنة نفط خفيف و (مستشفى جابر الأحمد).
ولم يغفل صاحب السمو عن إدراك أهمية بناء المجتمع الكويتي من الداخل والحفاظ على وحدته وتماسكه في ظل التحديات التي تعصف بالمنطقة من حين لآخر فكان التفجير الإرهابي الذي تعرض له مسجد الإمام الصادق في 26 يونيو 2015 أكبر دليل على تلاحم القيادة والشعب في الكويت في مشهد مهيب وقف له العالم إكبارا وتقديرا.
فبعد فترة قصيرة من وقوع حادث التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة 26 شهيدا وعشرات الجرحى سارع صاحب السمو أمير البلاد الى الحضور شخصيا الى موقع الحادث غير عابئ بالأخطار التي قد تحيط به أو تهدد سلامته ليطلق جملته الإنسانية الشهيرة (هذولا عيالي).
وخلال العام الماضي أمر سمو البلاد الشيخ صباح الأحمد وبلفتة إنسانية حانية بتسديد ديون الغارمين المحبوسين من مواطنين ومقيمين على نفقة سموه الخاصة بالإضافة إلى مكرمة مالية من نفقته الخاصة لصالح أبنائه اليتامى بمناسبة احتفالات البلاد بأعيادها الوطنية.
وعلى الصعيد الخارجي فقد تبوأت الكويت – نتيجة لسياسات صاحب السمو ورؤيته الحكيمة القائمة على تولي زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني – مركزا مرموقا بين دول العالم خلال السنوات العشر الماضية استحقت عليه أن يتم اختيارها من قبل الأمم المتحدة (مركزا للعمل الإنساني) وتسمية سمو الشيخ صباح الأحمد (قائدا للعمل الإنساني) خصوصا بعد أن استضافت الكويت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا لثلاث دورات متتالية على أرضها معلنة تبرعها السخي بمئات الملايين لإغاثة اللاجئين السوريين في دول الجوار لسوريا.
ولم تنس الكويت القضية الفلسطينية التي اعتبرتها قضيتها العربية الأولى منذ بدايتها وحتى اليوم فاستمر الدعم الكويتي للفلسطينيين وازدادت وتيرته في عهد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح .
ففي يناير 2009 أعلنت الكويت تبرعها ب 34 مليون دولار لمصلحة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تبعها في شهر مارس من العام ذاته تقديم الكويت مبلغ 200 مليون دولار للسلطة الفلسطينية تدفع على مدى 5 سنوات ضمن برنامج إعادة إعمار غزة وفي نوفمبر 2012 وقعت الكويت اتفاقية مع البنك الدولي تساهم بموجبها بمبلغ 50 مليون دولار لدعم البرنامج الفلسطيني للإصلاح والتنمية الذي يشرف عليه البنك.
واستضافت الكويت في عهد حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد (القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية) الأولى في يناير 2009 التي شهدت أول مبادرة تنموية عربية طرحها سمو أمير البلاد متمثلة بإنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره مليارا دولار تساهم الكويت فيه بحصة تبلغ 500 مليون دولار.
ولم يغب الوضع الإنساني العالمي عن اهتمام سموه فقد حرص على المشاركة في القمة الإنسانية العالمية التي استضافتها مدينة إسطنبول التركية خلال شهر مايو 2016 وأكد فيها سموه على أن القمة هي مؤشر واضح على تفاعل المنظمة الدولية والعالم بأسره مع التحديات الخطيرة التي يواجهها المجتمع الدولي.
كما شهد سموه في فبراير 2018 افتتاح (مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق) عقب تحرير مدن العراق من براثن مايسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي ووصلت قيمة التعهدات الدولية إلى 30 مليار دولار. ومازال سمو امير البلاد يحرص على مواصلة دوره الفاعل في حل الخلاف بين الأشقاء ورأب الصدع في البيت الخليجي الواحد وسط تأييد من الدول الشقيقة ودول العالم أجمع وخصوصا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عدا عن إعلان الكويت في أكثر من مناسبة ترحيبها باستضافة محادثات السلام بين الفرقاء اليمنيين.
لن تفي الكلمات حق سمو الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه في تسليط الضوء على مسيرته العطرة ورسمه للخطوط العريضة لمستقبل الكويت ضمن رؤية جديدة واضعا نصب عينه مستقبلا واعدا لأبنائها ومكانة متميزة بين دول العالم.