عرب وعالم
خبايا سجون #إيران: شتى أنواع التعذيب وتعريض السجناء للإعدام الوهمي
عاد إلى الواجهة مجدداً ملف معتقلي الرأي في إيران، لا سيما بعد أن تناول عدة نشطاء إيرانيين في مجال حقوق الإنسان في الأيام الأخيرة، خبر أم السجين الشاب، سينا قنبري، الذي قضى السنة الماضية في السجن.
ولا شك أن قائمة الصحافيين والنشطاء المدنيين والسياسيين، الذين اعتقلوا في السجون الإيرانية، وتعرضوا للتعذيب المعنوي والجسدي، تطول.
فحتى مَنْ نجا من الموت، لا يزال يعاني من الجروح النفسية والجسدية التي خلفتها تجربة الاعتقال.
وفي هذا السياق، روى الناشط والإعلامي الكردي، آزاد كريمي، الذي ذاق مرارة المعتقلات في إيران تجربته التي يصفها بـ”المريرة”.
1-لماذا سجنت في إيران؟
– “الحفاظ على الهوية القومية أو الدينية أو المذهبية في إيران يعتبر تهمة لا تغتفر وأنا بصفتي كردياً من جهة وسنياً من جهة أخرى، كنت أحمل منذ الولادة المسببات لدخول السجن، لا سيما أن النظام يستخدم وسائل قمع متشددة ضد أي نشاط للحفاظ على الهويات المختلفة، التي لا تخضع للهوية المعترف بها رسمياً من قبل السلطة، لذا اعتقلت في بادئ الأمر، لأنني كردي أولاً وسني ثانياً”.
“أول تجربة في المعتقل خضتها في مدينة “بوكان” بسبب تدريس اللغة الكردية في المناطق الكردية، وكعمل ثقافي للحافظ على لغة مكون من مكونات إيران، وهو الشعب الكردي، كنت ومدرس آخر نقوم بتدريس اللغة الكردية للشباب فاعتقلوني، ولفقوا لي حزمة من التهم، في مقدمتها “تعريض الأمن القومي الإيراني للخطر” و”التعاطف مع الأحزاب الكردية”.
وبعد تعرضي للتعذيب النفسي والجسدي في المعتقل نقلوني إلى سجن في مدينة أرومية، وبقيت هناك بضعة أشهر في زنزانة انفرادية، حيث مارست المخابرات شتى أنواع التعذيب، حتى أصيبت يدي اليسرى بالشلل بسبب الضرب الشديد عليها.
2-كم مرة اعتقلتك السلطات في إيران؟
تم اعتقالي ثلاث مرات، المرة الأولى في مدينة بوكان بتهمة تدريس اللغة الكردية، المرة الثانية في بلوشستان دون أن أعرف الأسباب حيث كنت في زيارة وكانت قوات الحرس الثوري وقتها هدمت مسجد “أبوحنيفة” للسنة البلوش، وكان من المقرر أن يقوم البلوش بمظاهرة احتجاجية ضد تخريب المسجد، فظنت المخابرات أنني دخلت المدينة للمشاركة في الاحتجاجات لذا اعتقلت عشوائياً.
وفي كل مرة كانوا ينقلونني إلى معتقل تابع لوزارة المخابرات، حيث أبقى فيه لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى عشرة أشهر دون محاكمة.
أما المرة الثالثة فكانت عام 2009 مع اندلاع الاحتجاجات التي عرفت بـ”الحركة الخضراء” ضد نتائج الانتخابات الرئاسية آنذاك، وكنت حينها في مدينة “سراوان” بمحافظة بلوشستان حيث تمّ اعتقالي برفقة عدد كبير ممن خرجوا إلى الشوارع، فأنا لم أكن مع الحركة الخضراء، ولكن عادة عندما تحصل اضطرابات تقوم أجهزة الأمن باستدعاء واعتقال الأشخاص الذين لهم سابقة اعتقال أو سجن، بسبب الأنشطة السياسية أو المدنية كإجراء استباقي للحؤول دون توسع رقعة الاحتجاجات، وقد كان اسمي مدرجاً في تلك القائمة دون مبرر قانوني.
3- أشرت في مقدمة حديثك إلى تعرضك للتعذيب في المعتقلات هل حقاً هناك عمليات تعذيب كما يقول المعارضون في سجون إيران؟
المتابع للشأن الإيراني يمكنه مشاهدة سلوك قوى الأمن في الشوارع مع الناس العاديين الذين لا أنشطة سياسية لهم، هناك الكثير من الصور والفيديوهات تظهر التعامل الوحشي لقوى الأمن مع المواطنين من قبيل الضرب المبرح في العلن وأمام عدسات التصوير، لأسباب تافهة، فما بالك في الزنازين المظلمة، وما يتعرض له السياسيون أو النشطاء المدنيون والحقوقيون، هناك جرائم كثيرة ارتكبت وقائمة الذين ماتوا تحت التعذيب طويلة جداً، كما أن شكاوى ذويهم لا تزال في المحاكم تنتظر الحكم دون جدوى، إذن التعذيب جزءُ لا يتجزأ من سلوك الأجهزة الأمنية للنظام بإيران.
وأضرب مثالاً على ذلك، الصحافية الإيرانية الكندية زهراء كاظمي التي توفيت تحت التعذيب في المعتقل والمدون الإيراني، ستار بهشتي، وقائمة أبناء القوميات من الكرد والعرب والبلوش والتركمان والترك الذين قضوا تحت التعذيب طويلة.
4- حسب تجربتك ما هي أساليب التعذيب التي تمارس في السجون الإيرانية؟
1- الزنازين الانفرادية نموذج صارخ للتعذيب والضغط على المعتقلين حيث يتم إبقاء السجين فيها عدة أشهر.
2-وضع السجين تحت الإضاءة القوية والشديدة بشكل مستمر ليل نهار.
3-حرمان السجين من أبسط الخدمات الصحية كالحمام والأكل المناسب والعلاج
4-تعرض السجين للإهانة والشتم والضرب أمام سائر السجناء بغية إذلاله
5-وضع السجين مكبل اليدين والرجلين وربطه بسرير خاص للتعذيب معروف بـ “سرير المعجزات” لأنه يسهل الاعتراف
6-ضرب الأماكن الحساسة بالجسم منها ضرب على الجهاز التناسلي أو التهديد بالاغتصاب.
7-تكبيل اليدين والرجلين معا لفترة طويلة حيث يبقي السجين منحنيا لأكثر من ثلاث أو أربع ساعات.
8- جلد السجين على ظهره وعلى باطن القدمين ما يسبب عجزه عن المشي أو النوم على ظهره لساعات عدة
9- تعريض السجناء للإعدام الوهمي حيث يقتاد السجين معصوب العينين إلى مكان مجهول ويقولون له سنقوم بإعدامك حالا وأحياناً يقتادوه إلى المشنقة ويضعون الحبل على عنقه بغية تخويفه.
وهناك أساليب تعذيب نفسية من قبيل ضرب باب الزنزانة بشدة في ساعات متأخرة من الليل، عندما يكون السجين نائما ليقفز مذعورا، ثم يقولون له إننا سنقتلك هنا ونشيع بأنك أقدمت على الانتحار، ولن يعرف أحد بالحقيقة.وهذا النوع من التعذيب مورس بحقي شخصيا كما أن يدي اليسرى أصيبت بشلل موضعي لفترة بسبب ربطها بالأغلال لفترة طويلة بشكل غير مريح، رغم أن المادة 38 من الدستور الإيراني تنص على أنه “يمنع أي نوع من التعذيب أو الحصول على المعلومات ولا يجوز إجبار الشخص على الشهادة أو الإقرار أو اليمين، ومثل هذه الشهادة أو الإقرار أو اليمين لا يعتد بها، وأن المخالف لهذه المادة يعاقب وفق القانون”، لكن النظام وأجهزته يعملون عكس هذا تماما.
5-هل ترى احتمال تحسين أوضاع السجناء وحقوق الإنسان في إيران؟
لا أريد أن أكون متشائما لكنني وبصراحة لا أرى أي أفق في ظل هذا النظام الذي لا يؤمن بحقوق الإنسان، والتجربة التي مرت بها الشعوب بإيران خلال أربعة عقود أثبتت أنه كلما طال عمر النظام تراجع إلى الوراء وهذا ما تأكد لنا منذ انتصار الثورة وثم نهاية الحرب العراقية الإيرانية حيث تم إعدام آلاف السجناء عام 1988 ثم جاء رفسنجاني ووعد بالانفتاح لكن شيئاً لم يتغير، بعده جاء الإصلاحيون وذهبوا دون جدوى واليوم الوضع أسوأ من السابق.
لن يتحسن الوضع طالما هذا النظام قائم وأعتقد أن الكثير من الإيرانين يوافقونني الرأي.
6- ماذا تفعل حالياً بعد هذه التجربة “المريرة” كما وصفتها؟
لقد حُرمت من أبسط الحقوق مثل حق التوظيف والعمل والدراسة العليا وظلت الأجهزة الأمنية تضايقني، حتى شعرت أنني خرجت من الزنزانة إلى سجن أكبر اسمه إيران، لذا فقررت الهروب من البلد وحالياً أنا وعائلتي خارج إيران في سلام وأمان.